كيري من جديد

كيري من جديد
 عماد زقوت  

يعتبر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، صانعًا أو منفذًا للسياسة الأمريكية الخارجية، ورغم الوضع الملتهب في العالم، خاصة في سوريا وعواقب تدخل الدب الروسي، إلا أن الرجل يوازي هذا كله، بما يحدث في الضفة، فيلتقي نتنياهو وعباس من أجل إيجاد حلول لإنهاء انتفاضة القدس التي مضى على انطلاقها شهرين، وإن دل هذا على شيء، فإنه يؤكد أن دولة الاحتلال تعيش أزمة وارباكًا حقيقيين، وطلبت المساعدة الأمريكية في ظل توسع رقعة الانتفاضة الجغرافية على مستوى الضفة الغربية، القدس، والداخل المحتل.
 لكن من الواضح أن عودة كيري للمنطقة لن تحل المعضلة، ولن يكن باستطاعته إنقاذ صغيرتهم إسرائيل، باعتبار أن الانتفاضة، ما هي إلا ثورة شعبية بامتياز، ولا يوجد لها قائدٌ واضحٌ حتى تضغط عليه أو تفاوضه، وهذا ما يفسر كيف أن دولة الاحتلال بقوتها العسكرية المهولة، ظلت عاجزة أمام سكين المطبخ. هناك حالة من الذهول، من القريب قبل البعيد، ومن الصديق قبل العدو، تجاه المشهد المتكرر لصورة إقدام فتاة بعمر الزهور لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها، وهي تعارك جنديًا صهيونيًا مدججًا بسلاحه، وهي لا تملك سوى إيمانها وسكينًا، ولربما هذه المشاهد هي من عجلت من وصول كيري للمنطقة الذي سيسجله التاريخ كفاشل بامتياز في كل ما يتعلق بالملف الفلسطيني، وكأنه يجهل طبيعة هذا الشعب التي عرف عنه البطولة والشهامة والثبات في أحلك المواقف.
 أضف لهذا أن موشيه يعلون، وزير الحرب الصهيوني، أقر بعجزه وفشله في مواجهة العمليات الفردية الفلسطينية، وقال إن مواجهتها تستغرق وقتًا طويلاً، ونقول ليعلون ما قاله الشهيد القائد عماد عقل لرابين:"ماذا ستفعل لشاب يريد أن يموت؟"، ونكرر الأمر ذاته اليوم: "ماذا ستفعل يا يعلون أمام إقدام شبان الانتفاضة؟ ماذا ستفعل لشاب يجلس بينه وبين نفسه، وهو يشاهد إجرامك اليومي بحق فتيات شعبه؟ ويقرر في ذاته أن ينفذ عملية ضد جنودك ومستوطنيك ردًا على جرائمكم؟ من المؤكد يا يعلون أنك ستقف مشلولًا أمام هذا المشهد. 
 و لكيري الذي وصف الانتفاضة المباركة بـ"العمل الإرهابي"، نقول إن شعبنا سيزداد إصراره واقدامه و"إرهابه" ما دام الاحتلال جاثماً على أرضنا.
 وندعو السلطة الفلسطينية الاصطفاف جانب شعبنا وانتفاضته، وألا تقف في وجهه أو أن تتجنبه –على الأقل- لأنه قرر المضي قدمًا في إشعال الانتفاضة، ولن يعود للخلف، وسيأتي يومٌ يحاسَب فيه كل من تجرأ عليه، وتآمر على قضيته، فعلى السلطة فتح صفحة جديدة مع شعبنا، وأن تقرر الانخراط في انتفاضة الشعب وتحمي ظهرها. ونقول لشعبنا وخاصة في الضفة: "هيئوا أنفسكم لما هو آت، فلربما يضيقوا عليكم، ويفرضوا الحصار على مدنكم، وقراكم، ومخيماتكم، وقد يلجؤون لتقسيم الضفة المقسمة أصلاً، لكن بصبركم الذي لم نر له مثيلًا سيزول الاحتلال بإذن الله تعالى، وستنتهي معاناتكم اليومية التي سببتها الحواجز والجدار الذي يلتف حولكم، وينتهي تغول المستوطنين عليكم وعلى أراضيكم، وبإبقائكم على جذوة الانتفاضة مشتعلة، سيتحقق هذا كله لكم، ولتذهب مؤامرات كيري إلى الجحيم".