ليبدأ عصر حل الدولة الواحدة

ليبدأ عصر حل الدولة الواحدة
بقلم / المهندس نهاد الخطيب                                          

مهندس وباحث في العلاقات الدولية


            صفعنا توماس فريدمان مرة أخرى بتحليلاته القاسية ، وأهمية كلامة تأتي من أنه كصحفي ليبرالي صهيوني، ربما يكون أكثر شخص مطلع ، وذو رؤية ، على صراعات منطقة الشرق الأوسط، في نصف الكرة الشمالي ، فإذا أضفنا الى ذلك معرفته الدقيقة لخارطة المؤسسة اليهودية في أمريكا وصلاته مع دوائر صنع القرار في البيت الأبيض ،يصبح من غير الحكمة تجاهل رؤيته.

           ففي مقال في النيويورك تايمز يوم الأربعاء الماضي 10/2/2016 بعنوانThe Many) Solutions Of The Mideast  )  " الحلول المتعددة في الشرق الأوسط"   ، رسم الكيسنجري الجديد رؤيته  لمآلات الأحداث في منطقتنا ورغم أنها بالطبع تحمل الصبغة الإحتمالية إلا أنها أقرب شيء للواقع  مالم تحدث معجزة ربانية .

            يتحدث فريدمان مخاطباً أمريكا أن حل الدولتين في فلسطين قد مات ، قتله نتنياهو وحماس وأبومازن والمستوطنون وأثرياء اليهود اليمينيين في أمريكا، وأن على الرئيس  الأمريكي الجديد أن يتعامل مع قادة اسرائيليين يريدون الإحتفاظ بفلسطين كلها من البحر الى النهر . ويدعو فريدمان الى بدء عصر حل الدولة الواحدة .

          ينطوى حل الدولة الواحدة على خيارات صعبة أمام الفلسطينيون والإسرائيليون منها أن على الفلسطينييين القبول  بالمواطنة من الدرجة الثانية أو أكثر ،ممكن ثالثة ، ممكن رابعة، بما يعني ذلك من كانتونات ومعازل أشبه بمعسكرات الإعتقال النازية والجيتوهات التي  عاش في مثلها اليهود أنفسهم ، وفي نفس الوقت يمثل هذا نظام أباتهيد سيجلب لهم كثيراً من النقمة الدولية وسوء السمعة .

            والأسوأ بالنسبة لهم القبول  بدولة المساواة لأن هذا سيلغي الطابع اليهودي للدولة ، وهم يعتقدون  أن نسبة اليهود في اسرائيل لا  يجب أن تقل أبداً عن (70%) من عدد السكان حتى لا تفقد الدولة طابعها اليهودي ، وهذا النسبة من السهل أن يتغلب عليها نشطاء الفراش الفلسطينييون ، فمعدلات الخصوبة في فلسطين مطمئنة للغاية في هذا السياق.

               ويشير فريدمان أيضا الى  ان الصراع سيأخذ مستقبلاً شكلاً منخفض الكثافة ، ما يعني أن لاحل قريب للصراع . مالم يقله فريدمان أن حل الدولة الواحدة ينطوي على نية اسرائيلية مبيتة وهي المغامرة - المخاطرة باللجوء الى الترانسفير في لحظات سياسية اقليمية ودولية مؤاتية ، طبعاً لا يستطيع فريدمان  الجهر بذلك لإعتبارات ، ولكن هذا في صلب التفكير السياسي للقادة الاسرائيليين الحاليين .

          ما يقوله فريدمان ، وما صرح به أحد القادة العسكريين الاسرائيليين ، في المساجلة الإعلامية الأخيرة مع حماس بخصوص الأنفاق ، من أن الحرب القادمة ستشمل تهجير سكان ، ينبغي أن يدق جرس الإنذار عند الفلسطينيين وربما جوارهم العربي لأن الزعامات الاسرائيلية تستعد لإعلان نهاية القضية الفلسطينية .

         بقي أن تصحو الطبقة السياسية الفلسطينية الغارقة في تفاهتها ، من سباتها وتضع الشعب الفلسطيني أمام الحقائق الموجودة ونفكر سوياً في ألا ننتهي في معازل أو على رمال الصحراء أو في بطون السمك    يرحمكم الله.