المرأة الفلسطينية:سيدة الموقف في المواجهات .. غائبة في التحليل السياسي !

المرأة الفلسطينية:سيدة الموقف في المواجهات .. غائبة في التحليل السياسي !
غزة - خاص دنيا الوطن- آلآء البرعي

مُقلباً جهاز التلفزة باحثاً عن الأخبار العاجلة لكلِ ما يدور حوله ، "وردنا الآن من مراسلنا في الضفة الغربية .. معنا على الخط الهاتفي مراسلنا في قطاع غزة .. نرحب بالمحلل السياسيّ .. " ولكن ، ما إن تطلب الحصول على رأيي محللة سياسية حتى تقابل بالاستهجان !

و مع تعدد أوجه مشاركة النساء في المواجهات الأخيرة ، كان من المفترض أن تكون الفرصة الذهبية لتفتح المجال أمام الوسائل الإعلامية بشقيها المرئي و المسموع لاستضافة النساء و تقديمها كمحللة سياسية فلسطينية .

يبقى السؤال المطروح : لماذا تُقدم النساء كسيدات الموقف في ساحات المواجهات الدائرة في الضفة الغربية و قطاع غزة على حدٍ سواء ، منذ مطلع أكتوبر الماضي ، و يتم استثنائها من مواقع القيادة و التحليلات السياسية ؟

الاعلامية ديما اللبابيدي و التي تعمل في فضائية فلسطين اليوم توضح لـ"دنيا الوطن" أنّ تواجد المرأة في التحليل السياسيّ قليلُ جداً فعلياً ، موضحةً أنها لم تستضف خلال سنوات عملها أيّ محللة سياسية " و لم تلتقِ بأيّ واحدة منهن بالأساس ".

و تضيف :" استمعت في مرةٍ عبر برنامج متلفز على احدى المحطات المحلية الفلسطينية بأنّ هناك سيدة تصلح بالفعل لأن تكون محللة سياسية و لكنها لم تقدم نفسها على هذا الأساس".

و تتابع :" المسؤولية الكبرى تقع على عاتق النساء المثقفات سياسياً و اللاتي لا يبذلن جهداً في التسويق لأنفسهنّ كمحللات سياسيات كما يفعل الرجال".

مشيرةً إلى أنّ المرأة غائبة في مواقع القيادة نتيجةً لطبيعة التفكير الذكوريّ الذي تعيشه المؤسسات و الفصائل ، و الذي يضع المرأة مجرد " تكملة عدد " على حد تعبيرها.

و اختصر الاعلامي أحمد سعيد مقدم برنامج نبض البلد على اذاعة الشعب جوابه قائلاً :" خلال عملي لم أستضف أيّ محللة سياسية واحدة ، هناك متخصصات بالمجال السياسيّ و لكن المرأة نفسها تهاب الخروج على الهواء".

منوهاً إلى أنّ إظهار المرأة كمحللة سياسية أو في موقع قيادي تقع بالتناوب على وسائل الاعلام و مؤسسات المجتمع المدني ووزارة شؤون المرأة ، أو بمعنى آخر " الدولة ".

و قالت الصحفية اسلام البربار من مدينة غزة :" النضال و الكفاح ليس مقتصراً على الرجل دون المرأة ، و بالتالي مواقع القيادة و التحليل السياسيّ أيضاً ، فالمرأة الفلسطينيّة هي الحاضنة و المربية و المناضلة و نصف المجتمع".

و تتابع :" هناك نماذج رائدة للمرأة يجب إظهارها ، سواء في السلطة أو أي منظومة إعلاميّة ، فالإعلام هو البوصلة الأساسيّة و القائد الرئيس لإظهار المرأة بعيداً عن الصورة النمطيّة لها من شاكية و باكية ، إلى محللة سياسية و رائدة في مواقع القيادة".

موضحةً أنّ غياب المرأة في المناصب القيادية قائم على عقلية المجتمع و الظروف الاقتصادية الصعبة ، مشيرةً الى وجود حاجة ماسة لزيادة الوعي و ضرورة وضع الخطط و الاستراتيجيات التي تنهض بالمرأة.

و أوضح الصحفي مثنى النجار مراسل اذاعة القدس من مدينة غزة ، أنهُ في سنوات عمله قام باستضافة العديد من النساء االاتي أبدعن في التحليل السياسي و ارسال رسائل مهمة.

و تابع :" مسؤولية المرأة الفلسطينية كبيرة جداً سواء على الصعيد الأسري أو النضالي ، و مجتمعنا لا يتقبل أن تظهر المرأة كمحللة سياسية أو في موقع قيادي".

مشيراً إلى أنّ أعداد المحللات السياسيات قليلة جداً مقارنة بدورها المهم ، وواجب على كل الأطياف سواء في الاعلام أو مؤسسات المجتمع المدني زيادة الاهتمام بدور المرأة و التعريج عليه بشكل أوسع ، و العمل على ايجاد المحللات و استضافتهن في الاعلام.

و أوضحت المحللة السياسيّة ريهام عودة من مدينة غزة أنّ تقديم المرأة كمحللة سياسة يقع على عاتق المرأة المثقفة ، مع ضرورة توفر الثقة بالنفس ، و تقديم نفسها للاعلام كمحللة سياسية مستقلة ، دون أن تكون مدعومة من قِبل أحزاب سياسية معينة ، تُروج لأجندة معينة.

و تتابع :" في بداية ظهوري كمحللة سياسيّة منذ عام 2012 ، كان هناك الكثير من التحديات في تقبل وسائل الاعلام تقديمي كمحللة سياسية ، حيثٌ كنت أول كاتبة من غزة تعرف نفسها على أنها محللة سياسية ، و بدأت بعض الوسائل الاعلامية تحاول تقديمي كناشطة سياسية فقط ، بالرغم من كوني مستقلة ولا أنتمي لأي حزب سياسي".

بدورها شرحت القياديّة و المحللة السياسية ريما نزال موقف المجتمع الغير حاسم و المتردد تجاه الأدوار الجديدة للمرأة و التي انتزعتها بسبب خصوصية واقعها كإمرأة تعيش تحت الاحتلال ، و التي فتحت أمامها فرص عديدة لأخذ أدوار غير نمطية و الولوج بها إلى أدوار سياسية و نضالية ، كإنعكاس جديد لدورها.

و تضيف:" لا زال المجتمع مقتنع بالتقسيم التقليدي للعمل ، أعمال خاصة بالرجال و أعمال خاصة بالنساء ، حيثُ يعتبر العمل السياسيّ حكر على الرجل ، و عليه يستطيع التحدث أفضل منها، انطلاقاً من  نظرة نمطية في التشكيك بأهلية المرأة للتحدث في الشأن العام".

موضحةً أنه من النادر ما تم استضافتها كمتحدثة بالشأن السياسي  ، وخاصة في رام الله حيث القيادة متمركزة فيها ، و التنافس و التسابق على الظهور بين السياسين شديد ، فيتم اقصاء النساء".

و تابعت بقولها :" أنا أعترف من موقع معرفتي ، بأن نسبة المتحدثين في الشأن السياسي من الأعضاء أكثر من العضوات ، لكن الإعلام أيضاً لا يستضيف الاقلية السياسيّة النسويّة ، ولا يلتفت لهم لنفس السبب المتمثل بالتمييز".

مؤكدةً على أنّ المجتمع إجمالاً يميل لوضع المرأة في إطار من القداسة ، و عليه يكثٌر الحديث عن المناضلة في إطار من الجماليات الإنشائية ، دون النظر لطموحاتها و احتياجاتها و مطالبها.