الاسكوا أحيت يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني

رام الله - دنيا الوطن
أحيت لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا - الاسكوا "اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" باحتفال قبل ظهر اليوم في بيت الامم المتحدة - رياض الصلح، حضرته ممثلة الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لبنان سيغريد كاغ، وزير خارجية فلسطين رياض المالكي والسفير اشرف دبور، رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني حسن منيمنة، وسفراء دول اجنبية ودبلوماسيون عرب وممثلو منظمات اهلية فلسطينية ولبنانية.

وتخلل الحفل افتتاح معرض للاشغال اليدوية الفلسطينية ورسوم لطفل فلسطيني عمره 13 عاما يجسد انتماءه لفلسطين.

خلف
وألقت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة الأمينة التنفيذية للاسكوا الدكتورة ريما خلف كلمة قالت فيها: "بين اجتماعنا هنا السنة الماضية واجتماعنا اليوم، استمرت اسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي، استمرت في قتل المدنيين الفلسطينيين وحبس الأطفال وتعذيبهم، وصعدت في تدمير البيوت والحقول والممتلكات، وأمعنت في استغلال الموارد الطبيعية للفلسطينيين من معادن ومياه، وفي تلويث بيئتهم الحيوية. كل ذلك في خرق سافر للمواثيق الدولية".

أضافت: "تزداد المستوطنات ونظام الاحتلال الذي قتل الناس وسلب أرضهم يعتقد صلفا أن القانون الدولي ينطبق على كل سواه. وها هو يصر على أن استعمار الأرض المحتلة وبناء المستوطنات لأصحاب ديانة معينة فيها، هو حق إلهي يعلو على حقوق الإنسان للآخرين كافة. قد يكون من المنطقي أن يطالب أحدهم بالتفاوض على آلية تناسبه لتطبيق القانون الدولي. لكن أن يأخذ من القانون ما يناسبه فقط، ويضرب بالباقي عرض الحائط، فهذه عجيبة ليس أغرب منها إلا التغاضي عنها. ولا يكتفي النظام الإسرائيلي بخرق القانون، بل يطالب الضحية، شرطا للتعاون معها، أن تصبح شريكته في الجريمة، وأن تشرع له ما يمارسه بحقها من قتل وسلب، ثم يهدد ويتوعد بارتكاب المزيد من الجرائم إن لم ينل مبتغاه".

وتابعت: "يبدو للناظر أن قضية فلسطين هي قضية معقدة في أحسن الأحوال وخاسرة في أسوأها. لكن القضية واضحة والحل جلي، فرض تطبيق القانون الدولي وعدم استثناء النظام الإسرائيلي من المحاسبة في إطاره. ولا عجب أن كل الوثائق التي توافقت عليها دول العالم أجمع، وآخرها أهداف التنمية المستدامة، تضع التزام الجميع بالقانون الدولي شرطا وهدفا للوصول إلى عالم أفضل".

كاغ
وتلت كاغ رسالة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وقالت فيها: "يحل موعد الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام في وقت وصل فيه مستوى الأمن والأمل إلى الحضيض. فقد اجتاحت المنطقة موجة عنف شملت شن هجمات مشينة وحوادث طعن وإطلاق نار ودهس بالسيارات، مسببة معاناة شديدة للأسر الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء. وإنني أدين هذه الهجمات وجميع أعمال العنف. وقد استمرت أنشطة الاستيطان غير القانونية وأعمال العنف التي يمارسها المستوطنون، إلى جانب عمليات الهدم العقابي للمنازل والمباني التي يملكها الفلسطينيون".

أضافت: "مع أنني أدرك التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل، لا يسعني إلا أن أذكر السلطات الإسرائيلية بأن استعمال القوة، إن لم يكن مضبوطا بشكل مناسب، يؤجج مشاعر الغضب والسخط. وأحث الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، لا سيما في استعمال القوة الفتاكة".

وتابعت: "إن الفلسطينيين يشعرون بسخط عميق إزاء احتلال دام قرابة 50 عاما. أما الإسرائيليون، فيخافون خوفا شديدا على أمنهم. وقد يؤدي انسداد الأفق السياسي الكفيل بتحقيق حل الدولتين إلى فقدان السيطرة على الوضع".

