سياسة "الإعدام الميداني".. كابوس يطارد المقدسيين

رام الله - دنيا الوطن
تشهد شوارع القدس المحتلة أجواء من التوتر الشديد، بعد أن انتشرت في الأيام الأخيرة ظاهرة الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، بزعم الاشتباه بهم، بهدف ترهيبهم وخلق أجواء من الخوف، لردعهم عن التصدي لمخططات الاحتلال العنصرية بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى المبارك.

فبعد أن أمرت سلطات الاحتلال قواتها بإطلاق النار على الفلسطيني لمجرد الاعتقاد بأنه "يشكل خطرا عليها"، نشرت وسائل الاعلام العبرية صورا لرئيس بلدية القدس المحتلة نير بركات يحمل سلاحا أثناء تجواله في المدينة، موعزا للمستوطنين بحمل سلاحهم كذلك في المدينة.

وفي ظل التحريض الذي تنتهجه سلطات الاحتلال على قتل الفلسطينيين، يعيش المقدسي حالة من عدم الاطمئنان، يصاحبها بركان من الغضب والتحدي، بدأت حماه تفور بعد أن قلبت حياة المقدسيين رأسا على عقب، وبات التجول في شوارع المدينة مغامرة لا يمكن توقع عواقبها.

يقول المقدسي أشرف أبو سنينة الذي يعمل في مخبز غربي مدينة القدس لـ"كيوبرس": "بعد الأحداث الأخيرة أفرغت سيارتي من شفرات حلاقة الذقن التي كنت أستعملها في حال تأخرت عن العمل، ولم أستطع حلاقة ذقني قبل الخروج من البيت. كما أفرغت أدوات التصليح من السيارة، خوفا من أن يوقفني أحد حواجز الاحتلال التي أصبحت تنتشر في مدينة القدس بشكل مكثف، ويشتبهون بأني أريد طعن أحدهم فيردونني قتيلا".

وتابع: "كنت أقود سيارتي دائما بسرعة حتى أتمكن من الوصول إلى عملي دون تأخر، لكني الان أقودها ببطء حتى لا أصطدم عفويا بأحد المارة من المستوطنين أو بسيارة أحدهم، فيطلق على النار بذريعة أني قصدت دهسه".

أما محمد الأشهب الذي يعمل في مطعم في شارع يافا شمال غرب بلدة القدس القديمة، فقال إنه وبعد نزوله في موقف القطار الخفيف متجها إلى مكان عمله، أصبح يمشي ملتفتا يمنة ويسرة خوفا من أن يفترسه المستوطنون الذين يتربصون بكل عربي في المدينة.

وأضاف أنه وبعد سماعه نشرة أخبار تحدثت عن قيام مجموعة من المستوطنين بالاعتداء بالضرب المبرح على مستوطن اخر، ظنوا أنه عربي، أصبح يفكر طويلا في كيفية الوصول إلى مكان عمله دون الاصطدام بالمستوطنين. "لا أمشي في الطريق الواحد مسافة طويلة، بل أغيّر الطريق حتى لو كانت المسافة أطول، أبحث عن الطريق الخالية من المستوطنين، وأتحرى الشوارع التي يكون فيها عرب حتى لا أكون وحيدا بين المستوطنين".

من جانبها قالت المقدسية جيهان بدر لـ"كيوبرس"، إنها وبعد سماعها أن المستوطنين أصبحوا ينتهجون سياسة الصراخ بأن هناك فلسطيني يريد قتلهم، وتأتي الشرطة وتقتل أي فلسطيني في الشارع؛ فضلت الجلوس في البيت على الذهاب والتسوق من بلدة القدس القديمة ومحيطها، وزاد من خوفها كما تقول، تربص جنود الاحتلال بالفلسطينيين، حيث لا يمنعهم شيء من ايقاف أي فلسطيني أو فلسطينية وتفتيشه بطريقة مهينة على مرأى من الجميع.

سياسة مصيرها الفشل

من جهته قال المحلل السياسي فضل طهبوب لـ"كيوبرس" إن سياسة الاعدام الميداني التي يتبعها الاحتلال ليست عفوية بل جاءت بقرار حكومي، وليست موجهة لجنود الاحتلال فقط بل لكافة المجتمع الاسرائيلي، وهو ما صرح به رئيس بلدية الاحتلال نير بركات.

وأضاف أن هذه السياسة ليست بعيدة عن سياسة رئيس حكومة الاحتلال السابق اسحاق رابين الذي أعطى أوامر بتكسير أيدي وأرجل الفلسطينيين، مؤكدا على أن مثل هذه السياسات لن تثن الفلسطينيين عن الدفاع عن حقهم ورفض كل الاجراءات الاحتلالية بحقهم وحق مقدساتهم حتى لو كلفهم ذلك حياتهم. وأشار طهبوب الى أن الفلسطيني بشكل عام والمقدسي بشكل خاص صاحب إرادة قوية، وسيبقى مدافعا عن وطنه ومقدساته رغم كل السياسات التي يعتقد الاحتلال بأنها رادعة.