اضرب المربوط يخاف السايب

اضرب المربوط يخاف السايب
ترجمة باللهجة العامية 
من الكاتب المصري كارلوس بهجت (عبر صفحته الشخصية على فيسبوك)

سنة 2015 , مجموعة من علماء الـ neuroscience من معهد RIKEN Brain Science في اليابان , عملوا تجربة عشان يشوفوا تأثير رؤية تهديد الأخر علي الشخص نفسه ... فجابوا مجموعة من القرود و فضلوا يفرجوهم علي مشاهد لقرود تانيه بيتم تهديدها و الزعيق فيها ! و ربطوا مجسات معينة في دماغ القرود ديه , بهدف نقل اي موجة كهربائية تحصل في أمخاخهم و هما يتفرجوا .. فلاحظوا ان نفس المناطق اللي مسؤولة عن إدراك الموقف هي نفسها المسؤولة عن تخزينه و كمان استرجاعه !! .. يعني مشاهد القرود اللي يتم تهديدها ديه اتخزنت فورا في ذاكرة القرود اللي بتتفرج و المخ اتعامل معاها كأنه مر هو نفسه بيها ! .. فبمجرد رؤية القرود لمشاهد قرود تانيه و هي بتتهدد او بتتعرض لعنف , خلاها هي نفسها مدركة الوضع كأنها مرت بيه بالرغم من أن هي نفسها متعرضتلوش !!
" أضرب المربوط يخاف السايب " ,, كان دايما في السؤال , طب ليه الـ " سايب " يخاف ؟! ما هو " سايب " ممكن يجري , يقاوم , يرفض الضرب ! علي عكس المربوط الضعيف اللي معندوش حل تاني .. بس الحقيقة ان مجرد ما الـ " سايب " بيشوف تهديد او ترهيب , بيتحول تلقئيا لمربوط !! فالربط هنا نفسي عقلي , قبل ما يكون ربط جسدي مادي !! ...

علي نطاق الفرد في تعاملاته الإجتماعية البسيطة , او حتي علي نطاق المنظومة العملية او المجتمية .. بنشوف مظاهر مختفلة بيتم فيها ترهيب الفرد بطريقة غير مباشرة زي تهديده باللي حواليه , فيحصل ربط فكري معنوي للشخص بيحث يتم التمكن منه !! .. فنشوف الأب اللي يزعق في الأخ الصغير عشان ينقل رسالة للأخ الكبير ,, أو الزوج اللي يزعق في بنته قبل ما يجي يتناقش مع مراته في موضوع هو عارف انها ممكن تعارضه فيه ! ... نشوف مدير الشركة اللي يجيب أطيب موظف يهزقه عشان يكون عبرة لباقي الموظفين , فكل موظف فيهم دلؤتي حيتخيل نفسه مكان الطيب اللي بيتهزق ده ! .. بنشوف المسؤول اللي بيتشطر علي اصحاب المشاريع بسيطة عشان يبث الرعب في رجال اعمال مش قادر يجي ناحيتهم .. بنشوف النظام اللي يحبس او يهين فئة معينة من المجتمع , يسجل فيدوهات عن ضربهم او تعذيبهم , ينشر اخبار عن بلطجته ليهم ! في مقابل إسكات او قمع باقي الفئات ...

الفيلسوف " إميل سيوران " بيقول في كتابه " لو كان أدم سعيدا " :
".. كلما تألمنا أكثر ؛ طالبنا بالأقل .. فالاحتجاج علامة على أن الإنسان لم يجتز أي جحيم .. ” ,, تخيل لو كان اتقال للقرد اللي قاعد يتفرج علي مشهد العنف تجاه القرد التاني , ان سبب العنف ده هو ان القرد عاوز أكتر من حقه و ده نتيجه اللي بيعوز أكتر من حقه ! النتيجه هي العنف ! .. تلقئيا حيربط ان عشان متعرضش للعنف , عشان محسش بالألم , عشان ميتعملش فيا زي المربوط ده ! ممكن مش بس ماطلبوش كتير , لأ ده انا ممكن اتنازل عن حقي في الطلب اصلا !! .. فـ " أضرب المربوط يخاف السايب " الهدف منها ان الإنسان يربط نفسه بنفسه .. انا لما بابا يهين اخويا الصغير اللي معملش حاجة انا مش حفتح بوءي باللي انا عاوزه , انا لما جوزي يتعصب علي بنتي اللي ملهاش ذنب حوافق علي كل اللي بيقوله , احنا خدامين المدير , احنا تحت امر اي حد جبار يستقوي علي الضيعف , أحنا مربوطين ! ..
فأول خطوة لازم الإنسان يجتازها عشان يقدر يتحرر من وهم الربط ده , هو انه يدرك بحقه في الرفض و الاعتراض .. يكون عنده وعي و ثبات كافي يمكنه أنه يحتج و يقاوم .. ففي جملة مشهورة بتقول speak the truth even if your voice shakes ( تكلم بالحقيقة حتي و لو كان صوتك يرتعش ) ... فحتي لو ضربوا المربوط .. متنساش حقيقة انك سايب !

التعليقات