ودعت "المجتمع الدولي، بل ويجب عليه، أن يؤدي دورا أكبر لكسر حالة الجمود. وتواصل المجموعة الرباعية المعنية بالشرق الأوسط جهودها للابقاء على إمكانية إقامة دولة فلسطينية وتهيئة الظروف المواتية للعودة إلى طاولة المفاوضات بجدية".

منيمنة
بدوره، ألقى منيمنة كلمة لبنان، فقال: "نلتقي صباح هذا اليوم الذي أرادته الجمعية العامة للامم المتحدة، يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وهو اليوم الذي يعبر عن دعم المجتمع الدولي لقضية الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل نيل حقوقه العادلة والمشروعة، حيث يتكرر الاحتفال به منذ سنوات في مختلف المحافل والهيئات والمنظمات الدولية وتتولاه في لبنان الاسكوا مشكورة".

أضاف: "في لبنان نرى أن هذا اليوم يأتي ليعبر عن معان عديدة، وليذكرنا بأهمية هذه القضية التي تشهد مع الأسف إنحسارا عربيا ودوليا عن إيلائها ما تستحق، بالنظر الى الحروب ومآسي الاعتداءات الارهابية التي شهدناها ونشهدها، وآخرها ما عانيناه في لبنان، وما تعرضت له العاصمة الفرنسية وقبلهما الطائرة الروسية فوق سماء سيناء المصرية. ولعل المعنى الأبرز ما بات بمثابة قناعة راسخة لدينا، مفادها أن ما تعانيه منطقتنا العربية من أوضاع تدميرية مصدره الرئيس هو وقوع الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، الأمر الذي قاد ويقود الى تفجيرات متلاحقة تقذف من جوفها منوعات العنف السياسي والاجتماعي".

وتابع: "أقول إن الاحتفال بهذا اليوم يعني لنا في لبنان الكثير، فهو وإن كان يعبر عن قناعتنا بنصرة الشعب الفلسطيني ودعم نضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال وحق العودة وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، فإنه يدعم المشتركات التي تجمعنا الى هذا الشعب، في نصرة قضايا الانسان وتمتعه بحقوقه الطبيعية والسياسية وكرامته الانسانية، وهي الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية جميعا. وهو يكرس توجهنا معا في رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين ودعم حق عودتهم الى الديار التي هجروا منها في موجات متعاقبة بدأت في العام 1948 ولما تنته بعد. وهو موقف نتشارك فيه كشعب ومسؤولين لبنانيين، مع الأخوة الفلسطينيين في السلطة وعموم الفصائل والناس الصابرين في مخيماتهم وتجمعاتهم.

وأردف: "إن التضامن مع الشعب الفلسطيني مصدره الأساس أيضا أن لبنان وشعبه قد ذاقا الأمرين من سياسة غطرسة القوة التي طالما مارستها إسرائيل على امتداد تاريخها، وكان آخر فصولها الدموية علينا عدوان العام 2006، وما تخلله من عنف تدميري أهوج، طال لبنان من أقصاه الى أقصاه، فقتل البشر ودمر المؤسسات والجسور والحجر. نحن نفهم التضامن مع الشعب الفلسطيني أنه كبح لجماح العدوان المستمر والمتصاعد على هذا الشعب في الداخل وقطاع غزة والشتات، وكذلك على مجمل الشعوب العربية التي تعرضت وما تزال لهذا العدوان الذي يضرب عرض الحائط بالقرارت والمواثيق الدولية، ويعرض أمن المنطقة وعالم اليوم المتشابك للخطر مستفيدا من الغطاء السياسي الذي يتمتع به".

