يديعوت : 4 اقتراحات إسرائيلية لميناء غزة ومصر أفشلت مبادرة بلير

يديعوت : 4 اقتراحات إسرائيلية لميناء غزة ومصر أفشلت مبادرة بلير
رام الله - دنيا الوطن
/كشف الكاتب الإسرائيلي ألكس فيشمان عن بحث إسرائيلي يتعلق بالممر المائي الإنساني لقطاع غزة الذي درسته إسرائيل خلال مفاوضات التهدئة مع حركة حماس.
وأشار فيشمان في مقاله لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إلى أن معد البحث التقني هو العميد يوسي اسكنازي المرشح لقيادة المعدات البحرية الإسرائيلية
ويتحدث البحث الإسرائيلي الذي تعاملت معه قيادة الجيش والمستويات السياسية عن أربعة بدائل لإقامة ميناء في قطاع غزة. الاول، اقامة منارة خاصة بغزة في ميناء اسدود، والثاني، اقامة ميناء في العريض يخدم القطاع، والثالث، اقامة ميناء في قبرص أو اليونان والرابع اقامة منارة عائمة في المياه العميقة تبعد عدد من الكيلومترات عن شاطئ القطاع أو جزيرة اصطناعية مع تواصل بري مع القطاع. الى جانب كل بديل من هذه البدائل تُذكر الافضليات والنقائص وفرص التنفيذ.
ولفت إلى أن الخيار المصري تم فحصه من وزارة الدفاع ومنسق العمليات في المناطق، وتم اسقاطه من الحساب لأن المصريين لن يقدموا لإسرائيل رافعة تساعدها في القطاع، فيما تفضل إسرائيل خيار أسدود وهو سيحل الكثير من مشكلات الفحص الامني وسيعود بالفائدة الاقتصادية، إلا أن حماس تعارض.
وأوضح أن مصادر مهنية رفيعة المستوى في سلاح البحرية لا تميل الى خيار قبرص أو اليونان بسبب عدم القدرة على حماية وحراسة الممر المائي للقطاع، حيث لا يمكن اجراء فحص لآلاف الحاويات يوميا في قبرص أو اليونان. فكل حاوية مثل شاحنة كبيرة، وأصغر سفينة تحمل 500 حاوية على الاقل. لا يمكن فحص عينات وبالتالي يجب افراغها واجراء فحص أساسي الامر الذي يتطلب ليس فقط اجهزة للفحص بل القوى العاملة ايضا. ويجب ايضا السير في اعقاب هذه الحاويات في طريقها الى غزة. مسؤولون في سلاح البحرية يعتقدون أنه يمكن متابعة مئات الحاويات يوميا، لكن ليس الآلاف.
وحول اقامة المنارة العائمة أو الجزيرة الاصطناعية فقد أكد أنها الحل الذي يفضله الغزيون، لكن البناء قد يستمر فترة طويلة. يمكن اقامة منارة تبعد 2 كم عن شاطئ غزة، ويصل عمق المياه هناك من 16 – 20 مترا. وبعمق كهذا تستطيع السفن التي تحمل بين 7 – 10 آلاف حاوية أن ترسو. إلا أنه يجب اجراء فحص شفاف لكل حاوية، الأمر الذي سيحول الممر الانساني الى كابوس ونقطة احتكاك، إن حل كهذا يمكن أن يتم كإجراء مُكمل لاقامة ميناء فلسطيني في قبرص أو اليونان.
مصر أفشلت المفاوضات
وتقول صحيفة يديعوت نقلت تصريحات قادة حماس الذين اعترفوا هذا الاسبوع للمرة الاولى أن مبادرة طوني بلير لم تعد قائمة. المبادرة التي سمحت لحماس أن تبيع للجمهور خدعة امكانية التوصل الى اتفاق مع اسرائيل على وقف اطلاق النار مدة 15 سنة مقابل رفع الحصار واعمار القطاع. ويتضح الآن أن هذه المبادرة تأسست على عُرف دجاجة.
