معركة ديبلوماسية لرفع علم فلسطين فوق مقر الأمم المتحدة آخر الشهر

معركة ديبلوماسية لرفع علم فلسطين فوق مقر الأمم المتحدة آخر الشهر
رام الله - دنيا الوطن
اتهمت إسرائيل «الفلسطينيين والدول العربية بممارسة الضغوط» على الفاتيكان «على أعلى المستويات» لكي يقبل برفع أعلام الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة فوق مقر المنظمة الدولية في نيويورك ومكاتبها في جنيف وفيينا، في حين حذر نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، من أن هذه المساعي الفلسطينية ستكون لها نتائج عكسية.

يأتي ذلك في وقت تقترب فلسطين من طرح مشروع قرار في الجمعية العامة يعطي الحق للدول المراقبة برفع أعلامها في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها، علماً أن فلسطين تتمتع بصفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة منذ عام ٢٠١٢، وهي صفة تشترك فيها مع دولة وحيدة أخرى حتى الآن هي الفاتيكان.

ومن المقرر أن يخاطب الرئيس محمود عباس الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح ٣٠ الشهر الجاري، ويرجح أن يتزامن خطابه مع رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة للمرة الأولى في تاريخ المنظمة الدولية التي تحتفل هذا العام بعيدها السبعين.

وأعدت فلسطين مشروع القرار، وستطرحه على التصويت بالتعاون مع مجموعة الدول العربية في الأمم المتحدة في ١٠ الجاري، فيما تسعى إسرائيل الى حشد تأييد الدول لإسقاطه.

وحاولت إسرائيل الضغط على الأمانة العامة للأمم المتحدة لتعطيل هذا الإجراء «حرصاً على نزاهة الأمم المتحدة التي يحاول الفلسطينيون اختطافها»، وفق ما جاء في رسالة من السفير الإسرائيلي رون بروسور إلى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون الثلثاء.

ووفق الإجراءات المتبعة في الأمم المتحدة منذ تأسيسها، فإن الأعلام المرفوعة في مقرها في نيويورك ومكاتبها في جنيف وفيينا تقتصر على الدول الأعضاء فيها حصراً، لكن تبني مشروع القرار الفلسطيني سيغيّر هذا الواقع، ويمكّن الدول المراقبة غير الأعضاء من رفع أعلامها أيضاً الى جانب أعلام الدول الأخرى.

وحاولت إسرائيل الفصل بين فلسطين والفاتيكان في مسألة رفع العلم، وفق ما جاء في رسالة بروسور الذي اعتبر أن «الفاتيكان، ليس غير مشارك فقط في المبادرة الفلسطينية» الهادفة الى رفع أعلام الدول المراقبة، «بل ليس مشاركاً كذلك في رعاية تقديم مشروع القرار الى الجمعية العامة».

وقال إن الفاتيكان «أوضح أنه يتقيد بالإجراءات المتبعة برفع أعلام الدول الأعضاء فقط في مقر الأمم المتحدة»، على رغم أن بياناً أصدرته بعثة الفاتيكان في الأمم المتحدة الجمعة الماضي أكد أن «الفاتيكان سيقبل أي قرار تتخذه الأمم المتحدة في هذا الإطار في المستقبل».

واتهم بروسور «الفلسطينيين، مع الدول العربية، بممارسة الضغوط على الفاتيكان على أعلى المستويات» لكي يصدر هذا الموقف بعدما كان أصدر بياناً سابقاً أوضح فيه أنه ليس جزءاً من التحرك المتعلق بطرح مشروع القرار.

وقال في رسالته الى بان، إن الفلسطينيين «يحاولون تسجيل نقاط سهلة ولا معنى لها في الأمم المتحدة بدلاً من اختيار المفاوضات والتسوية المطلوبة».

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الى «رفض هذا التصرف العدائي على الأمم المتحدة وتقاليدها بهدف تحقيق تغييرات تعسفية وتحقيق أغراض سياسية ضيقة وساخرة».

وكان الفاتيكان أعلن أولاً أنه ليس طرفاً في التحرك المتعلق بطرح مشروع القرار، لكنه أوضح في بيان الجمعة الماضي أنه «يشير الى أن التقاليد المعمول بها في الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٥ هي أن أعلام الدول الأعضاء فقط ترفع في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها، وأنه سيقبل أي قرار قد تتخذه الأمم المتحدة في هذا الإطار في المستقبل».

كما أوضح بيان الفاتيكان أنه «بناء على القواعد التي تحكم عمل الجمعية العامة، لا يمكن أي دولة عضو أو مراقب أن تعارض طرح مشروع قرار من دولة عضو، في ضوء ذلك، فإن الفاتيكان لا يعارض طرح مشروع قرار يتعلق برفع أعلام الدول المراقبة في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها».

ورد السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور على رسالة بروسور بالقول إن السفير الإسرائيلي «فاقد الصدقية في الحديث عن احترام أعراف الأمم المتحدة، إذ إن إسرائيل تنتهك كل قرارات المنظمة الدولية» المتعلقة بفلسطين وحقوق الفلسطينيين، معتبراً أن بروسور حاول «استغباء الجمعية العامة التي تؤيد قراراتنا دائماً لأنها تؤيد العدل وترفض الغطرسة وانتهاك قرارات الأمم المتحدة».

وأبدى منصور ثقته بالحصول على تأييد غالبية كاسحة لمشروع القرار، معتبراً أن رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها «سيكون قراراً تاريخياً وخطوة أخرى في طريق استقلال دولة فلسطين وتعزيز مكانتها الدولية».

مشروع القرار

وينص مشروع القرار على أن الجمعية العامة للأمم المتحدة «إذ تأخذ في الاعتبار مشاركة الدول المراقبة غير الأعضاء التي تشغل بعثات دائمة مراقبة في مقر الأمم المتحدة، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وأعمالها، وإذ تذكر أن دولة فلسطين أصبحت دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة في ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) عام ٢٠١٢»، فإنها «تقرر أن أعلام الدول المراقبة غير الأعضاء في الأمم المتحدة التي تشغل بعثات ديبلوماسية دائمة مراقبة في مقر الأمم المتحدة، سترفع في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها».

كما يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة «اتخاذ الإجراءات الضرورية لتطبيق هذا القرار خلال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة وخلال ٢٠ يوماً من تبنيه»، ما يعني أن تطبيق القرار سيبدأ في ٣٠ أيلول (سبتمبر) الجاري، أي في اليوم نفسه الذي سيلقي فيه عباس كلمته أمام الجمعية العامة.

ويحظى الفلسطينيون بتأييد غالبية وازنة من أعضاء الأمم المتحدة في الجمعية العامة التي تضم كل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، وعددها ١٩٣. وستصوّت الجمعية العامة على مشروع القرار في ١٠ أيلول (سبتمبر) الجاري، ويحتاج تبنيه الى الأكثرية البسيطة.

وكانت فلسطين انتزعت اعتراف الجمعية العامة بها كدولة في ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) عام ٢٠١٢ في قرار حصل على دعم ١٣٨ دولة من أصل ١٩٣ من أعضاء الجمعية العامة، وهو رقم توقع ديبلوماسيون أن يتجاوزه عدد الدول الداعمة لمشروع القرار الحالي.

وتحظى دولة فلسطين حالياً باعتراف ١٣٧ دولة، وكان منتظراً أن تنال اعتراف دولة إضافية من دول الكاريبي الخميس.