المرأة بغزة تقبل الرجل البيتوتي..!

المرأة بغزة تقبل الرجل البيتوتي..!
غزة-دنيا الوطن- فداء محمد عبد الجواد

من المتعارف عليه وجود فتاة بيتوتية ليست مشكلة فهي أساس البيت، أما غير المعروف أن يكون هناك رجل بيتوتي، فهذه ظاهرة ومشكلة بدأت تعترض طريق بعض النساء، ما رأيكم بذلك؟ فهل وجوده في البيت نقمة أم نعمة؟ وهل مرغوب أم مرفوض؟

أسرار وخبايا..!

"عملت خياطًا على مدار الساعة فلا أجد كثيرًا من الوقت لكي أجلس مع العائلة في البيت، ومقارنة بوضعي الحالي منذ أربع سنوات عاطل عن العمل، أجد نفسي في البيت أجلس هنا وهناك وأتحاور مع زوجتي في هذا وذاك"، كلمات بدأها السيد ي.ن البالغ من العمر أربعين عامًا.

ونوه: "أنني أتدخل في كل كبيرة وصغيرة في البيت، فأنا صاحبه والمسيطر في قراراتي"، على حد قوله.

وقال: "تعطيلي عن العمل السبب فيما أوصلني إلي هذا الحال، وأيضًا ما العيب إن تواجدت في البيت أراقب مجريات حياة زوجتي وأطفالي وهم يلعبون ويدرسون، ومن واجبي أن ألاحظ من يدخل ويخرج من بيتي لأحافظ عليه".

بينما السيد (أ.ز)، يتحدث عن واقع حياته قائلًا "اعتقد نفسي رجل بيتوتي ولكن بحدود، فأنا موظف حكومي، بعد انتهاء عملي أعود لمنزلي لأستريح فيه فهو محطتي النهائية، ولكن لا أتدخل في أعمال زوجتي المنزلية".

وهوايتي ممارسة الطبخ حسب مزاجي، فأساعد زوجتي في الأعمال كافة، هذا هو القاسم المشترك ما بين الزوج وزوجته في الحياة اليومية.

وعندما سألت زوجته عن الحال هذا، فأجابت: "يعجبني زوجي بكل ما يقوم به، هو ليس مسيطر ولا يتدخل في عملي إنما يساعدني على تطوير ذاتي وشخصيتي"، هذا على حد تعبيرها.

وفي هذا الجانب أيضًا تحدث (ر.م) فيقول: "واقع دراستي في الخارج جعلتني أتعود على ما يسمي بأعمال المنزل فتعلمت الطبخ والغسيل والكثير، وحيث أنني تعلمت هذه الأشياء فلماذا لا أساعد زوجتي، فأنا بيتوتي لا أخرج من البيت إلا للأمور الضرورية، وترجع المساعدة ما بيني وبين زوجتي إلي المودة والمحبة بيننا".

وعلى خلافه، السيد (ن.ك) يتحدث: "أنا رجل مرتبط في البيت ولكن ليس لدي القدرة على أعمال المنزل ومع ذلك أسيطر على وضع البيت".

وعندما طرحت عليه سؤالي هل زوجتك تتأثر بذلك، فأجاب: "هي مسألة تعود بعد عشرة دامت سنوات، فلا يؤثر علينا".

وأضاف: "إن الله قسم عمل المرأة وعمل الرجل، فالمرأة مبدعة في التفنن بتزيين منزلها وتنظيمه على أحسن ما يكون، وقال أولادي يدرسون جيدًا، فلماذا أتعب نفسي بالتدخل فيهم، وصحيح أنني أجلس في البيت وإنما بحدودي المسموحة".

وفي السياق ذاته يتحدث السيد (م.ع) مبدي رأيه في الموضوع: "أنني لست بيتوتي كباقي الرجال، فبعد انتهاء دوام عملي، لا أرجع إلي البيت مباشرة، وإنما لضغط العمل المستمر وعضويتي في جمعيات متعددة، أجد صعوبة في جلوسي بالبيت، وأعود إلي منزلي بعد ساعة متأخرة".

وأشار: "بخصوص أعمال المنزل لا علاقة لي بها، إنما أحيانًا أقوم بعمل الفطور والعشاء لنفسي، فليس عندي وقت للجلوس مع زوجتي أو أولادي ويقتصر على يوم الإجازة فقط".

