فاجعة "منى" والاستغلال الطائفي

فاجعة "منى" والاستغلال الطائفي
كتب غازي مرتجى

فُجع المسلمون في العالم الإسلامي بحادثة التدافع التي أدت إلى وفاة ما يزيد عن 700 حاج واصابة العشرات , وفي الرواية الرسمية فإن توجّه عدد من الحجيج من "الأفارقة" الى مكان خاطيء واندفاعهم نحو اتجاه خاطيء في الوقت الذي كان يمر به في الاتجاه الآخر مجموعة أخرى من الحجاج هو السبب الرئيسي في هذه الفاجعة , وجاءت حادثة التدافع الأليمة بعد حادثة سقوط رافعة البناء في الحرم المكي والتي أدت لوفاة ما يقارب مائة حاج من المصلين هناك .

لقد برع العرب والمسلمون بشكل عام بنظرية المؤامرة , فألّفوا القصص والحكايات حول رافعة الحرم وأنها مدبرّة لقتل شخص ما , فهل كان تدبير "العواصف والرياح"العاتية التي ضربت المملكة بشكل عام مُدبرة أيضاً ..؟ وكان السعودية تتحكم بالكون والعياذ بالله .

وبالعودة إلى حادثة التدافع فإن النظر إلى الجزء الفارغ من الكأس هو السبب الرئيسي في تأخرنا سنوات ضوئية عن التقدم والنجاح , وتصيّد الأخطاء لأهداف لا تتعلق بالنقد البنّاء أمرٌ أصبح "مكشوفاً" لدى بعض الجهات .

حركّت حادثة التدافع مشاعر المسلمين في بقاع الأرض وتوالت ردود الأفعال حول الأمر ولكن المثير للاستفزاز هو تحميل إيران المسؤولية للسعودية واتهامها بعدم إدارة موسم الحج بشكل جيد .. لقد مرّت سنوات طويلة لم تشهد بها المشاعر أي حوادث عرضية تُذكر , ولم نقرأ بياناً من ايران يشكر المملكة على رعايتها لموسم الحج وهي (أي المملكة) لا تتعامل بطائفية كما تعاملت ايران في الحادث .

محاولة الهروب أمام الخسائر التي تلقاها حلفاء ايران في "اليمن" وتوجيه الأنظار إلى المملكة في حادثة التدافع لاستغلال الحادث سياسياً وطائفياً محاولة "مشبوهة" لا يُمكن أن تكون لأهداف الانتقاد البنّاء للتسهيل على المسلمين في أداء شعائرهم في الحج .

لقد أثبتت المملكة العربية السعودية أنها على قدر المسؤولية المُلقاة على عاتقها بإدارة موسم الحج .. وما أتحدث به ليس نفاقاً أو زلفى , فكل من يحج بيت الله يعلم ذلك , فإدارة خمسة ملايين يتوجهون لذات المكان دفعة واحدة أمنياً وإدارياً ودينياً أمرٌ لا بد من توجيه الأنظار اليه وهو الجانب المليء في الكأس , أما محاولة "التقليل" من مجهودات المملكة لأهداف طائفية أولاً وسياسية ثانياً للتغطية على خسارات الحوثيين المستمرة في اليمن بفعل عاصفة الحزم الخليجية هو تدخل مشبوه لا بد من الوقوف بوجهه .

المملكة بكافة أذرعها تعاملت بحرفية تعجز عنها دول كبرى فحركّت عشرات الطائرات ومئات الاسعافات وآلاف المتطوعين والعسكريين بدقائق معدودة لتتعامل مع الحدث المؤلم , وقبل الحادث تتعامل المملكة بكل "حرفية" بإدارة موسم الحج وما أدل من ذلك إلاً مرور موسم الحج بخير وسلام وطمأنينة عدا تلك الحادثتين العارضتين .

يجب أن نُوجه تحية للمملكة ملكاً وحكومة وشعباً على ما بذلوه وسيبذلوه لخدمة الحجيج ولن تُوقف ذلك طائفية البعض المقيتة ..
  حفظ الله المملكة وادامها درعا وسيفا لكافة المسلمين في  العالم ..