التضامن والمقاطعة

التضامن والمقاطعة
عمر حلمي الغول

حل في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني. ذلك اليوم الذي تم فيه تقسيم دولة فلسطين التاريخية قبل ثمانية وستين عاما خلت للتأصيل لاقامة دولة إسرائيل الكولونيالية على انقاض نكبة شعبنا. وللأسف لم ترَ الدولة الفلسطينية النور، ليس بسبب رفض الشعب والقيادة الفلسطينية للقرار، إنما لان الارادة الدولية والعربية آنذاك، لم تكن معنية بإقامتها. لانه لو كانت لدى الحكام الممسكين بمقاليد الامور في ذلك الحين الرغبة لتكريس دولة فلسطين، لاوجدوا من النخب السياسية الفلسطينية من يتوافق معهم، ولاقاموا الدولة رغما عن إرادة الشارع الفلسطيني، ولامكنهم إعادة اللاجئين وفقا للقرار الدولي 194، الذي ربط بين الاعتراف باسرائيل وعودة اللاجئين. ولكن المخطط الغربي الرأسمالي الصهيوني وحلفائهم من العرب، كان مع شطب القضية والشعب الفلسطيني من الجغرافيا السياسية.

في خضم المد الوطني النسبي، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بفعل إنجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة، تبني العالم قبل ستة وثلاثين عاما في التاسع والعشرين من العام 1979، قرارا يُّحول يوم التقسيم ليوم التضامن العالمي، لما لذلك من دلالة هامة، فيه إقرار معلن ولو بشكل غير مباشر بالاعتراف بالخطيئة، التي إقترفها العالم بحق الشعب الفلسطيني.

هذا التضامن الاممي، الذي يحظى به الشعب الفلسطيني، هام وداعم قوي للكفاح الوطني. غير انه مازال بحاجة ماسة لتفعيل وتطوير وتعميق، كي ينتج لوبي ضاغط على صناع القرار في إسرائيل والولايات المتحدة وباقي الاقطاب المتناغمة معهم، لإقرار التسوية السياسية، وفتح الافق لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وفي هذا الصدد، فإن الضرورة  تملي على القيادة والنخب السياسية (وانا منهم) التوقف عن إستخدام "مبدأ خيار حل الدولتين"، لان هذا المبدأ يغالط الحقيقة، لاسيما وان هناك دولة موجودة وتمارس الاحتلال لاراضي الدولة الاخرى. لذا التصويب بات أكثر إلحاحية ليدرك من لم يكن يدرك، ان المطلوب إقامة الدولة الفلسطينية، التي حال الاسرائيليون الصهاينة واربابهم الرأسماليون وشركاؤهم العرب دون إقامتها قبل 68 عاما.

بالجهود المنظمة للجان المقاطعة الوطنية والعربية والدولية (BDS) يمكن توسيع نطاق عزلة دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في كل المحافل والمنابر بمستوياتها المختلفة. ودون التحشيد الاممي لتوسيع نطاق ومجالات المقاطعة، ومن ثم الاسهام بفرض العقوبات الاقتصادية والديبلوماسية والعسكرية، من الصعب في ظل موازين القوى الحالية، والتي تميل يوما تلو الآخر لصالح إسرائيل المارقة والخارجة على القانون أكثر مما تميل راهنا. ولولا هذا الادراك الجلي لإختلال الموازين في اوساط القيادة الاسرائيلية، لما بقيت الحكومات المتعاقبة في الدولة العبرية تماطل وتسوف، وتضرب عرض الحائط بالقرارات والمواثيق الاممية ومرجعيات السلام، وآخرها البحث نهاية الاسبوع الماضي عن مرحلة ما بعد السلطة الوطنية.

إذاً في ظل تراجع الولايات المتحدة عن الحد الادنى من الرعاية للتسوية السياسية، وتطابقها مع حكومة نتنياهو، وصمت العرب، وإنشغال العالم بالملفات العربية والاقليمية على حساب القضية الوطنية، فإن المصلحة الوطنية تحتم العمل على: اولا ترتيب البيت الوطني (مصالحة وطنية، عقد مؤتمر فتح، عقد المجلس الوطني، تطوير الهبة الشعبية)؛ ثانيا توسيع نطاق حملة المقاطعة، لتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني؛ ثالثا مواصلة النضال السياسي والديبلوماسي والاقتصادي، وتعزيز السيادة على ارض الدولة الفلسطينية.

[email protected]

[email protected]