"قنبلة أبومازن"

"قنبلة أبومازن"
كتب غازي مرتجى

 لقد أثبتت الأحداث التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية أن ما يلزم لتحريك الوضع الدولي والإقليمي تجاه الضغط على إسرائيل هو تفجير الأوضاع إما سياسيا أو عسكرياً .. لكن المشكلة الفلسطينية المُلازمة لنا تكمن في الخطوة التالية لتفجير الأوضاع ونسير دوماً في نظام "فجّرها والرب راعيها" . 
إن تهديدات الرئيس أبو مازن من جهة بتفجير "قنبلة" في الأمم المتحدة هدفها الرئيسي تحريك القضية الفلسطينية مرة أخرى ومحاولة إلقاء "حجارة بلوك" في الماء الراكد والذي توقّف عن الحركة لأسباب فلسطينية أولا ً وأخيراً .. وفي ذات الوقت الذي يهدد فيه الرئيس بإلقاء قنبلته التي أصبحت شهيرة قبل أن نعرف "نوعها" تطل حركة حماس بتهديدات تقول أنه لتحريك الوضع العالمي والإقليمي نحو القضية الفلسطينية رغم أنها لا تبحث عن حرب بحسب نص تصريحات لأحد قيادات الحركة . من جهة قنبلة الرئيس السياسية وقنبلة حماس العسكرية يكمن سر المشكلة الفلسطينية التي أصبح الهاجس الوحيد أن تكون مستمرة وممتدة.. 
فالرئيس المؤمن بالسلام وبضرورة حشر إسرائيل بزاوية عدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية وحماس من جهة حشر إسرائيل عسكرياً والإثخان فيها .. وكلا الجهتان ينقصهما إرادة واحدة تفجيرها أو التلويح بها حتى يُعادل قنبلة ذرية بمقياس قنابل الرئيس وحماس بتحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية فعلاً لا قولاً .
 لقد جرّب الطرفان كل القنابل الذكية والغبية .. الفعّالة والباطلة , لتحريك تعاطف العالم نحو القضية الفلسطينية وفشلوا في ذلك بل ربما زادوا طين بعض الدول بلّة .. وما يلزم المصالحة هو قناعة الطرفين بضرورة إنجاحها وانجازها بدلاً من انتظار الضغط الخارجي والمنه والهبات المُعيبة .. هذا من جهة , أو انتظار انفجار داخلي بوجه الطرفين يُجبر الحركتين الأكبر في فلسطين على الرضوخ لمطالب الشارع الذي لا يُمكن لأي جهاز "علمي" توقع سرعة وحجم ونوع انفجاره ومتى يُمكن أن يكون .. لو جلس كل قيادي فلسطيني دقائق معدودة لنفسه مع نفسه وقارن شكل "الوطن" سابقاً وما تبقى منه حالياً سيُفكر بالانتحار فوراً .. أما وقد علم الجميع مخاسر استمرار الانقسام الداخلي وتكاليفه الباهظة وطنياً ودينياً واجتماعيا ..(الخ) فحريٌ بتلك القيادات صياغة مشروع وطني مشترك يقوم على اساس التبادل لا التقاسم والتوزيع .. ولعلّ كل الأسباب مُسخرّة لاتمام المصالحة فورا الان وليخسرنّ احدكم اليوم فيكسب غداً .. فالخسارة لاجل الوطن تجارة رابحة .. عودة الى الموضوع الاساسي وهي "قنبلة أبو مازن" , فما تحدث به الرئيس عن نيته الحديث في الامم المتحدة بخطاب قوي أشبه ما يكون إلى القنبلة هو أمر تراكمي وسبق أن أعلنه الرئيس أصلاً عندما استقال من اللجنة التنفيذية ولو كانت الاستقالة مُسببة في حينه. "كلمة واحدة" ستكون أمام الرئيس مع عدة خيارات تجميلية لكن الهدف الرئيسي هو زيادة "تكلفة "الاحتلال خمس نجوم الحالي..فـ"اسرائيل" التي تعيث في الارض فساداً في الضفة وتريد من السلطة ان تكون وكيلاً أمنياً فقط دون أي نفوذ آخر يذكر ..(حتى أمنياً بشكل منقوص وليس كامل الصلاحيات)تحتل وتعربد في الاراضي الفلسطينية الشرعية دون رادع بل وبالحصول على الخاوات.. إن قال أبو مازن "قمنا بحل السلطة" فذلك سيفتح عليه وعلى شعبه نيران جهنم وقد يؤدي الى خسارة ما تبقى من الوطن , هنا .. سيلجأ الرئيس إلى محاولة تطبيق نص قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين كعضو مراقب والتحول ميدانياً ورسمياً لـ"دولة فلسطين" بهيكلياتها وإداراتها وأذرعها .. لكنها ليست دولة مستقلة وإنما دولة تحت الاحتلال .. وقد يطلب الرئيس أبو مازن تصويتا من العالم نحو هذا الأمر وهو ما يعني اعتراف دول العالم بضرورة تحمل اسرائيل ثمن احتلالها لأراضي دولة فلسطين في الضفة وغزة , وإن أراد الرئيس التصعيد أكثر فإن مشروع القرار الذي وافقت عليه دول العالم في الامم المتحدة يعطي حق ادارة حكومة فلسطين للجنة التنفيذية ويكون "البرلمان" هو المجلس الوطني ولهذا كلّف الرئيس أبو مازن عزام الاحمد بضرورة اللقاء مع حماس وأمره بضرورة الاتفاق معهم بأي طريقة وإلاّ ستخسر حماس نفوذها الذي يعتبر شرعياً وهو "المجلس التشريعي" ويتحول المجلس الوطني الى برلمان الدولة التحضيري الى حين اجراء الانتخابات العامة .. وكذلك اللجنة التنفيذية التي ستصبح حكومة فلسطين ..
إن التحول رسميا نحو دولة تحت الاحتلال قد تكون ضربة غير محسوبة النتائج وهي كما اعتاد الشعب الفلسطيني الإبداع في "خلق الأزمة" دون معرفة نتائجها وفق قانون :"فجّر والرب راعيها" وهذا ما لا نريد أن يتكرر لنصل إلى مرحلة "اللطم الجماعي" التي ازدهرت في السنوات الأخيرة بسبب عدم وعي طرفي الانقسام لما يُحيط بهم من مخاطر هدفها الرئيسي القضاء على ما تبقى من القضية الفلسطينية .. إن كان تبقى أصلاً ..!

التعليقات