لقاءات المصالحة بنكهة غاز الطهي !!

لقاءات المصالحة بنكهة غاز الطهي !!
بقلم: عوض أبو دقة

حالة ترقبٍ في الساحة الفلسطينية وتحديدًا في غزة، إزاء لقاءات المصالحة، التي أُعلن عن استئنافها مؤخرًا في الدوحة، فسنوات الانقسام المريرة أثقلت كاهل المواطنين، وخلّفت جيشًا جرارًا من الخريجين العاطلين عن العمل، وفوق كل هذا وذاك، الأزمات التي تطرأ بين الفينة والأخرى في القطاع، ناهيك عن التلويح الإسرائيلي بشن عدوان جديد، لم نستفق بعد من صدمة سابقه.

ورغم تشاؤمي شخصيًا من أن تترتب عن هذه اللقاءات أي نتائج إيجابية؛ إلا أنني أتمنى أن يخيب ظني، ويحدث اختراقٌ يعيد الأمل لشعبنا المكلوم، الذي يتطلع للوحدة والوفاق على طريق الخلاص من الاحتلال.

وأحسب هنا أن لقاءات المصالحة التي نرى فيها تبادل الابتسامات والقبلات على شاشات التلفزة ما هي إلا "حقن تخدير" المستهدف فيها الجمهور الفلسطيني، تمامًا كما يتم التعامل مع أزمة الكهرباء، وأزمة غاز الطهي في غزة، وكأن الأمور تسيرُ وفق سياسةٍ مرسومة سلفًا، هدفها - كما يبدو لي - احتواء القطاع بكل مكوناته وأطيافه.

المواطن الغزي يسعى جاهدًا اليوم أن يعبئ اسطوانة غاز الطهي بزنة 12 كيلو بدلًا من 6، وهو مسرور جدًا هذه الأيام بجدول التيار الكهربائي الذي استقر على 8 ساعات وصل، مقابل 8 فصل، وبالتأكيد سيكون في غاية البهجة والسرور إذا سمع أي أخبار إيجابية تفضي إلى إنهاء أزمة الانقسام.

الكل يُجمع على أن الانقسام - بالطبع بعد الاحتلال - هو أساس كافة الأزمات التي تعصف بالساحة الفلسطينية، وبالتالي فإن علاج هذه الأزمة الشائكة لا يحتاج إلى "حقن تخدير" على طريقة حل أزمات غزة الحياتية؛ فالصعقات التي تعرض لها الغزيون في هذا المضمار كثيرة، وحصرها يستنزف الوقت.  

المطلوب لعلاج حالة الانقسام الفلسطيني، هو استئصال مسببات الأزمة من جذورها بحنكة وروية ودون أي آثار من شأنها إعادة الوضع إلى سابق عهده؛ ولعل النوايا الصادقة كفيلةٌ بإنتاج المشهد بصورة وضاءة، تختلف عن الصورة القاتمة التي كانت سائدةً طيلة سنوات العِقد الأخير.

علينا أن نكون على قدر المواجهة والتحدي لعدونا - الذي يقرع طبول الحرب على غزة لخلط الأوراق وتصدير أزمته في مواجهة أبطال السكاكين وعمليات الدهس في الضفة والقدس - وهذا لا يتأتى إلا ونحن متوحدين، وجبهتنا الداخلية صلبة، قوية وخالية من الأزمات، التي يُغرقنا فيها الاحتلال لشغلنا بها عن الاشتباك معه. لا وقت أمامنا، وسنُسأل جميعًا عن هذه السنوات التي ضيعناها ونحن متفرقين.

ألا يجدر بنا بعد كل الذي عرضناه العمل كلٌ في مكانه وموقعه على تعزيز خطاب المصالحة، وتقبل الرأي الآخر في سلوك أبنائنا، وإدراج هذه الثقافة في المنظومة التربوية، وتدريسها في جميع أطوارها، بالإضافة إلى غرس المفاهيم الإسلامية المتعلقة بها كالتسامح والعفو والتعاون والإيثار؟!.