مسؤولين في حزب الله : لا يمكننا أن نفرّط بموقع رئاسة الجمهورية

رام الله - دنيا الوطن - محمد درويش
 لفت وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في لبنان  الحاج محمد فنيش إلى أن البعض في لبنان يعتبر أن الحوار هو منّة على الآخرين وشرط لابتزازنا في الموقف، ولكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك، فلا يمكن لأحد أن يمنّ علينا بأنه يحاورنا، ولا حتى نحن نمنّ على أحد بأننا نحاوره، وهذا منهج طبيعي وضروري في العلاقة بين الناس وبين القوى السياسية في وطن مأزوم، ولذلك نحن نريد أن نجنّب هذا الوطن المشكلات، ونحافظ على استقراره، لأنه مهدد من الخطرين الإسرائيلي والتكفيري.

وخلال المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه حزب الله في مجمع الإمام الحسين (ع) في مدينة صور أكد الوزير فنيش أننا لا نعتبر أن من يختلف معنا في الرأي عدو لنا، بل نحن ننظر إليه على أنه جزء من مكونات هذا الوطن، وإذا أراد هو أن يصنّف نفسه عدواً فهذا شأنه، ولكن أن يعتبر أن مجرد الجلوس مع الآخرين هو منّة، فهذا أمر لا ينسجم مع آداب ومنهجية الحوار الذي سنستمر في الدعوة إليه، ولكن ليس على قاعدة أن يبتزّنا أحد، مضيفاً أننا على استعداد للقبول بتسويات، ولكن ليس في الأمور الأساسية التي يفرّط فيها بمصلحة وطننا أو في قضيتنا، أو فيما نؤمن به من أنه يوفّر للبنان واللبنانيين الأمن والأمان، فالمقاومة مسألة غير قابلة للمساومة، ليس لأننا نريد أن نتسلّط في رأينا لمجرد التسلط، بل لأن لبنان يفتقد من دونها للأمن الذي ينعم به اليوم، خاصة وأنه يواجه العدو الإسرائيلي وأخطاره ومشروعه التوسعي من جهة، ويواجه المشروع التكفيري الذي يهدد كل أرجاء الوطن من جهة أخرى.

ورأى الوزير فنيش أن ما أنجزته المقاومة هو مصلحة لكل اللبنانيين، ونحن لا نمنّ على أحد بذلك كما لم نمنّ على أحد عندما حررنا الأرض في مواجهة العدو الإسرائيلي من خلال معادلة أثبتت الأيام أنها هي المعادلة الوحيدة التي تُفيد وتخدم أمن واستقرار اللبنانيين، ألا وهي معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي نتمسك بها لأننا نرى فيها مصلحة كبرى،

 مشدداً على أنه لا يمكننا أن نفرّط بموقع رئاسة الجمهورية بعدما جربنا القبول بحلول وسط تمت مع أشخاص لا يتحملون الضغوطات، ولا ينظرون إلى مصلحة الوطن على قاعدة المصلحة العامة، بل يتعاملون مع الوقائع بما يخدم رغباتهم ومصالهم، وهذا الخيار لم يجدي نفعاً في التجربة الماضية، وعند أول تحوّل وجدنا أن هناك تغيّراً في الموقف، وباتت المعادلة الذهبية بنظرهم معادلة خشبية، فلا نريد أن نكرر الخطأ نفسه، وبالتالي هناك قواعد شراكة وتوازن في مسألة رئاسة الجمهورية، وهذا أمر غير قابل للتغيير.

وأضاف الوزير فنيش أنه فيما يتعلّق بالمسائل الأخرى فنحن كنّا السباقين والساعين والمبادرين من أجل إيجاد الحلول الوسطية لكي لا يستمر التعطيل في المجلس النيابي ولا في الحكومة، ولكن مع الأسف فإن الذي عطّل كل المبادرات هو الفريق الآخر، حيث أنهم كانوا يلتزمون بمواقف ويتوصّلون مع الآخرين إلى تفاهمات ثم ينقضونها، وكان النقض يصدر مرّة عن تيار المستقبل خاصة فيما يتعلق بقيادة الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي، ومرة أخرى ينسبون التعطيل إلى حلفائهم خاصة فيما يتعلق بموضوع الترقيات.