وقال: "يأتي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام، وسط طوفان القمع الذي يتجلى في منح المستوطنين حرية القتل العاري بدم بارد لأطفال وشباب وصبايا فلسطين، بذريعة محاولة طعن جنود الاحتلال بالسكاكين. وفتح أبواب السجون للمزيد من المعتقلين، ومواصلة الحصار على قطاع غزة، والتوسع في ممارسة الزحف الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية. وعليه، يتحول الجلاد الى القاضي الذي يصدر الاحكام الميدانية وينفذها فورا دون دفاع أو حق استئناف. إن ما يجري هو نتيجة لاستمرار الاحتلال وعدوانيته المنفلتة من كل قانون وقيد. ولعل ما يستهدف المسجد الاقصي هذه الايام لتقسيمه مكانيا وزمانيا، بعد أن سبقه إحراق العديد من الكنائس، ما هو الا محاولة متجددة لنسف التراث الروحي للمدينة المقدسة وفلسطين وشعبها. إننا نرى في ذلك حلقة متقدمة من حلقات تهويد الارض ومحاولات طرد سكانها العرب منها، وهو ما شرعت فيه اسرائيل منذ لحظة احتلالها. ولعل بناء جدار الفصل العنصري وتحويل القرى والمدن الى معازل وأحياء مطوقة بالاسلاك الشائكة والجنود، وفصلها عن بعضها بعضا بحجة الأمن، خطوات إضافية في هذا السياق العنصري، هذا ناهيك عن مصادرة الاراضي وتدمير المنازل وشن الحروب التدميرية على القطاع وحصاره ومنع المواد الضرورية أن تدخل الى سكانه".

أضاف: "إننا عندما نتضامن مع فلسطين وشعبها فإننا نتضامن مع أنفسنا، ونقول إننا وأخوتنا من فلسطين تقاسمنا طويلا وما نزال، كل أشكال شظف العيش ومراراته، ولن نتراجع عن توجهنا هذا في مواجهة مخاطر التفلت الاسرائيلي من القوانين والمواثيق الدولية. كما أن محاولات الجماعات التكفيرية النفخ بنار الفتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين لن يكتب لها النجاح، فقد إتخذ الشعبان قرارهما المشترك منذ عقود أن لا عودة مطلقا الى أي شكل من أشكال الاقتتال والتناحر، وقد باتا يدركان معا أن ذلك ارتد وبالا وخسرانا عليهما. إن تسعير الصراعات المذهبية والطائفية على امتداد ساحة المنطقة من أي طرف أتى، هو الخدمة الكبرى التي تقدم للاحتلال وسياساته العدوانية".

وتابع: "إن ضمان أمن وسلام المنطقة التي لم تعرف الحروب الدينية، وإن شهدت بعض التجاوزات، لن يكون مدخله التغطية على تجاوزات العدوان والاستيطان والتمييز العنصري عبر تفجير التناقضات الداخلية وإدعاءات محاربة الارهاب، كما أنه لن يتحقق بزيادة مخزون الترسانة العسكرية الاسرائيلية، ولا من خلال اعتبار أمن اسرائيل من أمن الولايات المتحدة الاميركية، بل يكون بإرغام العدوان الصهيوني على الانكفاء، وجيوش الاحتلال الاسرائيلي على الرحيل عن أرض فلسطين، واعتماد حل الدولتين وتنفيذ القرارات العربية والدولية، وفي المقدمة منها القرار رقم 194 الذي ينص صراحة ودون تسويف على حق اللاجئين بالعودة الى ديارهم التي هجروا منها ولا يزالون".

وأردف: "في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يشد الشعب اللبناني على سواعد وأيدي مناضلي ومناضلات فلسطين، الذين يواجهون بصدورهم العارية الاحتلال الاخير المتبقي على سطح الكرة الارضية، ونرفع الصوت عاليا داعين المجتمعات العربية والدولية الى دعم هذا النضال، والتأكيد على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واعتماد حل الدولتين وبناء الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف وتطبيق المبادرة العربية. أما سوى ذلك فليس سوى عملية إيغال في الجريمة ودماء الضحايا، وتماديا في التنكر لقرارات الشرعية والأمن والسلام الدوليين".

وختم: "نحن واثقون أن شمس فلسطين ستشرق لا محالة بدولتها وشعبها وعاصمتها القدس، وسينتصر حق الشعب المقهور على القوة الغاشمة مهما طال ليل الاحتلال".

