أراضي حكومية

أراضي حكومية
كتب غازي مرتجى

رغم حالة النفي والإنكار المستمر لمسألة توزيع الأراضي الحكومية على موظفي ما بعد 2007 إلاّ أنها باتت حقيقة واقعة بعد أن أعلن القيادي في حركة حماس "الظاظا" عن المشروع في مؤتمر صحفي عام .

لن أُزيّن مقالي بعبارات الرفض والاستنكار التي تحدث بها الجميع عدا بعض موظفي غزة .. لكن ولأنّ الأمر أصبح نافذاً فإنّ حملات الرفض والاستنكار لن توقفه كما جرّبنا ذلك سابقاً فلماذا لا نبني على الخطأ ليكون صحيحاً ؟

في قطاع غزة هناك فئات كثيرة تعتاش بوضع أسوأ من وضع موظفي غزة أنفسهم , فـ"العامل" الذي مُنع من العمل في إسرائيل وأتباعهم من "العُمّال" الذين عملوا فترة الأنفاق وازدهار الوضع الاقتصادي في غزة (عام مرسي) ويقدر عددهم بأكثر من مائة ألف عامل وفي نفس أوضاعهم المعيشية يعتاش الخريجون حياة بائسة ويُقدر عددهم بـ 100 ألف خريج عدا عن عائلات الشهداء والجرحى ممن أمّنوا (برأي البعض) راتباً يعتاشون عليه مما تصرفه مؤسسة أسر الشهداء والجرحى .

وبدلاً من المقارنة العبثية بين فترات سابقة وفترات حاضرة وكأننا نقارن خطأُ بخطأ أقل أو أكبر وهو أساس غير سوي وغير صحيح للمقارنة لا بُد من مشاركة الجميع في صياغة وتعديل الوضع القائم .. فرواتب موظفي غزة من حقهم لكن مستحقاتهم واجبة على من سبق الحكومة الحالية (بحسب نص اتفاق الشاطئ) ولنستثني أيضاً الواجبات والالتزامات المقابلة ولنتحدث عن الأراضي الحكومية بمُجملها العام .

لماذا لا تدعو حماس القوى الفلسطينية في قطاع غزة بما فيها حركة فتح للاجتماع وإقرار خطة تضمن سلامة الجميع بدلاً من الدخول في معترك سيؤدي بلا شك إلى إهدار الأراضي الحكومية والتي لا تمتلكها الحكومات أياً كان لونها وإنما هي مصدر استقرار الأجيال القادمة ..؟ ماذا لو اجتمعت الفصائل وأقرّت خطة تقتضي أن يقوم كل تنظيم بحسب إمكانياته بالمشاركة في مشاريع إنشائية يجب أن تلتزم بمعايير المستقبل بأن يكون البناء "عمودياً" بحيث يكون الدونم الواحد يكفي لـ60 عائلة وليس عائلة واحدة او عائلتين .

في حال جمعنا الأرقام التقريبية لأعداد العمال والخريجين وموظفي غزة فإن العدد الإجمالي لن يتجاوز المائتي ألف شخص يكفيهم بحسب مخططات البناء العمودي ما يقارب من 3 آلاف دونم من الأراضي الحكومية والهدف في هذه الحالة أن يعتاش الجميع داخل شقق سكنية لا تختلف كثيراً عن أن يكون الشخص منهم يعيش وحيداً في بيته أو مع عائلته .

في هذه الحالة أعلاه لا يلزمنا إلا رجال أعمال مقتدرين يؤمنون بالأجيال القادمة ومستعدون لبناء هذه الأبراج بالتقسيط للعمال والخريجين أما موظفي غزة فبإمكان "حماس" بحسب إعلان الظاظا أن تقوم بتأمين مبالغ مالية لصاحب "المقاولة" او ان يكون ثمن شققهم بدل أرض .

نعم من حق موظفي غزة ممن ليس لديهم "منازل خاصة" العيش في أملاكهم وفق ما تقرره مستحقاتهم المالية – حتى ممن ليس لديهم مستحقات تكفي للعيش في شقة سكنية فيُمكن تقسيط ما يتبقى من مستحقات عليه كما العمال والخريجين.. لكن ليس من حقهم الحصول على "أراضٍ" وحدهم دون غيرهم .

باعتقادي ان التفكير بهذا المستوى من البناء والتخطيط للمستقبل سيكون خير وأبقى من التفكير في تنفيس الاحتقان الداخلي واللعب بموروث -لا نملك فيه شيء بل يملكه أحفادنا- لإيصال فكرة التنافس بين طرفي الانقسام بطريقة تُوحي بعدم الإيمان بحقوق الأجيال القادمة علينا .

إنّ التفكير بالأجيال القادمة واجب على كل الفصائل ولن يرحم التاريخ من يصمت ..   

**

 

التعليقات