أما رأي زوجته عن هذا الحال فيقول: "كانت بداية الاختلافات قائمة ومن فترة لفترة تستمد قوتها لتبدأ الخلاف مقارنة نفسها بزوجات إخوتي وغيرهن وتقول لي: لماذا لا تخرج معي أو ترافقني مع أولادك في نزهة".

نساء وقضية..!

أثناء جلوسي مع مجموعة نساء يتسامرن الحديث عن ظاهرة الرجل البيتوتي والذي اخترق بيوتهن ليصبح جزء من حياتهن يتعايشن معه بحلاوته ومرارته، فمع اختلاف آراءهن، بدأت أطرح أسئلتي لتجيبني السيدة (أم حمزة.ح): "ولماذا لا يجلس زوجي في البيت فهو الحامي والسند، وهو من يلبي طلباتي أثناء جلوسه في البيت ويساعدني في الأعمال خاصة وأنني لم أرزق بأطفال، وعن نفسي لا أجد صعوبة في تواجده معي في كل لحظة فأنا أحبه ولا أستطيع الاستغناء عنه" هذا على حد قولها.

بينما السيدة (عبير) تتحدث قائلة: "أنني أجد صعوبة في تقبل زوجي في المنزل كثيرًا، واعتبره مثال الزوج الحشور فيسأل عن هذا وذاك، ويتدخل في كل كبيرة وصغيرة ولا يتنازل عن سؤاله لماذا فعلتي كذا؟ ولماذا لا تدّرسي الأولاد ولماذا، ولماذا؟؟ وعلى هذا الحال في أغلب الأوقات. فتسأل: ما هو الحل؟

أما الأخت (رندا.ع) تطمح أن يكون زوجها معتدل جدًا فقالت: "أنا أساسًا فتاة بيتوتية قليلة الخروج وأتمنى أن أتزوج رجل يخرجني من هذه الصفة، يعني لا أحبذه بيتوتي".

أسباب وآثار..!

الأستاذ المساعد في الصحة النفسية بالجامعة الإسلامية د. ختام السحار تقول: "إن الرجل البيتوتي ظاهرة منتشرة في قطاع غزة، هذا يعود لظروف عديدة أولها الظروف السياسية المحيطة والوضع الراهن الذي أجبر الرجال على البقاء في البيت، وهذا يؤثر على المرأة والأطفال بحيث يراقب كل صغيرة وكبيرة فيصبح المسيطر ويفرغ طاقاته على أهل بيته".

وتقول: "يجب تشجيعهم على استغلال الوقت وإدارته جيدَا في إيجاد عمل لهم، فالعمل مهم للرجال كي يتفادى مشاكل الحياة اليومية".

وتابعت: "إن الرجل المتفهم للبيت واحتياجاته مع الزوجة والأبناء هذا يؤدي إلي التربية الصحيحة وتنشئة جيل المستقبل، فهناك عامل وقاسم مشترك بين كلا الطرفين، سواء في أعمال البيت أو في أعمال الخارج فهو مثال الإنسان التربوي الناجح لأسرته".

ومن جانبها، توضح إذا كانت شخصية الرجل تعمل خارج البيت ولا يعود إلا متأخرًا بحيث يهمل زوجته وأولاده، فهذا يرجع لعوامل عدة منها أن الزوجة قد تكون مسيطرة أو قوية فيتعرض للضغط المستمر من قبلها والمشاكل والمتطلبات بحيث يفقد الهدوء والاستقرار داخل البيت ليجده فالخارج.

وتري أن هذه شخصية تحتاج إلي تعديل ويجب أن يكون له دور في الإشراف على المنزل على الأقل ولو بصورة غير مباشرة.

وبدورها، تشير هذا من جانب الطرف الأول "الزوج" أما من الطرف الثاني "الزوجة" فاعتمادها الكلي على زوجها في المنزل في كل شيء، وأيضًا له تأثيره في مسح شخصيتها وتهديم قدراتها وقراراتها في العلاقة الزوجية وتفقدها ميزانها، وتعمل على شرخ شخصية كلا الطرفين من استبداد طرف لآخر.

وأردفت إن الإسلام دين وسطية، فالشخصية المعتدلة في الرجل هي خير سبيل لعلاج هذه الظاهرة وتبدأ منذ تحديد العلاقة بين كلا الطرفين وبذورها خلال فترة الخطوبة.

اجتماعيات الرجل البيتوتي..!

من ناحية اجتماعية، الأستاذ المساعد في الصحة النفسية بالجامعة الإسلامية؛ د. جميل الطهراوي يقول: "إن ظهور هذه الظاهرة تعمل على تقوقع العلاقات الاجتماعية وتؤدي إلي قصور في النواحي الاجتماعية مما يجعلها تفقد المعني الحقيقي للحياة".

