رامي الحمدلله والتصور العملي في الدوحة

رامي الحمدلله والتصور العملي في الدوحة
كتب غازي مرتجى

منذ انتهاء مباحثات الدوحة الثنائية عادت التسريبات والتوقعات سيرتها الأولى وحاز "التصور العملي" على الترند الأعلى سُخرية على التواصل الاجتماعي فقد اكتشف "المختلفون" أنّ انهاء الانقسام بحاجة الى تصور عملي جديد ليتفق عليه المنقسمون .

ما رشح عن مباحثات الدوحة يُشير أنّ نتائج الاجتماع لا تبتعد عن كونها تفسير للماء بالماء ..  فأعادوا تكرار الجملة الأكثر تداولاً منذ سنوات خمس "تطبيق اتفاق القاهرة" .. وكأنّ المشكلة في الاتفاق لا بتفسيراته واجتهادات البعض في تفسيره وفقاً لمزاجهم .

رامي الحمدلله رئيس الحكومة الذي توافق عليه الطرفان ثم ما لبثوا أن وضعوا له "العصي" لإفشاله بدأ بتنفيذ "التصور العملي" ولم ينتظر جلسة الدوحة للتوافق عليه – فشكّلت حكومته اللجنة الادارية في الجلسة الاولى بعد تكليفه (10 يونيو 2014) ثم بدأ العدوان على غزة وتصارع الطرفان مرة أخرى بعدها ليُعلن في ابريل من العام 2015 تفاصيل اللجنة الادارية – القانونية وكيف ستعمل وصاغ تصوراً عملياً لتنفيذ ذلك دون النظر الى المبادرات التي أتخمت الشارع الفلسطيني واستند لاتفاق القاهرة الذي توافقت عليه كل فصائل العمل الوطني .

قلت لقيادات أحد الأطراف أنكم أفشلتم "رامي الحمدلله" الذي لو لم يتم افشاله وحوصرت حكومته (داخلياً) لنجح في تجاوز أكثر من 80 % من عقبات الانقسام – فكنت على دراية أنه وبعد انتهاء اللجنة الادارية القانونية من عملها بما يخص الموظفين المدنيين سيتم المطالبة بكون جهازي الشرطة والدفاع المدني  شق مدني لا شق أمني عسكري ليتبقى بعض التفاصيل الأمنية لأجهزة الأمن الأخرى لدى اللجنة الأمنية العليا التي ستتشكل بقرار عربي لاحقاً وفقا لاتفاق القاهرة ذائع الصيت- فأجابني هذا القيادي الكبير أنّ الحمدلله بالفعل يُريد الحل لكنه لا يحظى بأي "دعم" من الطرفين  .

الحمدلله الذي حوصرت حكومته في غزة بكامل أعضائها لم يرضخ لذلك ولم يتخذها "سبباً" لوقف قراره  بضرورة انهاء الانقسام بين شطري الوطن وتوحيد المؤسسات فصاغ مبادرة لتسلم معبر رفح قبل ان تُطلق الفصائل مبادرتها الأخيرة وتحدث مع "حماس" في غزة لتوافق على مبادرته التي كانت تضمن اعتماد موظفي المعبر ايضاً وقبلهم موظفي الصحة والتعليم في قانون اطلق عليه "الموظفون مقابل المعابر" وشكّل لجنة لذلك برئاسته وعضوية حسين الشيخ ونظمي مهنا   فعُرقلت مبادرته الى ان جاءت مبادرة الفصائل فواق عليها فوراً .. ورُفضت بعد ذلك أيضاً !

لم يكن رئيس الوزراء سببا يوماً في إفشال أي مبادرة بل تعامل بكل "مهنية ووطنية" مع كل الملفات وحاول بكل جهد حلحلة الجمود وابتكار حلول خلاّقة ليفاجئه تارة خطابات على منابر تزيد من حالة الخلاف وبيانات تُنشر دون علمه – وتارة أخرى حصار لوزرائه وتعامل سلبي مع جهوده .

ليس دفاعاً عن هذا الرجل بقدر ما هو تبيان للحقائق وتوضيح لها فكل الأزمات التي نتجت عن الانقسام طرق بابها رئيس الوزراء وفقاً لما نصّ عليه اتفاق القاهرة وتفاهمي الدوحة والشاطئ – عدا الملف الأمني الذي نص اتفاق القاهرة ذاته على إحالته للجنة أمنية عليا ترأسها مصر وتُشكل بقرار عربي .. لكن قرار الأطراف كان بضرورة الاستمرار بالانقسام وحرق الوقت أملاً بتحسين الشروط !