نحو تواصل إيجابي .. الإنسانية أم التدين

نحو تواصل إيجابي .. الإنسانية أم التدين
بقلم : الكاتبة الأردنية ختام الربضى

فيينا-النمسا


أن تكون انسان يعني أن تحب وتدافع عن الانسان بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه، فالانسان هو المهم في كل مكان وزمان، وحين تتبرع لعمل خيري انساني، فأنت تتبرع للانسان وليس لكونه منتميا لدين معين.لو أردنا أن نعرف الانسانيه فنجد انها مجموعه من الافكار والجوانب الاخلاقيه الايجابيه الصادره عن الفرد والتي تدمج ما بين العقل والروح لتبين أهمية وجود الانسان وقيمته في المجتمع.

في عصور ما قبل الميلاد (في عصر كان يعبد الناس فيه التماثيل ) وجد الفلاسفه اليونانيين أن في عبادة هذه التماثيل انتقاصا للانسانيه، اي لا يجب على الانسان ان يتخذ من هذه التماثيل آلهه له ومع تطور الوقت بدأ بعض المفكرين بتعريف الانسانية على انها مدى محبة الناس لبعضهم البعض بغض النظر عن مستوى تفكيرهم وعقليتهم، وبعدها في اوروبا ظهرت أفكار جديده للانسانية تمجد الجنس البشري وتعتبره بفضل عقله أعظم مخلوق على وجه الارض، الذي يجعله قادرا على التفكير والتغيير في مجتمعه كما يشاء .

القيم والمبادئ الانسانيه العليا كالعدل والتسامح والمساواة هي الاساس لرقي المجتمعات وتحضرها وهناك الكثير من القيم البشرية الانسانية مثل الجرأة والشجاعة والتفاني في حب الاوطان والناس والتضحيه بالنفس والمال من

أجل القيم الانسانيه والانسان بشكل عام وهذه القيم يشترك بها ابناء المجتمع الواحد بشكل متفاوت بغض النظر عن انتمائاتهم  الدينية، الا انه يوجد من يعلي شأن الاديان على شأن الانسان بطريقة عنصرية بالرغم ان الانسان وجد قبل الاديان وهناك من يعلي شأن الاديان على الأوطان بالرغم من أن الاوطان وجدت قبل الاديان.

الدين لا ينادي بالتمييز العنصري بين المواطنين وانما العنصرية الدينية هي التي تدعو الى ذلك وتعلي من شأن هذه النعرات العنصرية الطائفية المتعصبة على حساب راحة وأمن وأمان المجتمعات. كان الدين يلعب دورا مهما في العصور القديمة عندما كان الجهل منتشرا وكان الانسان غير قادر على الوصول بعقله الى الانسانية، ولو القينا نظرة على كثير من  دعاة هذا العصر ، نجدهم يدعون لقتل كل من يختلف عنهم دينيا ، يحرمون ويحللون كما يحلو لهم ، يرون ان العالم وجد لهم دون غيرهم، كما يباركون القتل تحت مسميات مختلفة ومنها تكفير الآخر فقط بسبب انتمائه الديني، وكل ذلك مبرر باسم الدين.

 ان التمييز الفاضح بين انسان وآخر هو آخر ما تحتاج له البشرية...ماذا جنينا من تعصب الاديان خلال العصور الماضيه سوى القتل والحروب والسبي والرق أو من عصرنا الحالي سوى القتال الطائفي والفرقه وسلطة دينية تحرم ثورة الشباب ضد الظلم وسلب الأوطان مثالا على ذلك  قضية فلسطين التي يدعي اليهود أحقيتهم بها بأمر من الله.أليس من اخراج الدين عن دائرة السياسه والتعليم والحكم بشكل عام حرية للجميع وحياه أفضل مواكبة للعصر!؟

لنتأمل مليا ، ما الذي يدفع بهؤلاء الى هذه الافعال المنافية لكل قواعد الحرية والديمقراطية، فلا ظلم بين أهل الدين الواحد ولا للمنتسبين للأديان الاخرى ولا ظلم لغير المنتسبين للاديان البتة، فالمعاملة السليمة الصادقة هي اساس علاقة قائمة على تبادل الحقوق والواجبات بين الافراد الذين يمثلون كيان المجتمع الواحد للدولة.

وهنا نطرح على انفسنا الكثير من الاسئله ،هل باتت الارض أكثر امنا بوجود الدين، هل هناك علاقه واضحه ومباشره بين التعصب  الديني وعذابات  الشعوب على مر التلاريخ؟ ان اغلب دول العالم التي تتمتع باعلى مستويات من التعليم والصحة والحرية هي الدول التي لا تتخذ من الدين مرجع لها ، اي هي دول علمانية ، وان أعظم الحريات والحقوق التي يتمتع بها الغرب هي نتيجة الفكر الانساني العلماني الليبرالي، ان تكون ليبراليا يعني ان تكون انسانا بكل ما في الكلمه من معنى، واكثر الدول التي يكثر فيها القمع والظلم هي الدول المتدينة.

وأخيراّ كما قال المناضل الكبير نيلسون مانديلا : لا يوجد انسان ولد يكره انسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه ،الناس تعلمت الكراهية ، واذا كان بالامكان تعليمهم الكراهية اذا بامكانهم تعليمهم الحب خاصه أن الحب أقرب الى قلب الانسان من الكراهية .