ويضيف: "إنه يخلق التوتر في العلاقات داخل البيت وخارجه، فنختلف عن غيرنا من الدول، فالأسرة والجيران وبين قوسين "كلام الناس"، كله يؤثر سلبي في الاجتماعيات".

ويشير: "لابد على هذا الشخص استغلال قدراته في العمل والخروج وزيادة الحمامية والاشتياق لأولاده وزوجته".

ويتابع: "إن التوازن موجود أصلًا، فالإنسان نفسه هو الذي يحدد مصيره حيث لا يكون بيتوتي ولا متطرف تارك للبيت، كي لا تفتر العلاقات الداخلية".

ويوضح: "الإنسان يمل بطبعه من الروتين حتى لو كان ايجابي، فيجب تغييره من أجل التنشئة الاجتماعية الصحيحة".

ويقول: "قضا أخف من قضا" مشير إلي أن المساعد في البيت أحسن من وجود غير المساعد ومتسلط في كل شيء".

ويري: "أنه يجب إخراج الروح الايجابية في البيت كالزيارات وتغيير جو الأسرة والخروج عن الروتين القاتل".

توصيات ومقترحات..!

قد لمحت د. السحار إلي بعض النصائح تقدمها إلي كلا الطرفين "الزوج والزوجة" وتقول: أنصح الرجل البيتوتي الذي يمكث وقت طويل في البيت دون أن يشارك في العمل والمساعدة في البيت أن يشغل نفسه بأعمال آخري، عله يشارك في قرارات تؤدي إلي التفاهم والحوار وتغيير نظام السيطرة والتسلط التي يتشبث بها، فهي غير مقبولة لا نفسيًا ولا اجتماعيًا حتى على صعيد الدين فإن مبدأ الحوار هو القائم بحيث عليه كذلك إشراك زوجته في عملية القرار مقبول.

وتنصح الرجل المعتدل بأن يستمر في التفاعل الاجتماعي وإعطائهم أطول وقت ممكن في المكوث مع أسرته.

وتنصح الرجل الذي لا يعود لمنزله إلا متأخرًا بأن لا يبقي على هذا المنوال، فالرجل دائمًا يبحث عن الاستقرار والهدوء والأمن النفسي، فلا يمكن أن يجده إلا بين أبنائه وزوجته، ويتعاون مع زوجته بتفاهم فيما بينهما ويكون قريب جدًا لتوفير متطلباتهم.

أما من جانب الطرف الآخر فإن د. السحار تنصح النساء على أن يثبتن شخصياتهن للزوج، وأن تجعله يحس بقدرتها على تحمل المسؤولية وتدبير مجريات الحياة اليومية، بحيث لا يتعارض مع حبها لزوجها وطاعتها له.

وتشير يجب توضيح للرؤية والأدوار خاصة في فترة الخطوبة وهذا يؤدي منذ البداية على الحوار والنقاش المبدأ الرئيس القائم عليه إسلامنا وديننا.

ومن جانبه؛ يقدم د. الطهراوي عدة نصائح اجتماعية لكلا الطرفين فيقول: "إن الرجل البيتوتي يجب أن يخرج من حالة القوقعة المنزلية ويدخل في آفاق وعالم الصحبة، فعليه أن يجد الأصحاب الخيرين ليتزن نوعًا ما خلال فترات وجوده وخروجه".

أما الرجل المعتدل فخيركم لأهله فيعتبر شخصية ايجابية، ومع ذلك عليه أن يخرج عن الروتين المستمر، بينما الرجل عديم الفائدة الذي لا يلتزم بيته ولو قليلًا فأنصحه بأن يكون هناك نوع من التواصل ما بينه وبين أسرته ومجتمع الأقارب، حيث أن التطرف لهذا الحد يعمل على تفكيك الأسرة عاجلا أم آجلا.

فمن الجدير بالذكر أن الحياة بين الزوج والزوجة تقوم على المحبة والوئام المتبادل، فأينما كان مكان الرجل وأينما كان مكان المرأة، يجب أن نتشبث بالنظام الاجتماعي القائم على مبدأ الحوار وليس نظام التسلط والاستبداد. إذن تبقي في نهاية المطاف ظاهرة البعض يقبلها والآخر لا يقبلها، فالرجال منهم يبحث عن الهدوء ومنهم يبحث عن الصخب.

 

التعليقات