مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة: دور المملكة في مكافحة العنف قيادي على المستوى الدولي

مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة: دور المملكة في مكافحة العنف قيادي على المستوى الدولي
رام الله - دنيا الوطن
تشكل المملكة محور الاستقرار والسلام في المنطقة العربية والاداة الفاعلة في مواجهة العنف، وقد برهنت رغبتها الصادقة والجادة في محاربة العنف بتعاونها مع الأمم المتحدة ومع المنظمات الدولية في كل ما يدعم الأمن والاستقرار في العالم، ولا أدل على ذلك من الدعم غير المسبوق الذي قدمته لإنشاء مركز الامم المتحدة لمكافحة العنف بواقع (110) ملايين دولار كأكبر دعم على مستوى العالم والذي صنع فارقاً كبيراً في قدرات المركز.

وفي هذا السياق، أقامت صحيفة الرياض  يوم الثلاثاء 1/9/2015م  ندوة تحت عنوان"مواجهة العنف ...مسؤولية دولية مشتركة" واستضافت السفير عبد الله يحيى المعملي، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، ود.حهانجز خان، مدير مركز الأمم المتحدة لمكافحة العنف ، والأستاذ/ أولريك أونفلد، مدير البرامج في مركز الأمم المتحدة لمكافحة العنف ، والأستاذ عبد الرزاق السعدون مسؤول الشؤون السياسة في مركز الأمم المتحدة لمكافحة العنف ، وكان محور النقاش الجهد الدولي في مكافحة العنف والدور الريادي للمملكة في مواجهته ومهام الأمم المتحدة لمكافحة العنف .    

دور قيادي

في البداية تحدث السفير عبدالله المعلمي عن واقع التعاون الدولي في مكافحة العنف ، قائلاً: إن دور المملكة في مكافحة العنف قيادي على المستوى الدولي، فضلاً عن اسهاماتها في المنطقة وفي المملكة بشكل خاص، مضيفاً أن المملكة تُعد الدولة الأولى التي تنبهت إلى خطر العنف ، باعتباره ظاهرة عالمية، حيث دعا خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى عقد مؤتمر دولي للتباحث حول هذه الظاهرة عام 2005م، ثم دعا إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة العنف ، وظلت هذه الدعوة قائمة من ذلك التاريخ إلى أن تم توقيع الاتفاقية بين المملكة والأمم المتحدة عام 2011م وتم بموجبها دفع (10) ملايين دولار اعتبرتها المملكة البذرة الأولى لنشاط هذا المركز، ثم ألحقت هذا التبرع بآخر بقيمة (100) مليون دولار، مبيناً أن هذا التبرع صنع فرقاً كبيراً في نشاط المركز وفي نطاق عمله، واليوم يحظى بمكانة خاصة في العالم لسببين أساسيين؛ الأول أنه الوحيد الذي يعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، حيث يتمتع بالمظلة القانونية لها، والثاني أنه المركز الوحيد الذي يحظى بالتمثيل لجميع أنحاء العالم باعتباره مركزا تحت مظلة الأمم المتحدة.

الدور الريادي للمملكة

وعن دور مركز الأمم المتحدة لمكافحة العنف في حشد القوة لمواجهته، أوضح د. جهانقير خان أن المملكة أظهرت شجاعة وجرأة فيما يخص إنشاء ودعم هذا المركز لما له من أهمية على المستوى الدولي، مضيفاً أن من أولى الأساسيات الاستراتيجية وأولويات المركز الدولي لمكافحة العنف هو أن الفكرة الأولى توحي أن العنف لا دين له، ولا وطن، ولا ثقافة، ولا يميز بين الأعراق والأجناس، ونعلم أن العالمين العربي والإسلامي يدفعون الثمن فيما يتعلق بالمعاناة الكبيرة التي تعانيها هذه الدول من الإرهاب، مبيناً أن في هذه المنطقة نجد أن الأعداد الكبيرة المتضررة من العنف هم ضحايا هذه الدول، وأن التضحيات والجهود الكبيرة التي نشاهدها في هذه المنطقة ليست فقط من قبل الأفراد أو الشعوب، بل أيضاً من قبل الحكومات، ذاكراً أنه من خلال تأسيس ودعم هذا المركز أثبتت وبرهنت المملكة رغبتها الصادقة والجادة في محاربة العنف على مستوى العالم.

