الخطاب : نقطة الانطلاق

الخطاب : نقطة الانطلاق
عمر حلمي الغول

يعتبر خطاب الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة الاسبوع الماضي بمثابة نقطة إنطلاق نحو مرحلة جديدة في مسيرة العملية التحررية. لان المرحلة السابقة، التي اعقبت التوقيع على اتفاقيات اوسلو عام 1993، وصلت لطريق مسدود. ولم تعد الرؤية البرنامجية المقترنة بها، تستجيب للمصالح الوطنية، بل باتت من الماضي. لان الشعب والقيادة على حد سواء، لم يعودوا  قادرين على التعامل مع محدداتها والياتها واتفاقياتها، كون القيادة الاسرائيلية ومن يقف خلفها وخاصة الولايات المتحدة، عملت وفق سياسات منهجية على قتل ودفن تلك الاتفاقيات. وما يجري هذه الايام من استباحة للاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، يؤكد الاستنتاج آنف الذكر. لان جرائم وانتهاكات حكومة نتنياهو ورعاع عصابات المستعمرين، لا تقتصر على ايام الاعياد اليهودية، انما هي سياسة معدة مسبقة، وتعكس توحش وتغول المشروع الاستيطاني الصهيوني، الذي امسى ومنذ التوقيع على اوسلو، يلتهم الارض الفلسطينية عبر عمليات تهويد ومصادرة وقضم متدحرج، ولعل ما حملته تلك الاتفاقية من صيغ ضبابية شجع حكومات إسرائيل المتعاقبة على إستسهال مواصلة السياسات الاستعمارية، وفرض اجندتها المتناقضة مع خيار حل الدولتين على حدود حزيران 67.

ورغم انه تم تصويب تلك الصيغة الهلامية، التي قالت بأن الاراضي الفلسطينية العربية المحتلة عام 67، هي اراض متنازع عليها، بارتقاء مكانة فلسطين لدولة مراقب نوفمبر 2012، وحددت حدود الدولة بالاراضي المذكورة آنفا بما في ذلك القدس، إلآ ان حكومات إسرائيل، كانت تمكنت من حصر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، وفرضت رؤيتها من خلال الالتهام المتواصل للارض واقامة المستعمرات عليها. واستفادت من سيطرتها الكاملةعلى 62% من الاراضي المحتلة، المسماة منطقة (ج). النتيجة العلمية، ان حكومات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، إستطاعت الاستفادة من الاتفاقية (اوسلو) واليات العمل الفلسطينية التبسيطية، بالاضافة للتواطؤ الدولي معها وخاصة الاميركي، واندفاع العرب للتطبيع معها (إسرائيل) قبل تحقيق الاهداف الوطنية والقومية، التي مثلتها مبادرة السلام العربية.

خطاب الرئيس عباس الاربعاء الماضي، شكل منعطفا جديدا في مسار الكفاح الوطني بما حمله من مضامين ورؤية سياسية. وبشر بولوج مرحلة سياسية جديدة، تحتاج الى إعادة صياغة الخطاب في برنامج عمل سياسي يستجيب لطبيعة المرحلة القادمة، ولاليات عمل تتناسب مع الرؤية البرنامجية الجديدة، وبنفس الوقت، الشروع باتخاذ خطوات عملية مدروسة بعناية لشق الطريق الكفاحي، اولا لاعادة الاعتبار للمشروع الوطني؛ ثانيا لقطع الطريق على السياسة الاستعمارية الاسرائيلية؛ ثالثا ولحشر الطابور الخامس الفلسطيني والعربي في الزاوية، وتعريته امام الجماهير الفلسطينية والعالم ككل؛ رابعا لتحميل العرب الرسميين المسؤوليات الملقاة على عاتقهم تجاه قضية العرب المركزية؛ خامسا ولتطوير شبكة التحالفات الدولية بما يدعم المشروع الوطني.

النقاط آنفة الذكر، تحتاج لاطر تنظيمية وسياسية حاملة لها، اولها مؤتمر حركة فتح؛ وثانيها المجلس الوطني؛ وثالثها الزام العرب بعقد قمة عربية قبل القمة الاسلامية لوضع النقاط على الحروف، ولاشراكهم بشكل كامل في ما آلت اليه الامور من تراجع في مكانة القضية الفلسطينية. ورابعها المباشرة بالانضمام للمنظمات والمعاهدات الاممية كلها، كما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس لتعزيز مكانة الدولة الفلسطينية قانونيا وسياسيا؛ وخامسها تطوير وتوسيع نطاق المقاومة الشعبية لمحاصرة قطعان المستعمرين وجيش القتلة الاسرائيليين.

إذا الخطاب ليس سوى البداية لولوج المرحلة الكفاحية النوعية الجديدة. فلتشرع جهات الاختصاص على المستويات الوطنية المختلفة في وضع محدداتها وميكانزماتها. فهل نلج المرحلة ونحن بكامل جاهزيتنا واستعدادنا لمواجهة تحدياتها على الصعد المختلفة.

[email protected]

[email protected]