الماكلي
من جهته، قال المالكي: "لقد امتزجت الدماء في الأرض الفلسطينية المحتلة، واتحدت دماء المتضامنين، والعاملين الدوليين مع دماء أبناء شعبنا دون أن تفرق آلة الحرب الإسرائيلية بيننا، فقتلت ودمرت واعتقلت. ومن هنا، فإننا نؤكد على أن شعبنا قد اختار بشجاعة، طريق السلام وأدواته، وبإيمان راسخ بمواصلة المسار السياسي والدبلوماسي والقانوني للوصول إلى سلام عادل وشامل يحقق التطلعات الوطنية المشروعة لشعبنا في العيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة".

أضاف: "لذلك، فإن هذا يعزز الحاجة إلى تشكيل جبهة سلام عالمية متعددة الأطراف من الدول أصدقاء فلسطين، وحماة حل الدولتين، تقوم بالعمل على وضع معايير واضحة متسقة مع قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، من اجل تحقيق السلام، وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. لان استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو مصدر العنف، وأهم مظاهر الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني. وقد حان الوقت للمجتمع الدولي لضمان تنفيذ الصيغة الوحيدة للسلام: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستقلال فلسطين".

كولبورن
وقالت مديرة حملة التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة ساره كولبورن: "منذ سبعين عاما تم توقيع ميثاق الامم المتحدة الذي نصت مقدمته على الاتي: نحن شعوب الامم المتحدة، عازمون على حماية الاجيال المتتالية من مغبة الحرب، وعلى استعادة الايمان بحقوق الانسان الاساسية. وعلى إنشاء ظروف تؤمن المحافظة على العدالة واحترام الواجبات المنبثقة من المعاهدات الدولية".

أضافت: "نظرا الى الاحداث المفجعة التي وقعت مؤخرا هنا في بيروت كما في باريس، ولا ننسى فلسطين حان الوقت لكي يتم تقييم التقيد بتلك المبادىء. خلال الصيف المنصرم، لم تمنع المشاهد المأسوية على شطآن جزر اليونان الحكومة البريطانية من القول ان الذين هربوا من الموت والدمار لن يجدوا الملجأ المنشود في بريطانيا. هذا يتعارض تماما ومثل لبنان الذي استضاف عددا هائلا من اللاجئين، بما يعادل احتضان بريطانيا لعشرين مليون لاجىء. علما ان الحكومة البريطانية وافقت على استضافة عشرين الف لاجىء في السنوات الخمس المقبلة".

وتابعت: "هناك عدد من الفلسطينيين بين اولئك الذين فروا من الحرب في سوريا، وحقهم في العودة الى ديارهم لم يحظ قط بالاحترام، فكيف سيكون رد الحكومات في العالم في ظل هذا الوقت الصعب؟ هل ستتجاوب عبر خلق المزيد من الحروب والظلم والخوف؟ هل ستستمر بتطبيق انتقائي للقرارات والقوانين الدولية؟ او هل سيكون هناك اقتناع بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام هي التصرف بما يخدم الحقوق والعدالة للجميع. هذا يعني على وجه الخصوص، اعترافا جديا بأن انتهاكات القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة من اسرائيل غير قابلة للنكران".

وأردفت: "لقد قررت الجمعية العامة للامم المتحدة اعتبار العام 2014 السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وأظهرت استطلاعات الرأي قلقا من تصرفات اسرائيل. على حكوماتنا ان تفكر في هذا الامر، فلا يمكن الاستخفاف بالاحباط الذي يصيب المجتمع المدني ازاء فشل المجتمع الدولي في التصرف لانهاء الانتهاكات الاسرائيلية لقرارات الامم المتحدة والقانون الدولي وحقوق الانسان. عندما تفشل الحكومات في التصرف ازاء الظلم يستعد الشعب للتدخل، حتى ملاجىء الامم المتحدة في غزه الصيف المنصرم لم تسلم من الغارات الاسرائيلية. ان للفلسطينيين الحق في الحياة شأنهم شأن أي شخص آخر".

وختمت: "أنا أحثكم كي لا تستمر اسرائيل بالافلات من العقاب. وعلينا العمل سويا مع المجتمع المدني لانهاء الظلم والاحتلال والعنصرية والاستيطان، ولنعمل سويا من اجل فلسطين حرة".