الفصائل المقاتلة تواجه خطر الانهيار بعد مكاسب النظام السوري المدعوم روسيا

الفصائل المقاتلة تواجه خطر الانهيار بعد مكاسب النظام السوري المدعوم روسيا
رام الله - دنيا الوطن-وكالات

تواجه غالبية الفصائل المقاتلة في سوريا خطر الانهيار بعد تقدم قوات النظام المدعوم من روسيا في مناطق عدة، وقطع طريق امداد رئيسية إلى حلب في شمال البلاد، الأمر الذي يهدد بمحاصرتها بشكل كلي في هذه المدينة.

وقال محللون إن الفصائل المقاتلة ومؤيديها من الدول باتت أمام عدد قليل من الخيارات لمنع قوات النظام من تحقيق تقدم جديد بعد انهيار محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة.

ويوضح اميل حكيم الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان “مسار الفصائل الى انحدار، ويزداد هذا الانحدار بشكل متزايد”.

ويذكر ان محافظة حلب كانت معقلا للمتمردين يؤمن سهولة الوصول الى تركيا المجاورة، وهي داعم رئيسي للمعارضة.

ومدينة حلب نفسها مقسمة بين سيطرة الفصائل المقاتلة على احيائها الشرقية وقوات النظام على الغربية منها منذ منتصف العام 2012.

وتواصل قوات النظام السيطرة على مناطق حول المدينة، حتى ان التقدم الذي حققته هذا الاسبوع يترك الفصائل المقاتلة شبه محاصرة في احياء المدينة الشرقية.

من جهته، يعتبر فابريس بالانش الباحث في المعهد ذاته في واشنطن “انها نقطة تحول في الحرب”.

ويضيف “لقد ارادت المعارضة جعل حلب ومحافظة ادلب قاعدة (سوريا الحرة). لقد انتهى ذلك”.

والتقدم الذي تم احرازه هو النتيجة الاكثر اهمية للتدخل الروسي الذي بدأ في 30 ايلول/ سبتمبر. وتقول موسكو انها تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات “ارهابية” اخرى، فيما تتهمها الدول الغربية والمعارضة بالتركيز على الفصائل الاخرى وبينها “المعتدلة” دعما للنظام السوري.

كما تقدمت قوات النظام، بعد مواجهة صعوبات كثيرة اثر سلسلة من الانتكاسات المريرة منذ اذار/مارس 2015، في محافظات اللاذقية (شمال غرب) وحلب (شمال) ودرعا (جنوب) منذ دخول القاذفات والمقاتلات والمروحيات الروسية ميدان المعارك.

وتعد بلدتان استرتيجيتان خسرتهما الفصائل الاسلامية والمقاتلة في ريف اللاذقية الشمالي نقطة انطلاق لعمليات عسكرية شرقا نحو محافظة ادلب التي تسيطر عليها تلك الفصائل بالكامل باستثناء بلدتين.

-حصار حلب-

ويقول فيصل عيتاني، من مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط في “اتلانتيك كاونسيل”، ان حلب “ببساطة تشكل عرضا اوليا حول كيفية قدرة مزيج من القوة الجوية الروسية والمستشارين على التعويض عن امكانيات منخفضة نسبيا للنظام والنقص في العديد”.

وتواجه الفصائل المقاتلة ونحو 350 الفا من المدنيين داخل الاحياء الشرقية لمدينة حلب احتمال فرض حصار كامل من قبل قوات النظام، وهو اسلوب تم استخدامه مع تأثيرات مدمرة ضد المعاقل السابقة للفصائل المقاتلة مثل حمص.

ويضيف عيتاني ان “قسما كبيرا من الطرفين (المسلحون والمدنيون) سيلقون حتفهم بفعل القصف والتجويع والنقص في المواد الناجم عن الحصار”.

ويتابع ان “المقاتلين في الداخل سيلقون مصرعهم او يجبرون على الاستسلام” متوقعا موجات جديدة من اللاجئين.

وهناك دلائل على كارثة إنسانية جديدة تتكشف، مع تقارير عن فرار الآلاف امام تقدم قوات النظام واحتشادهم على الحدود مع تركيا محاولين دخولها.

واسفر النزاع السوري المستمر منذ اذار/ مارس 2011 عن مقتل اكثر من 260 الف شخص وتشريد حوالى نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ويقول نشطاء ان المعارضة تشعر بالخيانة، مشيرين الى ان امدادات السلاح من الدول التي تدعمها توقفت قبل محادثات جنيف برغم تصعيد العمليات العسكرية المدعومة من روسيا.

ويوضح مأمون الخطيب مدير وكالة شهبا برس في حلب ان “ما يحبط الثوار اكثر هو ان الدول التي تدعي انها صديقتهم تكتفي بالكلام الفارغ وتقف على الحياد”.

ويضيف “في الوقت ذاته، فان روسيا وايران تقومان باحتلال وانتهاك الاراضي السورية”.

-خيارات قليلة-

وبحسب خبراء فان لدى الفصائل المقاتلة قليل من الخيارات.

ويوضح عيتاني “ليس هناك الكثير من العديد لجلبهم، كما ان مناطق المعارضة الاخرى هي ايضا تحت الضغط، وهذا لن يعالج مسألة القوة الجوية للعدو”.

وسعت الفصائل المقاتلة في سوريا منذ فترة طويلة الى امتلاك اسلحة مضادة للطائرات من الداعمين الدوليين، لكن واشنطن تعارض ذلك خوفا من ان ينتهي بها المطاف في ايدي الجهاديين مثل جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) أو تنظيم الدولة الاسلامية.

ويحذر حكيم من لجوء بعض الفصائل التي تشعر بان القوى الداعمة خانتها الى المجموعات الجهادية.

في غضون ذلك، فان النظام السوري المدعوم من روسيا وحزب الله اللبناني، سيعمد على الارحج الى تعزيز قبضته على “سوريا المفيدة”، اي الغرب المكتظ بالسكان وسواحل البلاد.

ويتابع حكيم “ما يفعله الروس والاسد هو انهم يريدون السيطرة على غرب سوريا وترك الاميركيين يتعاملون مع الوحش الجهادي في شرق سوريا. وهذا ما يحدث بنجاح”.

وتتزامن خسائر الفصائل المقاتلة مع انهيار محادثات السلام في جنيف، لكنها، بحسب محللين، دائما ما كانت محكومة بالفشل.

ووفق قولهم فان تدخل روسيا واخر التطورات الميدانية يشجعان النظام على عدم تقديم اي تنازلات، كما يجعلان من المستحيل على المعارضة التفاوض.

من جهته، يقول بالانش “أولئك الذين يريدون التفاوض في جنيف سيتهمون بالخيانة، حتى اكثر من ذلك نظرا للنتائج”.

واصر موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الاسبوع الحالي على ان المحادثات لم تفشل وتم تعليقها فقط حتى 25 شباط/ فبراير.

ويقول حكيم ان المحادثات ليست سوى “استعراض”، وستتواصل بشكل هش من دون تحقيق نتائج.

ويضيف ان “الولايات المتحدة مسرورة بوجود عملية تفاوض ومسرورة بالاختباء وراء ذلك”.

التعليقات