مركز الميزان يؤكد أن أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل محكاً جدياً

غزة - دنيا الوطن
تمر الذكرى السنوية لليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الثاني/ ديسمبر 2015 في ظل استمرار وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. وبالرغم من كون الذكرى هي مناسبة لحث الأسرة الدولية على حشد جهود الدول والقوى المجتمعية لضمان حماية وإعمال حقوق الإنسان، إلا أن قوات hلاحتلال تواصل تكريس سياسة عنصرية تجاه العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الوقت نفسه تشجع الحكومة الإسرائيلية قوات الأمن والشرطة على استهداف المدنيين بالقتل، وباستخدام القناصة، وتحاول تبرير هذه بأنها دفاع عن النفس وأن كل الضحايا سقطوا خلال محاولاتهم النيل من جنودها ومستوطنيها، وهذا أمر دحضته الوقائع على الأرض بما في ذلك تعرض يهود للقتل على أيدي أجهزة الأمن الإسرائيلية لمجرد الاشتباه أنهم عرباً.

وتشير المعطيات على الأرض منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2015 المنصرم إلى أن قوات الاحتلال، في سياق مواجهتها للحراك الشعبي السلمي الرافض لاستمرار الاحتلال وسياساته العنصرية في الضفة وغزة، قتلت (115)، من بينهم (25 طفلاً) و(5) سيدات وفقاً لمصادر وزارة الصحة الفلسطينية. وأوقعت آلاف الجرحى، وفرضت مزيد من القيود على حرية التنقل والحركة، وأنشأت معازل جديدة تعزل سكان أحياء مدينة القدس وتقيم الحواجز على مداخل الطرقات الأساسية تخضع المدنيين لأعمال تفتيش تنطوي على إهانة وإذلال للمدنيين وتعرقل وصولهم لأعمالهم وللخدمات الأساسية.

كما تواصل تلك القوات معاقبة ذوي الضحايا ممن تقتل أبنائهم بهدم منازلهم كإجراء عقابي جماعي حيث هدمت (11) منزلاً في هذا السياق. وتبعث الانتهاكات الإسرائيلية برسائل واضحة للفلسطينيين تؤكد فيها على أنها لا تكترث بالمجتمع الدولي والقانون الدولي وأنها دولة فوق القانون ومحصنة ضد الملاحقة والمسائلة.

ويتعاظم شعور الفلسطينيين بالظلم والغبن في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتسيطر مشاعر الإحباط، في ظل تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم وما يتعرضون له من جرائم حرب متواصلة، دون أن يحرك ساكناً على العكس من ذلك فهم يشاهدون استمرار تسامح المجتمع الدولي مع الجرائم الإسرائيلية وعدم اتخاذ خطوات جدية لوقفها، وإنصاف الضحايا وملاحقة المجرمين. 

هذا وأفضت سياسات المجتمع الدولي إلى مضاعفة معاناة المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، حيث يستمر التسامح مع الحصار الإسرائيلي المتواصل الذي يدخل عامه التاسع على التوالي، ودون اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تسمح على الأقل للمهجرين قسرياً ممن هدمت منازلهم وعاشوا الخوف والترويع وفقدوا أبنائهم أو أقاربهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير باستعادة مساكنهم، ووقف معاناتهم المستمرة واستعادة كرامتهم التي أهدرها التشرد. وفي هذا السياق تشير المعطيات إلى أن وبعد مرور حوالي عام وأربعة أشهر على توقف العدوان لم يتم تسليم منزل واحد لأصحاب المنازل التي لحقت بها أضرار جسيمة أو هدمت كلياً والتي يبلغ عددها 24.000 منزل. كما أن عشرات آلاف المنازل التي لحقت بها أضرار جزئية لم يتسلم أصحابها الأموال اللازمة لإعادة تأهيلها، وفي الوقت نفسه تواصل سلطات الاحتلال منع دخول المزيد من المواد الضرورية في أعمال البناء وصناعة الأثاث حيث فرضت مؤخراً حظر دخول أنواع مختلفة من الأخشاب، الأمر الذي سيرفع من كلفة إعادة الإعمار وستكون له تداعيات سلبية كبيرة على قطاع الصناعات الخشبية، ما سيهم في مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية

كما تأتي المناسبة في ظل تصاعد الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتكريس سياسة تقسيم الفلسطينيين وعزلهم، وتصاعد الاعتداءات العنصرية التي تواصلها سلطات الاحتلال والمستوطنين ضد الفلسطينيين، واستمرار حملة تهويد القدس وتهجير سكانها قسرياً أو عزلهم داخل معازل محاطة بالأسوار، وتصعيد الإعدامات الميدانية للأطفال والنساء والرجال عبر عمليات القتل العمد. وتفضي الانتهاكات والسياسات العنصرية الإسرائيلية إلى مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية وأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، الأمر الذي يكرس شعوراً بالإحباط غير المسبوق في نفوس الفلسطينيين ويدفعهم إلى التشكيك في نشاطات الأمم المتحدة عموماً، بما في ذلك منظومة حقوق الإنسان والقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحق اللاجئين في العودة والتعويض وغيرها من القرارات التي تدين الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يعيد التأكيد في الذكرى السابعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على الأهمية الكبرى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع الحقوق والحريات الواردة فيه وفي غيره من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى إيمانه العميق ونضاله الدؤوب والمتصل لتحويلها واقعاً في هذه المنطقة من العالم. كما يؤكد مركز الميزان على أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وانتهاكاتها المنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين يشكلان تناقضاً واضحاً بين ما يعلنه المجتمع الدولي من انتصار لقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وبين تحلله من أي التزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بل واستمرار تجاهله لأساس المشكلة والذي يكمن في استمرار الاحتلال.


مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يرحب بتصاعد الحراك الشعبي المتضامن مع قضية العدالة وحقوق الإنسان في فلسطين، فإنه يدعو أحرر العالم إلى مزيد من الجهود لمناهضة أبشع أنواع التمييز العنصري وجرائم الحرب الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين في أراضي دولة فلسطين المحتلة، ويؤكد على أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل محكاً جدياً لسلوك المجتمع الدولي وجدية سعيه لحماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة حول العالم.

 ويطالب مركز الميزان بهذه المناسبة المجتمع الدولي بالوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من المدنيين المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وضمان عدم إفلات قادة دولة الاحتلال من العقاب والمسائلة عما ارتكبوه أو أمروا بارتكابه من جرائم. ويجدد مركز الميزان دعواته المتكررة للمجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتل، تمهيداً لإنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الأصيل وغير القابل للانتقاص في تقرير مصيره بنفسه.