وعد: دمج هيئات في وزارات الدولة خطوة إيجابية لكنها غير كافية لمواجهة الأزمة المالية

رام الله - دنيا الوطن
صدرت يوم أمس الخامس من أكتوبر 2015 حزمة من المراسيم بدمج بعض الهيئات الحكومية في الوزارات، الهدف المعلن منها تقليص المصروفات ومواجهة الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد والتي تأتي بعد أيام من قرار تنفيذ رفع الدعم عن اللحوم. إن هذه الخطوة، رغم أهميتها إلا أنها غير كافية لمواجهة العجز المتصاعد في الموازنة العامة وتفاقم الدين العام.

فقد أقدمت حكومة البحرين، بقرار منفرد ودون التوافق مع القوى والفعاليات الوطنية في البلاد بما فيها المجلس النيابي الذي تسيطر على مفاصله، على تنفيذ الخطوة الأولى من رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء فارتفعت الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 40 بالمئة بالنسبة للدجاج و350 بالمئة بالنسبة للحوم الحمراء، مما أثر بشكل كبير على الوضع المعيشي للفئات محدودة الدخل التي تعاني أصلاً من ضنك العيش في ظل الأجور والرواتب المتدنية، وأسهم هذا القرار في انزياح فئة جديدة من الطبقة الوسطى الى الفئات محدودة الدخل ليزداد القلق على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.

إن جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" سبق لها وأن حذرت من السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها حكومة البحرين، كما حذرت من سياسة التجنيس السياسي التي كانت تكسب الحكم ولاءات مرحلية، إلا أنه تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن هذه السياسة تشكل عبئا اقتصادياً كبيراً على البلاد بتجنيس آلاف العرب والأجانب ما ادى إلى إضافة عبئ اقتصادي على موازنة الدولة سواء على صعيد الإسكان أو التعليم أو الصحة أو التوظيف.  وفي ظل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للموازنة العامة، أصبحت إيرادات الدولة عرضةً لتقلبات أسعاره، وهو ما نعاني منه اليوم بعد انهيار الأسعار إلى ما دون نصف السعر مقارنة بالنصف الأول من العام 2014، فضلاً عن ارتفاع حجم الدين العام ليتجاوز 6 مليارات دينار، فلجأت إلى رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء معرضة فئات واسعة من الشعب للمزيد من الأعباء المعيشية، ناهيك عن ما وصل له حال التعليم والصحة وغيرها من الخدمات العامة التي تردى بها الحال ولم تعد قادرة على استيعاب العدد المتزايد بشكل غير طبيعي.

إن التخبط الذي بلغته الحكومة بسبب سياساتها الاقتصادية غير المجدية، يفرض ضرورة الشروع في عملية إصلاح شاملة في مختلف مفاصل الاقتصاد الوطني بما فيه إصلاح سوق العمل التي سبق وأن قدمت دراسات ومقترحات عملية بشأنها من قبل الجمعيات السياسية وبيوتات الخبرة العالمية، بهدف رفع مستوى معيشة المواطن الذي ينبغي أن يكون الخيار الأول في عملية التوظيف ووضع حد لتدفق العمالة الوافدة، ومواجهة أزمة البطالة وتدني الأجور، وأصبح لزاماً على الحكومة إيجاد نظام اجتماعي وتوفير الرعاية الصحية والسكن الملائم والعلاوات اللازمة لتوفير حياة كريمة للمواطن البحريني.

لقد نبهت "وعد" والقوى المعارضة من الوقوع في أزمة مستحكمة بسبب هذه السياسة، وحذرت من حجم الفساد المالي والإداري وزيادة التسرب من الموازنة العامة في ظل غياب الشفافية والإفصاح وتواضع دور ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي يقتصر على تدقيق جزء من مؤسسات الدولة، ولا يضع يده على الجرح بالكشف عن المفسدين، الأمر الذي أدى لإضاعة الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار برميل النفط في

السنوات الماضية، واختفاء مئات الملايين من الدنانير كانت يمكن لوجودها أن تشكل عامل إنقاذ وسند للدولة والمواطن في ظل الوضع الاقتصادي القائم، ناهيك عن طي ملفات الفساد الأخرى كأملاك الدولة وغيرها دون محاسبة.

وجددت "وعد" التأكيد على أن الانفراد بالقرارات وإدارة الدولة من قبل الحكومة بالعقلية القديمة المسيطرة منذ عقود، ودون مشاركة شعبية حقيقية في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي، قاد في نهاية المطاف إلى تناسل الأزمات وتفاقم العجز في الموازنة العامة والدين العام الذي بلغ حجمه مستويات مقلقة، عطلت عملية التنمية المستدامة وأبعدت تشييد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وفشل المجلس النيابي في وقف اندفاعه الحكومة لتطبيق قرار رفع الدعم عن اللحوم.

وبالرغم من كل هذه التحذيرات والتنبيهات التي لم تلقى آذاناً صاغية، أقدمت حكومة البحرين على تحميل المواطن تكلفة وتبعات أخطائها وتعثرها في إنجاز العملية التنموية التي تعد بها المواطن في الإعلام، بل وتفرض عليه أعباء معيشية جديدة. إن هذه المعطيات تفرض تجديد التأكيد على التالي:-

1.  تشكيل حكومة وحدة وطنية مسئولة ومحاسبة شعبياً، مهمتها وضع الأسس لمرحلة جديدة من العمل المسئول في إطار الوحدة الوطنية، ومعالجة الأزمة السياسية في البحرين، وتقديم حلولاً للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتأسيس لحوار وطني شامل ومسئول، بما يسهم في انتشال بلادنا من مستنقع عجوزات الموازنة العامة والدين العام المتفاقم.

2.  سن قانون الحد الأدنى للأجور، بعد دراسات مستفيضة ومستقلة من شأنها تحديد مستوى الدخل اللازم لمواجهة الأعباء المعيشية، ورفع الأجور والرواتب بهدف الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.

3.  الشروع في إصلاح سوق العمل ووضع استراتيجيات واضحة يكون فيها المواطن خياراً أولاً في عملية التوظيف في القطاعين العام والخاص، ووضع حد لتدفق العمالة الوافدة، بما يخدم عملية التنمية المستدامة. إن أولوية توظيف البحرينيين وتحسين أجورهم كفيل بتراجع حجم العمالة الأجنبية المهاجرة التي تساهم بشكل كبير في زيادة الاعباء الاقتصادية وزيادة المصروفات في القطاعات الخدماتية كالصحة والسلع المدعومة فضلاً عن التحويلات المالية للخارج.

4.  خفض المصروفات التي لا تمس حياة المواطن بشكل مباشر كالمصروفات في جهازي الأمن والدفاع وتقليص حجم الحكومة وجهازها المتضخم مع عدم المساس بمصالح الموظفين البحرينيين أصحاب الرتب العادية.

5.  إيقاف سياسة التجنيس السياسي ومراجعتها بشكل عاجل وسريع واتخاذ قرارات سريعة وحازمة تعالج قضية من تم تجنيسه بشكل غير قانوني، وفق المواثيق الدولية ذات الصلة بهذا الشأن، وذلك تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن، وبما يعزز الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي.