غزة : "تزييف الأموال والشيكات" نشاط غير شرعي والمواطن الضحية ..

غزة : "تزييف الأموال والشيكات" نشاط غير شرعي والمواطن الضحية ..
صورة من عملية ضبط سابقة للشرطة في غزة
غزة - خاص دنيا الوطن-من آلآء البرعي

يمُر بأزمة ماليّة خانقة ، فهو لم يتقاضى راتبه منذ شهور ، و مازالت طلبات أسرته المكونة من عشرة أفراد تتزايد يوماً بعد يوم ، ليلجئ إلى سوق السيارات وسط مدينة غزة ، عارضاً سيارته للبيع ، ليأتي أحدهم و يتفحص السيارة ليتأكد من خلوها من العيوب ، و لكن على عجل يطرح مبلغاً على ( محمد عبد الرحمن ) ( 42 عاماً ) يُقدر بـ 22ألف دولار ، ليوافق محمد و يتفق على نقل الملكية و التنازل بعد الحصول على المال مباشرة ، و ما إن تم التنازل و حصل محمد على المال ، ذهب لمحل الصرافة لتحويل بعض الأوراق إلى فئة الشيكل ، ليتفاجئ بأن 20 ورقة منها مُزيفة .  

يقول محمد عن الأوراق المزيفة التي تقضاها لـ " دنيا الوطن " : في بداية الأمر ، جاء الرجل و بكل ثقة يعرض أن يقوم بشراء السيارة مني بقيمة ال 19 ألف دولار أمريكي ، و مع الجدال الطويل و الذي استمر لأكثر من نصف ساعة ، استطعت رفع السعر ل 22 ألف دولار ، نظراً لحاجتي للمال في هذه الظروف الصعبة ".  

و يتابع :" عندما انتهينا من أوراق التنازل عن السيارة الخاصة بي ، و قام بدفع المبلغ المتفق عليه ، ذهبت لإحدى محلات الصرافة لأٌحول بعضاً منها من فئة الدولار إلى الشيكل الإسرائيلي ، و لكن تفاجات بأن قال لي صاحب محل الصرافة بأنها مزيفة ، مما جعلني أشعر بالصدمة و أني وقعتُ ضحية الإحتيال ". 

لجأ محمد إلى أقرب قسمٍ للشرطة ، ليبلغ عن الحادثة ، لإتخاذ الإجرارءات القانونيّة اللازمة  و القدرة على التعرف على  المشتبه به ، على حد تعبيره.

و يجدر الإشارة أنّه تم بدء التداول بالشيكل الإسرائيلي الجديد كعملة للفلسطينين  في 4 سبتمبر أيلول 1985، ولكن الانتقال النهائي للتعامل به كان في 1 يناير (كانون ثاني) 1986 ، و اسم العملة مكتوبة بالعربية على الأوراق المالية الإسرائيلية ، إذ أن اللغة العربية لغة رسمية في إسرائيل، وصورة كتابتها: "شيقل جديد" دائما بالمفرد ،  ويرمز له بالرمز ₪ المكون من الحروف العبرية ש وח إذ كانت الاختصار للاسم العبري .
 

 و يقع المواطن الفلسطيني استهدافا من قبل مزوري العملة ، مروراً بالتجار وسائقي الأجرة ،  و  في أغلب الأحيان لا يستطيع التفريق بين العملة المزورة والأصلية وذلك لدقة الطباعة وعدم وجود فروق في الملمس والشكل  ، و مع تنوع العملات المعتمدة في السوق الفلسطيني ، من (الدولار، الشيقل، الدينار) كثلاث عملات رئيسية، وزيادة استخدام الشيكات كأموال خاصة الآجلة منها، معرض لشتى الاستهدافات التزويرية والتلاعب المالي .

و بحسب نيابة غزة الجزئيّة فإن عام 2015  شهد تسجيل 51 قضية تداول عملة مزورة ، فيما شهد عام 2014 تسجيل 63 قضية تداول ، و أن عدد قضايا تداول العملات المزيّفة في تراجع منذ عام 2011، التي بلغ عدد القضايا حينها 86 حالة.

و يقول أحمد كلخ ، رئيس قسم التزييف والتزوير في المعمل الجنائي بوزارة الداخلية الفلسطينية  عن آلية التزوير المتبعة :" التقنية التكنولوجية مرتبطة بشكل كبير بتزايد عمليات التزوير، فتزوير الأوراق المالية و الشيكات باتت سهلة جداً في ظل توافر أجهزة الحاسوب عالية الدقة بالاضافة للطابعات الحديثة التي باتت توفر خدمات الطباعة الملونة على شتى أنواع الورق ".

و يتابع بقوله :" في حال توفر الحبر والأوراق تتم الطباعة بسهولة تامة ،  وتوافر أقلام الحبر القابلة للمحي والتي باتت متوافر بشكل كبير و التي استخدمت في تزوير الشيكات من خلال القدرة على تعديل مبلغ الشيك المرغوب دون ترك أي آثار تذكر ".

مؤكداً أنّ  جهات الاختصاص تسعى  لتطوير آليات الرصد والمتابعة لتلك الحالات الفردية للحد من تزايدها ونشر الثقافة لحماية الاقتصاد والنظام المصرفي و المالي لأن ضبط  أعداد كبيرة من فئة الدولار مزورة تستدعي الانتباه والتيقظ .

 و بحسب تقرير نشرهُ مركز الإحصاء الفلسطيني للعام 2015 فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل حسب تعريف منظمة العمل الدولية في فلسطين 326,100 شخص في الربع الأول 2015، بواقع 193,600 في قطاع غزة، 132,500 في الضفة الغربية.

ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث بلغ المعدل في قطاع غزة 41.6% في الربع الأول 2015، مقابل 16.3% في الضفة الغربية خلال نفس الفترة، أما على مستوى الجنس فقد بلغ المعدل 22.8% للذكور مقابل 36.2% للإناث في فلسطين خلال الربع الأول 2015.

 وحول التزوير النقدي يقول المحلل الإقتصادي ماهر الطباع : "نواجه التزويير النقدي  بسبب وجود النظام الرأسمالي ، فكلما زادت التقنية كلما زادت عقلية التزوير، ولكن قضية التزوير المالي في فلسطين ليست مقلقة حتى الآن ، فنحن متراجعون تقنياً بهذا الخصوص بالمقارنة مع غيرنا من الدول المتقدمة " . 

 و يتابع بقوله:" إنّ عملية التزوير نشاط غير مشروع  و مكلف بحد ذاته ،ففي الأموال النقدية يحتاج المزور الى مواد خام كالقصدير والفضة، وهذا قد يكلف أكثر من قيمة العملة بحد ذاتها ،  وكذلك قضية المهارات الفنية فهي بحاجه لقدرات فنية كبيرة وهو أمر ليس بالسهل". 

مشيراً أن مسألة تزوير الأموال هي مسألة جزائية تقوم الشرطة بالكشف عنها من خلال أجهزة المباحث الأمن والتي تتوصل لها عن طريق العملات المتداولة في السوق والوصول للمصدر الأصلي لها .