وأكد الوزير فنيش أننا كنا ولا  زلنا إيجابيين في إيجاد تسويات لإخراج لبنان من مأزقه حتى لا يصل إلى الإنهيار، وبالرغم من أننا نعلم أن الحلول الجذرية للمشكلة السياسية في لبنان غير متاحة مع واقع إقليمي متدهور ومع قوى إقليمية لا تقبل هذا التحول الذي يجري من حولها، بل تصرّ على استخدام القوة وقصف الشعوب وتعطيل إرادتها والاعتداء على سيادة الدول، وكذلك تستمر في بث الفتنة ودعم الجماعات التكفيرية، ومع كل هذا فإن ذلك لا يعني أن لا نسعى كمكونات أساسية في هذا الوطن لإيجاد حلول، مشيراً إلى أننا بالرغم من التزامنا بخطٍّ يمتدّ من الجمهورية الإسلامية في إيران مروراً بالعديد من الدول العربية والإقليمية وصولاً إلى سوريا ولبنان الذي هو خط المقاومة في مواجهة أي خطر خارجي، وفي مواجهة العدو اسرائيلي والاستكبار الأميركي، إلاّ أننا نمتلك هامشاً من الحرية، ونحن من يقرر ما هي مصلحة هذا الوطن، ونلتقي مع روسيا في محاربة الإرهاب، ومستعدون لأن نلتقي مع كل من يكون جدّياً في مواجهة هذه الجماعات التكفيرية إذا كانوا صادقين في مواجهة هذا الخطر، وأما إذا كان هناك محاولة توظيف ورهان وانتقائية في المواجهة، وكان الهدف لا يزال هو إسقاط موقع سوريا من أجل إسقاط دور المقاومة، فهذا أمر لا نستطيع أن نجاريهم فيه، بل نحن في موقع الضد والمواجهة، لأننا نعتبر أن هذا تفريطاً بأمن الأمة وبقضيتنا المقدسة فلسطين وبأمننا في لبنان.

ورأى الوزير فنيش أن ما يجري في فلسطين يدمي القلب، حيث نشهد هذه الجرائم الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني الذي لولا تخاذل وتواطؤ بعض الأنظمة العربية، ولولا ما يحاك من فتن ودور هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية، لما كان ممكناً للعدو الإسرائيلي أن يستمر بارتكابه لهذه الفجائع بحقه وبمحاولة استكمال تهويد كل فلسطين، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني هو شعب جدير بالحياة ومبدع مع كل جيل في استخلاص أشكال من المقاومة، فاليوم هو يقاوم بلحمه الحي وبالسكين، لأنه وجد أن مسؤوليته هي أن ينتفض لتدنيس الأقصى ولمواجهة مشروع الاستيطان، وهو بذلك لا يدافع عن حقه في فلسطين فحسب، بل يدافع عن شرف الأمة المنشغلة مع الأسف بمعالجة الفتن التي أشعلتها بعض الأنظمة التي تريد وتسعى من أجل إقامة علاقة مع العدو الصهيوني وتحويل وجهة الصراع نحو إيران، والتي همّها ودورها وجهدها وكل إمكاناتها هو في نصب العداء للمقاومة، مؤكداً أننا نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني كما وقفنا دائماً إلى جانبه، فبالرغم من كل الآلام والانشغالات تبقى المقاومة إلى جانب هذا الشعب، ولن تغفل عن المشروع الصهيوني ولا عن خطره وجرائمه، وستبقى على يقظتها وجهوزيتها وتؤدي واجبها في التصدي للاحتلال الإسرائيلي كما في التصدي لأذنابه من جماعات تكفيرية وغيرها.

وفي الختام تلا الشيخ خير الدين شريف السيرة الحسينية العطرة.

من جهة ثانية : دعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله الفريق الآخر بأن يعودوا إلى المنطق الواحد في لبنان، وأن لا يراهنوا على السراب ولا على الدعم والمتغيرات الخارجية، وأن يعملوا مع جميع الأفرقاء على إعادة بناء الدولة وفق آليات وحسابات جديدة تقوم على مبدأ الشراكة الوطنية، لأن الخروج من الشراكة هو خروج من الدستور والطائف ومن المعادلة الداخلية التي لا يمكن لأحد أن يفرض على اللبنانيين تغييرها مهما علا صوته، ومهما توقّع أن يأتيه دعم من هنا وهناك.

كلام النائب فضل الله جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور أسبوع على استشهاد الأخ المجاهد لامع موسى فارس في حسينية بلدة مارون الراس  في جنوب لبنان بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.