في نهاية النقاش الذي أجراه رئيس الحكومة نتنياهو قبل اسبوعين حول مبادرة بلير قال إن التعاطي معها سيتسبب بأضرار كبيرة لاسرائيل ويدفع أبو مازن الى الاستقالة حيث يعتقد الاخير أن المبادرة هي خيانة للموضوع الفلسطيني.
وأوضح نتنياهو أن كل مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس ستعطي الاوروبيين الشرعية للاعتراف بالمنظمة.
يتبين أن مصر ضغطت على اسرائيل لوقف مبادرة بلير. رسالة نتنياهو وصلت الى المصريين، ومن المصريين الى حماس في غزة. في هذه المرحلة أدرك الفلسطينيون أن قصة بلير هي خدعة وأن اسرائيل لا تعتبره وسيطا. وهذا لم يمنع بلير من الالتقاء مع اشخاص مثل خالد مشعل على سبيل العلاقات العامة.
صحيح أن المستوى السياسي في اسرائيل – رئيس الحكومة ووزير الجيش – لا يستطيع تجاهل طوني بلير، رغم أنه ترك منصبه كمبعوث للرباعية. لكن جهات مهنية في جهاز الامن فعلت كل ما في استطاعتها للتملص من الالتقاء معه. ويُنظر الى بلير على أنه يتجول هنا من اجل مصلحته. وسائل الاعلام البريطانية كتبت أكثر من مرة عن صفقاته مع أثرياء عرب ودول عربية. ويشتبه بأنه يستغل علاقاته مع شخصيات اسرائيلية من اجل مصلحته الاقتصادية في أمور لا تلائم بالضرورة المصلحة الاسرائيلية.

بعد عملية الجرف الصامد بثلاثة اسابيع بدأت حماس في ارسال الوسطاء لاسرائيل وهم يحملون رسالة ثابتة تتحدث عن وقف لاطلاق النار بعيد المدى. والشروط التي قدمتها لم تكن مقبولة على اسرائيل: رفع الحصار، اقامة ميناء بحري وجوي، حرية الحركة، وقف طلعات سلاح الجو الاسرائيلي في سماء القطاع، رفع القيود عن الصيد والتصدير والاستيراد وما أشبه. وكان من بين الوسطاء رجال اعمال غزيين وجهات اجنبية تزور القطاع، وجدت طريقها الى منسق الاعمال في المناطق والى رئيس القسم السياسي الامني عاموس جلعاد والى وزير الدفاع ومكتب رئيس الحكومة.
اسرائيل استمعت ولم ترد. طوني بلير دخل الى هذا الفراغ، وحماس فهمت أن اسرائيل اذا بقيت صامتة فانها لن تتغاضى عن طوني بلير.
القيادة السياسية لحماس التي اختبأت وراء بلير أغلقت فم الذراع العسكري وباعت الجمهور الفلسطيني الخدعة. إن اكتشاف حقيقة هذه المبادرة من شأنه أن يؤدي الى تفجر الشارع الغزي الذي سيدخل الشتاء الثاني بعد الحرب في نفس الظروف التي انتهت بها تقريبا.
يعتقدون في اسرائيل أن حماس غير مستعدة بعد لاستئناف المواجهة مع اسرائيل. “الشباك” حدد موضوع التهريب للقطاع كموضوع رئيس للعلاج بالتعاون مع المصريين، والنتائج ملموسة على الارض. حماس نجحت في تجديد 15 – 20 بالمئة فقط من عدد الصواريخ التي أطلقتها أو فقدتها في عملية الجرف الصامد، التي تُنتج محليا. المصريون يحفرون حاجز مائي على طول منطقة فيلادلفيا، ويعتقلون اعضاء الذراع العسكري لحماس عند خروجهم من القطاع ويلحقون الضرر بمخازن السلاح لحماس في سيناء.
فيما يتعلق بالانفاق ايضا هم ما زالوا بعيدين عن الهدف الذي وضعوه لانفسهم. لكن كل هذا لن يمنع اندلاع المواجهة العسكرية من اجل كسر الجمود.
