يعتبر نموذجاً في الشرق الأوسط .. في طولكرم :"الخرق" نفق عثماني منذ زمن السلطان عبدالحميد لنقل الحجاج الفلسطينيين

يعتبر نموذجاً في الشرق الأوسط .. في طولكرم :"الخرق"  نفق عثماني منذ زمن السلطان عبدالحميد لنقل الحجاج الفلسطينيين
خاص دنيا الوطن
من بشار النجار

كانت فلسطين أبان الحكم العثماني تابعة لولاية الشام، وهي واحدة من ثلاث ولايات أنشأها العثمانيون في بلاد الشام، والولايتان الأخريان هما حلب وطرابلس، وقد بنا العثمانيون في فلسطين قلاعاً وقصوراً ومواقع كثيرة لا تزال قائمة الى يومنا هذا كشاهد على عهد تلك الدولة التي حكمت لأكثر من خمس عقود.

فإلى الشمال الشرقي من مدينة طولكرم تقع بلدة بلعا، التي تعرف بطبيعتها الجميلة الهادئة وجبالها ذات المرتفعات العالية، ونظراً لمكانتها الاستراتيجية في ربطها لمدينتي جنين وطولكرم فقد اختارها العثمانيون لتكون همزة الوصل والمنفذ الأسرع، واتخذ القرار بشق خرق في أحد جبالها أمر ببنائه السلطان عبد الحميد الثاني، ونفذه مجندون في الخدمة العسكرية بداية القرن العشرين، وحسب الروايات فقد بدأ العمل ببناء هذا الخرق عام 1876 واستمر لغاية عام 1909، ليكون فيما بعد جزءاً من سكة حديدية تربط فلسطين بالديار المقدسة لتسهيل سفر الحجاج.

وعن النفق العثماني يتحدث المختص بتاريخ العمارة الإسلامية الأستاذ محمود فارس قائلاً لدنيا الوطن " هذا الخرق يبلغ طوله 800 متر ويعتبر نموذجاً فريداً بالشرق الاوسط من حيث الدقة العمرانية في البناء التي بلغها المسلمون في حينه ويضح هذا جلياً داخل النفق ويتابع فارس فقد نقش الحجر بطريقة هندسية تساعده في الحفاظ على معالمه وتركت فتحات في الجدران لتامين الحماية والاضاءة.

 ويضيف فارس لدنيا الوطن ان تاريخ هذا النفق يعود الى زمن السلطان عبد الحميد الثاني وقد تم إنجازه لتسهيل سفر حجاج فلسطين الى الديار المقدسة عبر سكة حديد الحجاز، واحتفل بهذا الإنجاز في دمشق أبان حكم السلطان، وقد أطلق عليه اسم الخرق لأنه يخترق باطن الجبل.

من جهته بين أحمد منصور رئيس بلدية بلعا أن للخرق رمزية كبيرة عند أهالي البلدة، فقد أكسب المنطقة استراتيجية كبيرة قديماً وحديثاُ، وقد بات هذا الخرق مزاراً للسواح والرحلات المدرسية، وحسب منصور فان الخرق تعرض للعدد من عمليات الحفر والتخريب من بعض الواهنين بوجود ذهب أو قطع أثرية وقد تم ترميم تلك الحفريات من خلال العديد من المبادرات.

وأكد منصور على ضرورة الاستمرار في متابعة الخرق بين الفترة والأخرى لأنه يشكل نموذجا فريدا في فلسطين، إضافة إلى أهميته التاريخية والسياسية التي كانت سائدة، والتي تعبر عن الترابط الجغرافي والسياسي والاقتصادي بين فلسطين وخارجها.

بحسب الباحثين والمختصين بالتاريخ فان هذا الخرق بات معلماً اثرياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد تجلى فيه جمال البناء وروعة المنظر، وما يعطي هذا النفق أهمية أخرى أن اعلى القمة التي بني تحتها النفق هي خربة اثرية رومانية مليئة بالشواهد الثمينة، من معاصر عنب ومقابر واساسات بناء، ومهما اختلفت الروايات او المسميات لهذا المكان فانه يظل شاهداً كبير بعمره ومكانته، فقد بات الخرق اليوم معلماً أثرياً يحتاج الى المتابعة المستمرة حتى لا يتعرض للهدم أو التخريب كما حل بالكثير من المواقع الأثرية التي وقعت فريسة للتخريب والنهب من قبل لصوص الآثار.