رأى موحد

وحول تقييم التعاون بين دول المنطقة تحديداً في مجال مكافحة العنف حيث هناك معطيات على أرض الواقع تظهر أن هناك تبايناً فيما يتعلق بتعاون الدول في مجال مكافحة العنف ، مما أوجد ثغرة وتصوراً أتاح للمنظمات المسلحة الدخول من خلالها وتنفيذ مخططاتها الاجرامية، علق د. جهانقير خان قائلاً: "إن هذا التعاون يتطلب جهداً وعملاً كبيراً، فاستراتيجية المركز التي وضعت منذ ما يزيد على (10) أعوام ينظر إليها على أساس التعاون الدولي في هذا المجال، وبالطبع فإن جميع الدول تتعامل وتنظر إلى العنف من وجهات نظر قد تكون أحياناً متباينة، ومن أهم المشكلات والتحديات التي يواجهونها هو تسييس النظرة إلى العنف ، لكن رسالة الأمين العام للأمم المتحدة لمركز مكافحة العنف هي الترويج للتوجه القائم على رأي موحد، ومن خلال هذا السياق يرغب الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم في نهاية هذا العام خطة عمل شاملة لمحاربة العنف والتطرف، و تقوم رسالته على أنه قد حان الوقت لجميع دول العالم للاتحاد، وأن يتم إرسال رسالة قوية موحدة وبشكل خاص موجهة إلى (داعش)؛ لأنها لا تشكل خطراً فقط على المنطقة وإنما تشكل خطراً عالمياً، وهذا بلا شك يقتضي أن تكون الرسالة واحدة وموحدة، وليس هناك مجال للاختلافات في ذلك؛ لأنه عبر هذه الاختلافات في وجهات النظر تستغل هذه المنظمات المسلحة ذلك، ثم تنفذ أعمالها الاجرامية، مؤكداً أن الجماعات المتطرفة تستغل النزاعات الموجودة في المنطقة، كما هو حاصل في سورية والعراق وليبيا وأفغانستان ودول أخرى، حيث استغلت الصراعات المحلية لتنفيذ أجندتها المسلحة وشدّد على أن الأمم المتحدة تسعى من خلال الدول الأعضاء لكي يكون توجهها موحداً، وأن هذا يتطلب من الدول الأعضاء ألاّ تستخدم العنف كأداة سياسية".

رؤية موحدة لهزيمة العنف 

أعرب السفير عبدالله المعلمي عن تطلعه لأن يصل مركز الامم المتحدة لمكافحة العنف إلى كامل امكانياته ويصبح مركزاً رائداً ومتميزاً في مجال مكافحة العنف 

وأوضح أن المجلس الاستشاري يزود المركز بالدعم السياسي اللازم لتنفيذ استراتيجية الامم المتحدة العالمية لمكافحة العنف بطريقة متوازنة مع رؤية موحدة تهدف الى هزيمة آفة العنف ، موضحا أن المجلس الاستشاري يستعرض باستمرار تطور المشاريع في المركز وتقديم أي مساعدة عند الحاجة.

وأختتم النقاش قائلا  القضاء على الإرهاب يتطلب من وجهة نظري أربعة عناصر أساسية: العنصر الأول: هو إدراك أن مكافحة العنف تمثل مسؤولية دولية، ولا يمكن أن تنفرد بها دولة دون دولة أخرى، ولا يمكن أن تتم بمعزل عن التعاون العالمي والدولي، ومن هنا يأتي دور مركز الأمم المتحدة لمكافحة العنف ليجسد هذا التعاون الدولي ويعزز المسؤولية المشتركة، والعنصر الثاني: استمرار شن الحرب بلا هوادة على الإرهاب بعناصر هذه الحرب العسكرية والمالية وبغيرها من الوسائل اللازمة لمكافحة العنف ، والعنصر الثالث: إدراك أن الجانب الفكري للعنف لا يمكن مجابهته إلا بجانب فكري أكثر تفوقاً وأكثر اقناعاً وأكثر حجة، لذا لابد علينا جميعاً أن نسعى إلى ايصال الرسالة الفكرية السليمة الخالية من الحروب والخالية كذلك من الدعوة إلى العنف، والعنصر الرابع: هو تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على أسبابه وجذوره، والعمل على تحقيق العدالة في القضايا العالمية المختلفة مثل إزالة الاحتلال، وإزالة الجور والظلم عن المهمشين، وعن الفئات المضطهدة في العالم، لأن هذه هي المنابع التي يتغذى بها المسلحون، وفي نظري إذا تمكنا من جمع هذه العناصر الأربعة في خطة عمل ممنهجة ومشتركة على الصعيد الدولي، والاقليمي والمحلي.

التعليقات