(إيجابيات وسلبيات) .. عسكرة الانتفاضة : بين اختلاف التنظيمات والقرار المفقود .. ؟

(إيجابيات وسلبيات) .. عسكرة الانتفاضة : بين اختلاف التنظيمات والقرار المفقود .. ؟
خاص دنيا الوطن
 من حمزة أبو الطرابيش

مقارنة سريعة بين  انتفاضتي الاولى والثانية من العقدين السابقين دون عرض التفاصيل، نجد أن الانتفاضة الأولى التي اندلعت في شتاء 1987 قد حققت نتائج ملموسة ونجحت في تغيير الرأي العام؛  مع الاشارة أنها اتبعت وسائل بسيطة جدا كالحجر والصدر العاري في التصدي لإسرائيل؛ اما الانتفاضة الثانية والتي تعسكرت بعد ولادتها بعام بقرار سياسي؛ وأدت  سريعا بجانب خسائر فادحة طالت الأطر والحياة الفلسطينية بمناطق الضفة كافة دون تحقيق أي نتائج.

بعد مرور شهرين على اندلاع الهبة الجماهيرية أو "انتفاضة القدس" الثالثة؛ هناك دعاوي من بعض الفصائل في غمرة استفحال آفة الانقسام في تربة الأحزاب الفلسطينية، تطالب بعسكرة أو انتقال  الثورة من الشكل الشعبي إلى الكفاح المسلح؛ ولكن الفلسطينيون وخاصة فئة الشباب وجُل من ذاق طعم خسائر الانتفاضة الثانية يتعامل مع هذه الدعاوي بالبرود أو ربما الرفض لهذا المنطق.

تدفع تلك الدعاوي والمطالبات الفصائلية بالعسكرة  والتي تقابلها  رفض  واضح من الشارع الفلسطيني إلى سؤال أوحد : في حال ارتداء الهبة الجماهيرية او الانتفاضة الثالثة ثوب الكفاح المسلح ماهي سلبيات وإيجابيات هذا القرار؟!

محللون أجمعو على أن إيجابيات العسكرة  ستكون (معدومة)، أما عن السلبيات  فهناك عدة أشكال للخسائر التي ستلحق المواطن الفلسطيني، ويرى المحللون ان هناك  عدة سيناريوهات ستنفذها إسرائيل في حال هذه الخطوة، علما أن الاحتلال ينتظر بفارغ الصبر قرار التسليح.

السيناريو الأول :  ستتخذ إسرائيل خطوة إحادية الجانب في الحال العسكرة، وستتبع خطوات  بحق مدن الضفة قريبة من انسحاب غزة صيف 2005، ومن ثم فرض  حصار وقتل وكل وسائل القمع ..إلخ. هكذا يرى بعض المحللون.

يقول المحلل السياسي طلال أبو عوكل : " اسرائيل ستتخذ إجراءات جديدة في حال توصل إلى الكفاح المسلح، وأولهم ستنسحب من منطاق الضفة (A) من ثم ستفرض أشكال قمعية وبكل الوسائل المتاحة لها".

 ويرى أن اسرائيل ستتعامل مع هذا الوضع بقوة مدمرة ما يخلق واقع سوداوي للفلسطينيين، مردفا : "  السلطة الفلسطينية لن تترك هذا الأمر يحصل؛ سيما أنها تعلم أن الاحتلال ينتظر هذه الخطوة على أحر من الجمر".

أما السيناريو الثاني بحسب المحللون؛ فيعتقدون أن  الاحتلال سيتخذ  خطوة تجزئة المدن ومن ثم فرض حصار مشدد عليها كما تفعل في مدينة الخليل  وقت صياغة هذا النص.

يستبعد المحلل السياسي حاتم أبو شعبان فكرة الانسحاب من الأراضي، ولكن يدعم فكرة تجزئة المدن وحصارها ، قائلا : "  ستعتمد اسرائيل خطوات معقدة في الضفة في حال العكسرة، وستكون أعقد من ظروف غزة ما مرت بها  في السنوات الثماني".

الفلسطينيون : لا نريد كفاح مسلح

 

  المتتبع جيدا لاحاديث المواطنين خاصة في شوارع الضفة يجد أنهم توحدوا على قاعدة : " تجنب استخدام السلاح في هذه الهبة الشعبية، على قاعدة استخلاص العبر من الانتفاضة الثانية التي جرت في العام 2000".

