مُسعف يبحث عن مُسعِفه

مُسعف يبحث عن مُسعِفه
رفح – خاص دنيا الوطن – محمد جربوع

تصوير – عبد الرؤوف شعت

يجلس المُسعف ناصر دياب بركات (48 عامًا) الذي يقطن بمنطقة حي السلام شرقي محافظة رفح جنوب قطاع غزة، في فراشه يعتصر ألمًا بسبب المرض الذي ألم به، ولم يستطيع اسعاف نفسه بعدما كان يُسعف الآخرين. 

وينهك المرض المزمن والخطير جسد بركات الهزيل، في ظل عدم قدرة مستشفيات قطاع غزة تقديم العلاج اللازم له، لصعوبة حالته ووضعه الصحي الذي يتردى من وقت لآخر. 

ومن يشاهد المُسعف بركات وهو ملقى على الأرض، لا يستطيع الحركة كما يتحرك الآخرين بفعل مرضه الذي ينهش به، يشعر بغصة في قلبه، لأنه يستحق أن يُعالج كما كان يساعد في نقل المرضى ليتعالجوا، قبل أن يرقد بفراشه.

ويقول بركات الذي يعاني من مرض خطير :"بعد معاناة شديدة في التنقل بين مستشفيات وأطباء قطاع غزة نظرًا لضعف امكاناتهم، في تحليل وتحديد طبيعة المرض، تمكنت من السفر إلى نابلس بصعوبة كبيرة للتأكد من طبيعة المرض الذي يُصيبني، فتفاجأت بإصابتي بفشل الكلى، وهنا بدأت فصول المعاناة." 

ويضيف لـ مراسل "دنيا الوطن" وهو يعتصر ألمًا "بعد أشهر من المعاناة منذ اصابتي بهذا المرض الذي يتغلغل في جسدي، احتجت إلى زراعة كبد وبشكل فوري وعاجل، بحسب التقارير الطبية التي قمت بتحليلها خلال رحلة علاجي في المستشفيات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة." 

ويتابع بركات الذي بدأت الدموع تنحصر في عينيه :"احتاج إلى مبلغ 90 ألف دولار تكلفة لعملية زراعة الكبد،  وهذا المبلغ الكبير لا استطيع توفيره ولا أملك حتى لو جزء بسيط منه، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي أعاني منها."

وأوضح بصعوبة كبيرة في إخراج الكلمات "أنه بحاجة ماسة لتلقي العلاج خارج مستشفيات القطاع، نظرًا لافتقارها للمستلزمات الطبية المتطورة ، ولخطورة حالته، وتردي وضعه الصحي." 

وأردف بركات والدموع بدأت تنزل من عينيه على وجهه "تمكنت من الحصول على تحويلة طبية للعلاج بإحدى المستشفيات داخل الأراضي المصرية، لكن أزمة معبر رفح وإغلاقه المستمر منذ العام الماضي حال دون تمكني من السفر."

وناشد المُسعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني الدكتور رامي الحمد الله وكافة الجهات المسؤولة والمؤسسات المدنية، بضرورة مساعدته في الخروج من قطاع غزة لتلقي العلاج.

حياة بلا طعم

وبصوت خافت يملئه الحزن، قالت زوجة بركات :"أن حياتهم تغيرت منذ اصابة زوجها بالمرض الذي انهكه وتفشى في جسده، أصبحت حياتنا كئيبة لا يوجد لها أي قيمة منذ جلوس رب الأسرة والمعيل لها في الفراش." 

واستطردت وهي تحتضن طفلتها "أنهم أصبحوا مرضى بسبب مرض زوجها، فهو الذي كان يدخل البهجة والسرور على قلوب أطفالها." 

وأشارت زوجة المُسعف وهي غير قادرة على استكمال المقابلة إلى أنه يُعاني من الصوت المرتفع، ولم يعد يحتمل وجود أحد بجانبه من شدة ألمه، مناشدة أصحاب القلوب الرحيمة بضرورة النظر لوضع زوجها بعين الاعتبار والعمل على إنهاء معاناته.