خلال المساحات الآمنة لصحة المرأة ..إبداعات ولوحات فنية لذوات الإعاقة الذهنية

خلال المساحات الآمنة لصحة المرأة ..إبداعات ولوحات فنية لذوات الإعاقة الذهنية
غزة - دنيا الوطن
 اتخذن ركناً هادئاً من بين جنبات المساحات الآمنة، بدأن يعملن كخلية نحل، كل منهن تعرف دورها، كل واحدة تمسك إبرتها وخيطها وتحاول انجاز لوحتها الفنية بأقصى درجة من الإتقان.

آية تعشق التطريز تستشعر ذلك من خلال نظرات عيونها المحدقة الشاخصة بالقطعة دون سواها، لا تلتفت إلا حينما يدنوا منها أناس أبهرهن عملهن، واحترافهن الذي برز من خلال معروضاتهن اللاتي علت الطاولة التي أحطنها كدائرة مغلقة خاصة بإبداعات ذوات الإعاقة الذهنية.

سعاد فتاة أخرى صنفت مجتمعيا ضمن ذوات الإعاقة الذهنية، ملامحها عبرت عن مدى سعادتها بالمشاركة في تلك الزوايا الصديقة التي أتاحها لها مركز صحة المرأة جباليا  التابع لجمعية الهلال الأحمر قطاع غزة ضمن مشروعه تمكين حماية وتمكين الفتيات والنساء في شمال غزة.

سبعة من ذوات الإعاقة الذهنية ضمن مركز لا تنسوني شاركن بفعالية في تلك المساحات، لإبراز إبداعاتهن وإيجاد مساحة مجتمعية لهن تتيح للمجتمع التعرف على هذه الشريحة التي طالما نبذها ونحاها جانباً واتهمها بالاتكالية وغير ذلك.

عطاف محسن أخصائية التأهيل المشرفة على( 19) حالة من ذوات الإعاقة الذهنية قالت:"  بعد سنوات طويلة من التأهيل والتدريب نجحنا في الوصول إلى هذا الانجاز والمشاركة بفعالية في كل معرض يقام في محافظة الشمال لإبراز إنتاج هذه الشريحة وتغيير النظرة السائدة حيالها".

من جهتها قالت مديرة مركز صحة المرأة جباليا مريم شقورة أننا نؤمن بدمج جميع شرائح ذوات الإعاقة في المجتمع كحق أساسي لهن، في المشاركة في المجتمع، لترويج وتسويق منتجاتهن وتعريف الفئات المجتمعية بإبداعاتهن.

الأشغال اليدوية لم يستهو النساء والفتيات فحسب بل امتد ليشمل الشباب، فهذا الشاب خالد تتلمذ على يد " ام زياد" حيث تمكن خلال يومين من إتقان فن التطريز ومسك الإبرة وتعلم النقلات المختلفة.

يقول خالد:" الإبداع ليس حكر على النساء، نحن الشباب قادرين على تعلم تراثنا وهويتنا الفلسطينية، التطريز لا يشكل هواية عندي فقط بل يرتبط بتراثنا وتاريخنا،  ولا توجد لدي أي مشكلة في امتهان هذه المهنة فيما بعد في حالة توفر لدي الإمكانيات اللازمة لشراء المواد الخام".

الشاب أحمد وهو طالب في الصف العاشر عبر عن رغبته في تعلم مهارة التطريز، التي شغفها من خلال والدته وخالته التي كانت دوما تمسك بقطعة قماش وتنسج عليها أشكالا إبداعية مختلفة، فتعلمت منها الشيء اليسير واليوم أكملت وأتقنت المهارة وهي ليست صعبة.

وقال أنصح الشباب التوجه لتعلم هذه المهارة واستغلال وقت فراغهم في أشياء مفيدة عِوضاً عن الجلوس على  الطرقات، أو أمام التلفاز أو غير ذلك، فهي مهارة تساعد على التفريغ النفسي وفيها نوع من الإبداع.

في زاوية أخرى كانوا يمرحون ويتطايرون كأنهم فراشات جميلة ترغب في التحليق في كل مكان دون قيود، فهنا طفل لون وجهه بعلم فلسطين وكتابة أول حرف من اسمه وطفلة أخرى استهوتها ألعاب التركيب، وأخرى ترسم بريشتها بيت طالما حلمت أن يكون لأسرتها كي تجد فيه مساحتها الخاصة.

ندى أحمد حرصت أن تأتي مبكرة لغرفة الأطفال لتمارس هواياتها التي طالما حرمت بها قبل ذهابها لمدرستها، بدت على محياها علامات الرضا والفرحة.

قالت:" لا توجد مساحة كافية تتيحها لنا المدرسة لممارسة هواياتنا في اللعب واللهو، ولم توجد لدي ألعاب في البيت، لأننا نعيش في أسرة ممتدة يزيد عدد أفرادها عن 30 فرد، من الصعب أن أجد مجال للعب والمرح فقدِمت إلى هنا بمجرد أن سمعت عن تلك المساحة المخصصة لنا.

كانت تحاول أن تنهي ملامح بيتها التي صممته بأناملها الغضة، حينما سألتها عن سبب اختيار رسمة البيت قالت" نفسي يكون لنا بيت في المستقبل ، أجد فيه مساحة لممارسة هواياتي ويصبح لدى غرفة خاصة وألعاب.

المشرفة على زاوية الأطفال المنشطة هالة العطاونة التي كانت في السابق تدير فرقة خرابيش للفنون المسرحية للأطفال، ضمن مشروع قالت:" كنا ندير هذه الفرقة ونرسم البسمة على شفاه الأطفال في الرياض عبر العروض التي نقدمها برفقة زملاء آخرين".

تضيف العطاونة في ظل أزمة البطالة فأنا خريجة إدارة أعمال منذ العام 2007 لم احظ بوظيفة بتخصصي لذا توجهت لهذا العمل الترفيهي والذي وجدت ضالتي فيه ونجحت مع الأطفال، فاستهوتني الفكرة، واجتهد لتحقيق حلمي بتأسيس فرقة خاصة بي بعد أن أتمم التجهيزات الفنية اللازمة.