كذلك أجمع المراقبون أن البرود والشجب والرفض الذي يصرخ به الفلسطينيون المنتفضين  في الميدان الشعبي  بعد م تسلح الانتفاضة. لسببين الأول إنعدام  الثقة في الأطراف الفلسطينية وتحديدا الفصائل، كذلك الوعي الذي يحيط الشباب الفلسطيني من ناحية  مقدار الربح والخسارة. كذلك يرون أن الفصائل الفلسطينية ، بكل أطيافها لا تلعب دوراً مهماً في الميدان ، رغم محاولة بعضها استثمار ما يجري لصالحها ، وتضخيم دورها فيما يجري على الارض.

بهذا الصدد؛ في جزئية من  مقالة لدكتور حسن دوحان قال فيها : "  ان الانتفاضة الشعبية خيار شعبنا الاوحد والجرئ ، فلا تحرفوا البوصلة وتجهضوا تجربة الصدور العارية والعزل من بدايتها بإطلاق صواريخ عشوائية هنا او هناك او باستخدام السلاح ، فإسرائيل تدرك ان تمسكنا بخيار المقاومة الشعبية السلمية هو السلاح الاقوى في مواجهتها في ظل تفوقها العسكري والتكنولوجي، ولان نماذج الاستشهاد والبطولة (العمليات التفجيرية) لم تعد ذات قبول (اسلامياً وعربياً ومرفوضة اصلاً دولياً).

الفصائل وفكرة العسكرة

في الطرف الاخر.. يبدو ان هناك نقاس سياسي بأمر عسكرة الانتفاضة وخاصة من التنظيم الاكبر حركة حماس، صاحبة الأيدولجية المقاومة،  فقبل  أسابيع كانت هناك مقابلة  مع القيادي البارز فيها الدكتور محمود الزهار ومفادها  يرى يرى أن عسكرة الانتفاضة اليوم ضرورة لردع الجرائم الاسرائيلية وقال:" على أن الذين ينادون بعدم عسكرة الانتفاضة يخشون على مصالحهم الشخصية ومواقعهم وبطاقات الـ VIP الممنوحة لهم، موضحاً أن المجتمع الإسرائيلي كله مسلح من الجندي إلى الشرطي إلى المستوطن إلى، والسؤال لماذا لا تُعسكر الانتفاضة أمام عسكرتها من الجانب "الإسرائيلي"؟

لكن عقب هذه المقابلة  أجرت دنيا الوطن سابقا حديثا مع القيادي من الحركة المهندس اسماعيل أشقر الذي قال ، إن :" فكرة عسكرة الانتفاضة ليست مطروحة ونحن مع الانتفاضة بكافة أشكالها".

في ذلك يقول الدكتور يحيي موسى القيادي في حماس حول هذا النقاش الذي يدور على طاولة حماس : " الانتفاضة مأمورة بأمر الشارع الفلسطيني، وحماس تسير وفق إيقاع العمل الشعبي".

وأكد موسى في حديثه لدنيا الوطن أن حماس لا يمكنها ان تفرض على الساحة الفلسطينية أي خيار.

ولكنه يستهجن فكرة دعوة ان تكون الانتفاضة ناعمة حسب توصيفه ، قائلا : "  هذه الأعمال لا تؤدي الاحتلال لذلك نترك الأمر للقرار الشعبي وكيف سيتصدى للعدو الإسرائيلي".

وبهذا الصدد.. قالت حركة فتح على لسان عضو المجلس الثوري الدكتور عبد الله عبد الله : " الوضع القائم لا يحتاج لتفكير بعسكرة الانتفاضة، علينا التعلم من التجارب السابقة، كذلك الوضع السياسي المفكك لا يمكنه أن يدعم هذه الخطوة".

ويكمل العبد الله : " الانتفاضة لا تقتصر على وسيلة الرصاص، هناك عدة وسائل اثبتت نجاحها، كانتفاضة الأولى التي وصلت إلى مرادها بحجر وصدر عاري".

ودعا الجميع إلى عدم المغامرة وسط اختفاء العوامل الداخلية والإقليمية والمجاورة التي تعد ركيزة أساسية في هذا القرار.

 أما حركة الجهاد ..  يقول المتحدث باسمها الدكتور يوسف الحساينة:" إن إضافة العمل المقاوم مرهون بما تمر به الانتفاضة". مبينا انه يحتاج لقراءة العوامل الخارجية والمفصلة للانتفاضة.

وأكد الحساينة أن حركة الجهاد منخرطة في اليوم الأول من عمر الهبة الجماهيرية، بالوسائل والأدوات الشعبية كافة، قائلا: " نحن مع الفعل الجماهيري في هذه المرحلة، على الجميع أن يقرأ المرحلة قبل اتخاذ أي خطوة".


ختاما.. بين رفض ووعي الفلسطينيون بقرار عسكرة الانتفاضة، وفي انتظار إسرائيل هذه الفرصة الذهبية؛ هل تقدم الفصائل على خطوة الكفاح المسلح؟!