بين أبو مازن وحسن نصر الله

بين أبو مازن وحسن نصر الله
كتب غازي مرتجى

*
تُخطيء حماس إن كانت تعتقد أن "تركيا" شريكاً استراتيجيا من أولوياته نصرة المقاومة وغزة , وسأعتبرها "طفولة سياسية" إن أيقنت حماس بأن الخلاص بيد الأتراك , ومع ذلك لا زلتُ على قناعة تامة ان النموذج التُركي يجب أن يُحتذى به لنجاحه بإقناع مواطنيه بأنه النموذج الأفضل والأسلم .

لقد نجحت تركيا وأردوغان على وجه الخصوص بالدخول في اللعبة العالمية والاقليمية وفرضت نفسها لاعباً اساسياً في كل المخططات المرتقب تنفيذها . علاقات النظام التركي مع قطاع غزة التي جاءت وفقا للمتغيرات الاقليمية الأخيرة تحكُمها المصالح ويعلم أردوغان وهو لاعب دولي مُتمكّن أن سياسات الاخوان المسلمين البيروقراطية والكلاسيكية لا تتماشى مع السياسة الدولية والتسارع المستمر للهيمنة على المدخرات والممتلكات القومية العربية , والهدف الأردوغاني من العلاقات مع غزة متشعّب رغم أنّ بعضاً من تصرفات الحزب الحاكم بتركيا تأتي من منطق التعاطف ورفض الظلم الا ان العلاقة مع القضية الفلسطينية وحماس على وجه الخصوص لها محدداتها .

لستُ من دعاة قطع العلاقة مع تركيا على العكس يجب ان تكون علاقة كافة الدول مع القضية الفلسطينية بمستوى علاقة حماس مع تركيا بعيداً عن علاقة تلك الدولة بالاحتلال فكلٌ له مصالحه , فقطر لديها علاقات قوية جدا بإسرائيل وهي تعمل بميزان من ذهب في قطاع غزة وفي العلاقة مع حماس إلا ان الدور القطري في قطاع غزة واعماره واعادة بنائه يُشار له بالبنان .

العلاقات الدولية وتقاطع المصالح محدد رئيسي في العلاقات والتحالفات ولا يُمكن إجبار دولة صديقة على تحديد علاقات وغيرها ويجب تفهُم ذلك جيداً ..

**

في مشهد مَهيب أعلن البرلمان اليوناني اعترافه بدولة فلسطين وألقى الرئيس أبو مازن كلمة عاطفية ثورية ووصف التصويت بـ"التاريخي" .. في خضم زيارة الرئيس إلى اليونان وتتويج الجهد الديبلوماسي عالي المستوى باعتراف اليونان بفلسطين كدولة واستمرار اللقاءات والجهود لجر "أوروبا" إلى مربع الاعتراف بدولة فلسطين في خطوات مدروسة تُعطي افضلية بخطوة إلى الأمام لطالما قاتل لأجلها الشعب الفلسطيني .

خرج حسن نصر الله مسؤول حزب الله بخطاب مُسجل متلفز عبر قناة المنار متحدثا حول عملية اغتيال الشهيد سمير القنطار , وأثناء كلمة نصر الله كان الرئيس أبو مازن يرفع علم فلسطين الذي استشهد لأجله المئات وجُرح الآلاف وأُسر ثلث الشعب الفلسطيني وبكُل بساطة تتحول ألوان العلم الفلسطيني على خارطة فلسطين التاريخية الى الوان العلم الايراني كخلفية لخطاب نصر الله التهديدي ! .

لقد أخطأ البعض في جدلهم حول الشهيد القنطار وأسقطوا الخلافات والاختلافات الطائفية التي تطحن بسوريا الآن على الشهيد الذي ضحّى بأجمل سنوات عمره لأجل ألوان العلم الفلسطيني الذي استبدله نصر الله بألوان العلم الايراني , فالشهيدُ القنطار لا ينتظر شهادة "فيسبوكيون" تربّوا على شعارات التطرف والتعصب فاعتبروا القنطار "فطيساً" وبعضهم حكم بمصيره في النار , رحم الله القنطار وتاب علينا ممن زاودوا على وطنيته واستعجل خلاصنا ممن حكموا بأمره دون وجه حق !