وأكد النائب فضل الله أننا اليوم نقود معركة الدفاع عن لبنان ووجودنا ومصيرنا، وأنه لا يوجد خيار لنا في هذه المعركة إلاّ الانتصار وتحقيق الإنجاز الذي بدأت معالمه تظهر في الأفق، وهذه المعركة سننتصر فيها كما انتصرنا في المعركة على العدو التكفيري، وهؤلاء التكفيريين ومن معهم ومن دعمهم لن يجدوا لهم في بلدنا موطئ قدم ما دام لدينا مظلّة الحماية التي وفّرتها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ولن يستطيعوا السيطرة على سوريا مهما كان حجم الدول التي تدعمهم، فلقد انتهى هذا المشروع، وهو بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونحن سنكمل عليه في كل مكان يجب أن نتواجد فيه مهما كانت التضحيات من قادة وشهداء ومجاهدين .

وأشار النائب فضل الله إلى أن مجاهدي المقاومة الأبطال يخوضون اليوم حرباً كونية دولية مصغّرة تشارك فيها أكثرية دول العالم، ورأس الحربة فيها هم هؤلاء المجاهدون الأبطال والشجعان من أبناء المقاومة وكل القرى الجنوبية الذين يصنعون تاريخاً جديداً لأمتنا، فلبنان كلّه اليوم مدين لهؤلاء الشهداء والمجاهدين، ولولاهم لما كان هناك شيء اسمه لبنان، ونحن لا نتكلم خطاباً، بل هذه وقائع وحقيقة، لأن لبنان كان مهدداً بوجوده لو تمكن هؤلاء التكفيريون من السيطرة على سوريا، ولكنّا نحن مهددين بالاقتلاع من هذه الأرض.

ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن المشكلة الحقيقية في البلد تكمن بخوض فريق 14 آذار منذ العام 2005 إلى اليوم معركة الهيمنة والاستئثار، فتارة يكون المستهدف أمل وحزب الله كما حصل في عام 2006، وتارة يكون المستهدف هو العماد ميشال عون، ومن هنا فإننا ومن موقع المسؤولية الوطنية سنبقى إلى جانب الجنرال ميشال عون لنخوض مسار تصحيح المعادلة القائمة، فلا  يمكن أن نستمر في بناء دولة مؤسسات إذا كان هناك فريق يريد أن يستأثر بالقرار ويعمل على كسر أو إقصاء مكوّن وشريك أساسي في البلد.

كلام الشيخ قاووق جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور أسبوع على استشهاد الأخ المجاهد حسن شريف حجازي في حسينية شهداء بلدة الطيبة بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.

وأكد الشيخ قاووق أننا لم نقصر تجاه وطننا وأهلنا حيث استطعنا بالرغم من أننا نعلم أن المسؤولية بالدرجة الأولى هي مسؤولية الدولة، ولكن حين رأينا أن البلد قد غرق بالأزمات السياسية والمعيشية كان لا بد من وجود حلول ومبادرات وتسويات لإنقاذ البلد وللتخفيف من أوجاع ومعاناة اللبنانيين، وبالتالي دخلنا في الحوار بكل إيجابية وحرص على إنجاحه خدمة للبلد وحرصاً على المصلحة الوطنية،

لافتاً إلى أن ما حصل في الحوار لم يكن مفاجئاً، لأن أولوية فريق 14 آذار هي التمسك بالهيمنة والمكاسب السياسية على حساب الشراكة الفعلية والمناصفة الحقيقية ومصالح الناس، وهم قد أفشلوا الحوار، وبالتالي قرروا التمديد للأزمة والسير باتجاه تعطيل الحكومة، لأن الذي يرفض المبادرات السياسية هو الذي يدفع نحو التأزيم والتعقيد، وما هكذا تكون حكومة المصلحة الوطنية.

وشدد الشيخ قاووق على أن واجباتنا الوطنية تفرض علينا أن نعمل دائماً لتحصين مجتمع المقاومة الذي يستحق كل تقديس ووجود دولة مؤسسات وخدمات ومعالجة القضايا الاجتماعية والمعيشية، ومن هنا كنّا دائما السباقين في خدمة الناس كما كنّا السباقين في المقاومة.

