"حوش الدعبول" : قلب طولكرم الأثرى المتهالك

"حوش الدعبول" : قلب طولكرم الأثرى المتهالك
طولكرم ـ خاص دنيا الوطن ـ همسه التايه

بين زحام السوق الشعبي، المليء بالمارة والمتسوقين الذين يبحثون عن ضالتهم، والبسطات المترامية والتي تغريك بالعرض، وبمحاذاة المحال التجارية المتراصة والمعتقة، تتفاجأ ببوابة تحتضن بداخلها مباني أثرية قديمة تقودك لـ"حوش الدعبول" والذي يروي تاريخ حقب تاريخية لا يزال ساكنيه يفتخرون بعراقته وأصالته.

"حوش الدعبول" أو "أبو الرب" كما يسمى حاليا والواقع في قلب مدينة طولكرم وتحديدا بالقرب من ميدان دوار جمال عبد الناصر، قد لا يعلم به العديد من أهالي طولكرم رغم موقعه الملفت والظاهر للعيان، وإحتوائه على البيوت القديمة والمتراصة والمزينة بالعقود والقباب والتي تفصل بينها طرقات ضيقه من الحجارة الصخرية يغريك مدخلها الذي بدى كلوحة منحوته تجملها الأقواس.

ورغم السنوات العديدة الهانئة التي عاشها الأهالي في هذا الحوش الذي يشهد ذكريات وأمنيات وأحلام وأحزان ساكنيه، إلا أنه يعيش الآن ظروفا قاسية ومعاناة تتجدد جراء تهالك المباني الأثرية ذات الملكية الخاصة، والمعرضة للإنهيار في أي لحظة.

ولم ترغب شديد أن تنهي الحديث عن طفولتها وأيام شبابها وحياتها التي عاشتها في الحوش ودروبه الضيقة والتي تشهد علىه الإنتفاضات الشعبية ضد الإحتلال الإسرائيلي، واقتحامات جيش الإحتلال المتكررة لأسطح منازله حتى في أيامنا الحالية، خاصة في ظل إغلاق البوابة الرئيسية الشبيهة بـ"بوابة الحارة" على ساكنيه عند حلول الظلام على حد قول ساكنيه.

وتحاول المواطنة أمل شديد إحدى سكان الحوش والتي تحتفظ بذكرياتها وعائلتها بين زقاق الحوش، بذل كل ما في وسعها لإيصال رسالة أهالي الحوش للمسؤولين ووزارة السياحة والآثار والجهات المعنية كافة من أجل الإهتمام به كتاريخ وكمعلم أثري، داعية إلى عدم تجاهله ودعمه لإبقاء سكانه صامدين بداخله.

وتحدثت عن المخاطر والأضرار التي يتعرض لها سكان الحوش جراء إنهدام أجزاء من المباني وانهيار صخورها وسقوطها، قائلة لمراسلة دنيا الوطن:" الحياة بداخل الحوش كثير قاسية وصعبة، فالمباني آيلة للسقوط والأرضيات خطرة والبناء غير صحي بسبب الرطوبة وانتشار الأفاعي والجرادين. 

وطالبت بضرورة الإهتمام بحوش الدعبول والذي يحمل تاريخ وإرث قديم وزيارته من قبل المسؤولين، مشيرة إلى معاناة سكان الحوش جراء المنخفضات وهطول الأمطار.

بدورها، لم تنسى الشابة رغد سلامة (17 عاما )ذكرياتها مع صديقاتها وزيارتهن لها وسعادتهن لإكتشاف الحوش ومعرفة خباياه، قائلة:" الحوش موقع أثري مهمل ومهمش لذلك لا أحد يعرفه، فعند زيارة صديقاتي لي ورغم عدم معرفتهن بالمكان بدت عليهن علامات الدهشة والفرح".

وأضافت:" حوش أبو الرب ما في مثله". داعية كافة المعنيين لرؤية المكان وترميمه بإعتباره مكان قديم وجميل لا يزال يحتفظ بالماضيمشيرة إلى الأضرار والوضع السيء والصعب الذي يكابده أهالي الحي في ظل اشتداد سقوط الامطار.

وطالبت المسؤولين بزيارة المكان حتى وإن لم يقومون بترميمه لأهميته من جهة ولتدهور وضعه وخطورته على ساكنيه من جهة ثانية.

من جهتها، طالبت إم عبود أبو زنط إحدى سكان الحوش والتي عاشت لأكثر من 40 عاما فيه، بالإهتمام بالحوش وعدم تهميشه وتأهيله، داعية إلى ضرورة ترميم الدرج المعلق والذي يشكل خطرا على إبنها وزوجها الذين يعيشا ظرفا صحيا خاصا حيت لا يستطيعا الدخول والخروج من المنزل لعدم مواءمة الدرج مع حالتيهما.

وناشدت إم عبود بضرورة العمل بشكل فوري على الإطلاع على أوضاع أهالي الحوش، خاصة في ظل المخاطر التي تتهددهم جراء المنخفضات الجوية وانهيار الصخور.

إلى ذلك، أكد مفيد صلاح مدير السياحة والآثار في محافظتي طولكرم وقلقيلية على أهمية حوش الدعبول والذي يعود للفترة العثمانية والمبني منذ أكثر من 100 عام. مشيرا إلى أن تسميته بالدعبول تعود لأحد سكانه الذين كانوا يقطنونه.

وأوضح أن وزارة السياحة والآثار  أن مثل هذه المباني مدرجة على قائمة التراث الفلسطيني، لذلك لو لم تستطيع الوزارة القيام بترميم مباني الحوش ، فإنها ستمنع أي إعتداء على المباني الأثرية والتاريخية سواء بالهدم أو التشويه كونها تندرج ضمن المباني التاريخية حيث أن مهمة الوزارة الحفاظ على المقدرات الأثرية وحمايتها.

وحول ترميم مباني الحوش، قال مدير السياحة والآثار: " وزارة السياحة لا تستطيع بإمكانياتها المتواضعة ترميم  المباني الأثرية في حوش الدعبول ، لما يترتب على ذلك من تكاليف مرتفعة.