أوباما وسلمان: قمة تصحيحية؟

أوباما وسلمان: قمة تصحيحية؟
راجح الخوري
تعتبر القمة اليوم بين الملك سلمان والرئيس أوباما استثنائية بكل المقاييس، لأنها تأتي في ظل طوفان من الملفات المشتعلة في المنطقة العربية، وفي ظل تعارض نسبي في وجهات النظر بين واشنطن والرياض حول الأسلوب الأجدى لمعالجة هذه الملفات.
الملك سلمان الذي يمسك بأبجدية العلاقة السعودية - الأميركية منذ نصف قرن تقريباً، يحمل بالتأكيد سياقاً بانورامياً مترابطاً لمحادثاته مع أوباما، الذي نفّذ انعطافاً يخرج عن طبيعة العلاقة الإستراتيجية القائمة بين البلدين منذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت في الأربعينات، ولهذا ليس غريباً ان يجمع المراقبون على ان هذه القمة هي بمثابة محطة تاريخية في مسار التحالف الأميركي - السعودي خصوصاً والخليجي عموماً، وقد تكون قمة تصحيحية ترسّخ التزام ثوابت المصالح الأميركية – الخليجية.
الاتفاق النووي مع ايران الذي يعتبره أوباما إنجازاً لن يكون محور النقاش كما يتصور كثيرون، لأنه سبق للرياض أن أعلنت عدم اعتراضها عليه، لكن كل الاعتراضات ستتركز بالطبع على خطأ وخطورة سياسة التغاضي الاسترضائي، التي طبقتها وتطبقها إدارة أوباما حيال سياسات التدخل والعربدة الإيرانية في دول المنطقة، والتي أدت الى تفاقم المشاكل والاضطرابات في العراق وسوريا ولبنان واليمن حيث تدرك واشنطن جيداً ان بصمات ايران هي التي تؤجج الأوضاع.
الملك سلمان الذي أطلق "عاصفة الحزم" لدعم الشرعية في اليمن واحباط الانقلاب الايراني الصريح عبر الحوثيين، وضع مفترقاً وبدأ مرحلة ترسم قواعد استراتيجيا تضع حداً للعبث بشؤون الدول العربية وهو ما يمثل مساراً معاكساً لسياسة التعامي الأوبامية، ولهذا لن يتوانى في عرضه للملفات والقضايا المشتركة، التي تهم في النهاية المصالح الأميركية كما تهم المصالح السعودية، عن اعتماد لغة مفعمة بسيكولوجيا العزم والإصرار على أهمية إعادة ترسيخ العلاقات الأميركية - الخليجية في إطارها التاريخي المعروف، على رغم معرفته أن أوباما دخل مرحلة الوداع لأن ولايته تنتهي بعد سنة ونيف وتحديداً في كانون الاول من السنة المقبلة!
كل ما أعلنه أوباما بعد لقاء القمة مع الزعماء الخليجيين في تموز الماضي والذي لم يحضره الملك سلمان، سيكون مدار بحث وتفعيل، وخصوصاً لجهة تأكيد نهائية عمق الإلتزامات الأميركية حيال أمن الدول الخليجية، ثم اذا كان أوباما ينظر الى الإتفاق النووي مع ايران كرافعة لسياسته الخارجية الفاشلة، فإنه يدرك تماماً ان القمة مع الملك سلمان فرصة مهمة جداً يجب ان تسفر عن إنجاز أهم وهو إعادة ترتيب العلاقات مع الحلفاء التاريخيين في الخليج.
في الحديث عن اليمن سيتساءل أوباما ضمناً، لو طبّق سياسة الحزم في سوريا والعراق هل كان "داعش" ليظهر ويتغول ويتوسع من المحيط الى الخليج وهل كانت أوروبا لتغرق باللاجئين؟

 

*نقلاً عن "النهار" اللبنانية