وأكد الشيخ قاووق أننا لن نتخلى عن واجباتنا ومسؤولياتنا تجاه أهلنا ووطننا في هذه المعركة التي فرضوها علينا، وسنبقى في ساحة المواجهة طالما هناك خطر يتهدد أمننا والوطن، ولن تكون نتيجة هذه المعركة إلاّ هزيمة المشروع التكفيري الذي يتهدد لبنان، ونحن نعلن بشكل واضح أن مصير المعركة ضد التكفيريين في سوريا يؤثر بشكل مباشر على استقرار وحاضر ومستقبل لبنان، ولذلك فإن هزيمة المشروع التكفيري في سوريا هو مصلحة وضرورة وطنية، فلبنان لا يمكن أن يتحمل وجود إمارة تكفيرية وراء الحدود مع سوريا، لأن هذا يعني أن يبقى لبنان في دائرة الخطر.

وأكد الشيخ قاووق أن الإرهابيين التكفيريين يحظون اليوم بدعم دول إقليمية وعالمية، ولم يعد سراً أن أميركا ترسل السلاح إلى العصابات التكفيرية، وهذا ما قد أعلنه البنتاغون قبل أيام بأن أميركا أرسلت خمسين طناً من السلاح عبر المظلات إلى العصابات التكفيرية في سوريا،

ورأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله أنه لا يوجد حلول للمشاكل القائمة في لبنان في الأفق المنظور، لأن الفريق الآخر يريد أن يعاقب التيار الوطني الحر على مواقفه واستقلاليته وصدقه وإخلاصة خصوصاً موقف العماد ميشال عون، فهم يعتمدون سياسة الإلغاء والإقصاء والتهميش وتعطيل كل التسويات الجزئية، لأنهم لا يريدون أن يعطوه شيئاً، وبالتالي يقومون بتعطيل البلد والمؤسسات من أجل حساباتهم السياسية.

وخلال المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه حزب الله في مجمع أهل البيت (ع) في مدينة بينت جبيل اعتبر النائب فضل الله أن الثورة الشعبية والقوة العسكرية في لبنان يمكن لها أن تؤثر وتضغط ولكن ليس بمقدورها أن تحقق تغييراً جذرياً، فبعض اللبنانيين الذين يدّعون أنهم يتمسكون بالطائف هم أكثر من يطعنون به، خاصة تيار المستقبل وذلك من خلال سياسته الإلغائية والإقصائية التي يدمر بها صيغة الطائف والشراكة في البلد،

معتبراً أن المدخل للتغيير في البلد هو الاتفاق على قانون جديد قائم على أساس النسبية، بما يوفر تمثيلاً شعبياً حقيقياً لكل الكتل والاتجاهات الشعبية والسياسية، وهذا القانون الانتخابي سينتج مجلساً نيابياً هو أمّ السلطات في لبنان، ومن خلاله نستطيع أن ننتج رئيساً للجمهورية وحكومة، فيكون لدينا سلطة جديدة، لافتاً إلى أن فريق 14 آذار هو الذي يعطل أي تفكير جدي بقانون الانتخاب، وهو الذي عطّل الرئاسة من خلال تعطيل الشراكة الحقيقة، وعطل الحكومة ويعطل المجلس النيابي، ولا زال ينتظر الخارج.

وأكد النائب فضل الله أننا في بلد لا يمكن لنا أن نقيس المواجهة مع أعداء الخارج على الوضع الداخلي، لأن الآليات والطرق والأسلوب مختلفين تماماً، ففريق 14 آذار وبالتحديد تيار المستقبل يعلق الحلول الآن في لبنان على الوضع في اليمن وقبلها كان على التطورات في سوريا، ولكن أسقط ما في يده بسوريا خاصة بعد المتغيرات الأخيرة التي ستحقق انتصارات وإنجازات كبرى في الأيام القادمة إنشاء الله، ونحن بدورنا نعمل ونسعى جاهدين في الداخل من أجل أن نوجد معالجات للمشاكل القائمة خاصة بما له علاقة بالناس وأولوياتها، ولكن لوحدنا لا يمكن لنا نحقق ذلك.

وقال النائب فضل الله إن ما نعيشه في لبنان من استقرار وأمان هو نعمة من الله عز وجل، لأننا إذا نظرنا إلى البلدان التي تحيط بنا، وإلى ما يحدث للشعوب فيها خاصة الشعب السوري والفلسطيني والعراقي، نرى أننا في نعمة كبيرة جداً، ونحن هنا في لبنان على الرغم من كل الصعاب لدينا مقاومة استطاعت أن تحمي من خلال معادلة الجيش والشعب والمقاومة هذا البلد وشعبه من خطر العدو الإسرائيلي والتكفيري.

وفي الختام تلا السيد اسماعيل حجازي السيرة الحسينية، قبل أن تقام لطمية حسينية حاشدة.

 

التعليقات