بنغلادش عندما تكون مثالاً يُحتذى به

بنغلادش عندما تكون مثالاً يُحتذى به
 أ.أحمد صبحي أبو مصبح

تناقلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وخاصة العربية، خبر تنفيذ حكم إعدام رئيسة وزراء بنغلادش السابقة خالدة ضياء، ولم يلقَ هذا الخبر أي صدىً أو تحليل مستفيض كأي خبر مهم تقف عنده وسائل الإعلام، أو تبحث في أسبابه ونتائجه، ذلك يرجع إلى أن سبب إعدام خالدة ضياء واثنان من كبار مستشاريها هي قضايا فساد مالي، وإهدار المال العام، والتربح والكسب غير المشروع، فلو قامت وسائل الإعلام بتحليل هذا الخبر باستفاضة وتمعن، فإن ذلك سينعكس حتماً على الواقع العربي والإسلامي في الوقت الراهن، ولنتسأل كم من رئيس وزراء، ووزير عربي ومسلم سوف يعدم بسبب الإغتلاس، ونهب مقدرات الدولة والشعوب.

ألم تُنشئ سويسرا بنوكاً خاصة من أجل أموال العرب المنهوبة من رؤساءها ووزراءها وكبار مسئوليها!!!

ألم ينظر المسئولين وأصحاب المناصب العليا إلى معدلات البطالة والفقر المتفشية بين المجتمعات العربية والإسلامية، وهم ينعموا بالأموال، ويعيشوا حياة الترف والبذخ هم وأبناءهم وسلالاتهم، إن كان كذلك ونحن نقف اليوم أمام إعدام رئيسة وزراء بنغلادش، وقبلها نظرنا جميعاً إلى مصير كل من كان يلهث وراء المال والجاه (القذافي، وعلي عبد الله صالح)، كيف كانت النهاية؟، وهل يذهب المال مع صاحبه إلى القبر؟.

إذا كان المال حلالاً لا يذهب مع صاحبه، فكيف لو كان حراماً، فسيبقى وبالاً على صاحبه في الدنيا والآخرة.

ألم يكن قدوتكم وقدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم في شظف من العيش، وشدة من المعاناة، فقد أخرجهم الجوع من بيوتهم في وضح النهار، وهم زعماء للأمة بأسرها.

ألم يقرأ مسئولينا هذه السير ويعتبروا منها، ودولنا الإسلامية والعربية تمتلك ثلث خيرات العالم، وللأسف تزيد البطالة بين الشباب، ويكثر الفقر بين المجتمعات، وما زال يصنفنا من ينهب ثرواتنا ومقدراتنا (الغرب) ضمن دول العالم الثالث (المتخلف).

أن ما تنتظره الشعوب العربية والإسلامية هو العمل الجاد من أجل مكافحة الفساد المستشري في مؤسساتنا ووزاراتنا، ومحاسبة المسئولين ضمن هيئات رقابية عادلة، لا تحابي أحد، ولا تجامل أحد، وفي هذا يقول الله عز وجل في كتابه الكريم "وقفوهم إنهم مسئولون"، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته".

لهذا فإن إعدام خالدة ضياء كان لا بد أن يمر دون أن نعتبر به، ونتعظ منه، وهذا مدعاة إلى المحاسبة والاستقامة، ورد المظالم إلى أناس ينتظرون منها القليل كي يعيشوا فقط بكرامة دون بذخ أو تبذير.