إغلاق القدس القديمة.. حصار اقتصادي لإفراغها  

رام الله - دنيا الوطن
شهد مدينة القدس المحتلة منذ مساء أول أمس السبت، حالة من عدم الاستقرار، في ظل التشديدات التي تفرضها قوات الاحتلال على المدينة المقدسة وبالأخص بلدة القدس القديمة، وإقدامها على منع من هم دون الخمسين عاما من دخول البلدة القديمة بعد اغلاق جميع أبوابها، وإجبار أصحاب المحلات التجارية وسكانها على التوجه الى باب الأسباط للوصول إلى محلاتهم ومنازلهم.

وشددت قوات الاحتلال من قبضتها على بلدة القدس القديمة، أمس الأحد واليوم، ونشرت حواجزا عسكرية في جميع طرقات وأزقة بلدة القدس القديمة، وقامت بإغلاق مداخل البلدة بالحواجز الحديدية ومنع الفلسطينيين من العبور من طريق الواد التي استشهد فيها الشاب مهند حلبي بعد طعنه أربعة مستوطنين مساء السبت.

وأثر إغلاق بلدة القدس القديمة على حركة المقدسيين والتجار، ما أدى إلى شل الحركة الاقتصادية في المدينة المقدسة. وقال صاحب محل الإكسسوارات في سوق خان الزيت في البلدة القديمة أيمن عرفات لـ"كيوبرس"، إن قوات الاحتلال حوّلت القدس منذ يومين إلى ثكنة عسكرية ومنعت المقدسيين وأهالي الداخل الفلسطيني من الدخول إلى مدينة القدس ما أثر سلبا على الحركة الشرائية في البلدة.

وأضاف أن قوات الاحتلال تضيق على الفلسطينيين منذ بداية الأعياد اليهودية، إذ حددت أعمار المصلين لدخول المسجد الأقصى المبارك ومنعت من هم دون الخمسين عاما من أهالي الداخل الفلسطيني القدوم إلى البلدة القديمة، مبينا أن الاقتصاد المقدسي يعتمد بشكل أساسي على توافد فلسطينيي الداخل إلى المدينة.

من جهته قال صاحب محل الألعاب في نفس السوق ربحي شهاب إنه بالرغم من كون سنه تجاوز 70 عاما، إلا أن قوات الاحتلال لم تسمح له بدخول بلدة القدس القديمة من مدخلها الرئيسي – باب العامود - واضطرته إلى المشي مسافة طويلة ليتمكن من دخولها من باب الأسباط.

وأضاف أنه تم تفريغ شوارع القدس من المقدسيين وامتلأت بقوات الاحتلال التي تمنعهم من التجول في أنحاء عديدة من البلدة، ما انعكس سلبا على الحركة الشرائية في البلدة، "فتحت محلي منذ ساعات ولم يقدم أحد على الشراء على عكس العادة، فالبلد فارغة حتى من أصحاب المحلات الذين آثروا البقاء في بيوتهم على المجيئ إلى البلدة بسبب الاجراءات المشددة".

أما صاحب بقالة الحلواني أيمن الحلواني فقال لـ"كيوبرس" إن شرطة الاحتلال اعترضت على فتحه لمحله الذي يقع في منطقة باب العامود وأمرته بإغلاقه، إلا أنه أصر على فتحه.  ورأى أن ما تقوم به قوات الاحتلال من اجراءات استفزازية متعلق بمزاجية عناصرها ولا توجد أي قوانين تمنع التاجر من فتح محله.

وأكد أنه قام بفتح محله رغم علمه المسبق بالوضع الاقتصادي السيء الذي تعيشه بلدة القدس القديمة منذ اغلاقها بالحواجز العسكرية، "حتى أؤكد لقوات الاحتلال أن القدس عربية ولن يستطيعوا اخلاءها كما يريدون"، وطالب العالم العربي والاسلامي باتخاذ موقف حازم لصد غطرسة الاحتلال.

من جهته قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري لـ"كيوبرس" إن الحالة التي تعيش فيها القدس اليوم من إغلاق وتشديد الحصار الاجتماعي والاقتصادي والديني على المدينة هو جزء من السياسة الاسرائيلية لإفراغ مدينة القدس من أهلها وسكانها الأصليين. فبرأيه أنه ومنذ إخراج بلدة القدس القديمة من معادلة المفاوضات بعد توقيع معاهدة أوسلو عام 1993 بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، تبيّن أن مطامع الاحتلال في البلدة كبيرة، في ظل معاناتها من هجمات استيطانية غير مسبوقة.

وبيّن الحموري أن سلطات الاحتلال تضغط على سكان بلدة القدس القديمة والمقدسيين اقتصاديا، لحسم قضية القدس، مضيفا أنها تعمل على شل الحركة التجارية في المدينة لتتراكم الضرائب على أصحاب المحلات، ما يتيح له الفرصة بمصادرتها بحجة تراكم الديون وفي التالي يستغلها من نواحي استيطانية.

وأردف أن بلدة القدس القديمة تعاني من فقر شديد حيث وصلت نسبة الفقر فيها إلى 80% بحسب الاحصاءات الأخيرة، كما سجلت أكبر نسبة كثافة سكانية ما يضع المقدسي بحالة تشبه السجن. ويطمع الاحتلال حسب الحمروي لإجبار المقدسي على مغادرة القدس نتيجة هذه الإجراءات لإخلائها لصالح المستوطنين.