حماس السياسية تقف اليوم بدون مظلة على رأسها في مواجهة الذراع العسكري بعد أن فقدت المرساة الاستراتيجية في مصر وتركيا وايران والسعودية ودول الخليج. جميعهم أداروا لها ظهورهم، وهم غير مستعدين لمساعدتها. وقد حاولت حماس فتح الابواب من خلال أبو مازن لكن الرئيس وضع شروطا لا تستطيع حماس الايفاء بها. فقد حاول تحقيق انجازات من خلال اسرائيل بواسطة وسطاء لكنه فشل.
منسق الاعمال في المناطق، الجنرال يوآف مردخاي، أعد خطة لمواجهة الازمة في القطاع. وفي المقابل توجد خطة لتغيير طريقة التعامل مع السلطة الفلسطينية وسكان الضفة الغربية. وحسب رئيس الاركان والاجهزة الامنية، فانه بدون التعاون مع أبو مازن وبدون التأييد المصري لا يمكن تنفيذ الخطة في غزة.
لقد بدأت خطة غزة بالتدحرج تحت عنوان “اعمار غزة”. المرحلة الاولى هي تحسين دراماتيكي للبنية التحتية والطاقة مثل الكهرباء والغاز. وحسب هذه الخطة ستضيف اسرائيل خطوط كهرباء للضغط العالي في القطاع وستساعد على اقامة الواح الطاقة الشمسية على مساحة 100 دونم شمال القطاع، ستوفر 30 ميغاواط كهرباء وتسمح بوصل غزة مع حقول الغاز الطبيعي الاسرائيلية.
في المرحلة الثانية يتم انشاء محطات تحلية للمياه التي ستمنع تدفق 100 ألف لتر من مياه المجاري الى البحر يوميا. اسرائيل ضاعفت كمية المياه التي تدخل الى القطاع، لكن ما زالت حاجة الى اقامة موقعين كبيرين لتحلية المياه، إلا أن هذه المواقع تحتاج الى كمية من الطاقة يستطيع سكان غزة أن يحلموا بها فقط.
المرحلة الثالثة هي فتح التصدير من غزة الى العالم العربي واسرائيل، واقامة مناطق صناعية قريبة من الجدار واقامة مصانع بملكية اسرائيلية داخل القطاع. توجد ايضا خطط لتجديد عملية نقل البضائع في كارني.
في هذه الاثناء تسمح اسرائيل بدخول 1500 مواطن غزي واجنبي من معبر ايرز يوميا. وفي نهاية الاسبوع تسمح بدخول مئات الغزيين للصلاة في الحرم في القدس. فحص الشاحنات في كرم سالم – بواسطة اجهزة هولندية متقدمة – الامر الذي يسمح بدخول 700 شاحنة يوميا. وتسمح اسرائيل ايضا باستيراد سيارات وشاحنات جديدة للقطاع عن طريق ميناء اسدود.
ما زال هذا نقطة في بحر. يحاولون ازالة الضغط من الاماكن التي لا تعارض سياسة اسرائيل الرسمية والتي تقول إنه لا حديث مع حماس. وزير الدفاع موشيه يعلون أوضح هذا الاسبوع في مؤتمر لصحيفة “كلكلست” أنه لن يكون اتفاق مع حماس. وأن الواقع سيتحدد بناء على المصالح وليس بناء على الورق.

إن اعمار قطاع غزة يسير ببطء، ومن بين آلاف المنازل التي هدمت، بدأوا ببناء 660 وحدة سكنية فقط. الاموال من الدول المانحة لا تتدفق، والمواطنون الذين حصلوا على المواد الخام لاعمار منازلهم باعوها في السوق السوداء بأربعة اضعاف قيمتها من اجل سد الاحتياجات اليومية. فبدل الاسمنت والزجاج يستخدمون النايلون لاغلاق الثقوب في الجدران.
هنا دخلت قصة الميناء التي قد تحدث قفزة في موضوع اعمار القطاع وازالة الشعور بالحصار. الاموال للمشروع موجودة: مبعوث خاص لامير قطر هو محمد العمادي يؤتمن على أكثر من مليار دولار، وهو ينتظر ما ستقوله اسرائيل من اجل اطلاق الاموال. إنه أحد المصادر لتمويل خطة تخفيف الحصار، الامر الذي سيُبين للغزيين ما الذي سيخسرونه اذا قرروا تحطيم الأدوات.