عين الحلوة بعد الاشتباكات: واقع مرير بين النزوح القسري والفرز السياسي واقفال ازقة

عين الحلوة بعد الاشتباكات: واقع مرير بين النزوح القسري والفرز السياسي واقفال ازقة
رام الله - دنيا الوطن - محمد دهشة
أكدت مصادر فلسطينية لـ "صدى البلد"، ان الاشتباكات الدموية المتكرّرة في مخيّم عين الحلوة بين حركة "فتح" كبرى فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" و"المجموعات الاسلامية المتشددة" فرضت واقعا جديدا لم يعرفه المخيم من قبل، اذ للمرة الاولى، وبعد معادلة "الامن بالتراضي"، و"المربعات الامنية"، يشهد عين الحلوة معادلة "الامن الذاتي" ما يهدد نسيجه الديمغرافي والاجتماعي بعواقب وخيمة.

الامن الذاتي ترجم بسلسلة من الخطوات، بدأت عملية نزوح ابنائه من احيائه وحاراته التي تحولت الى حين غرة الى "خطوط تماس" و"محاور قتال" الى صيدا ومنطقتها، بهدف استئجار شقق ومنازل رغم كل الضائقة الاقتصادية والمالية وثم تطورت الى الاخطر وهو "الفرز السكني" وفق الانتماء السياسي، حيث باشر العديد من "الفتحاويين" او "الاسلاميين" سواء منهم المقربين منهما او انصارهما، الانتقال الى مناطق نفوذ كل واحد منهم، خشية من الانتقام او الثأر رغم انهم لم يشاركوا في الاشتباكات الاخيرة، بينما تعرضت منازل أخرى الى الحرق العمد في احياء متفرقة في عكبرة، الصفصاف وحطين وسواها، فيما اعلنت بعض الاحياء تشكيل "كتائب عسكرية" للدفاع عنها مثل "الصفصاف"، وأخرى لجان احياء لحمايته، وقد وصل البعض الى القيام باقفال "أزقة" و"زاوريب" او وضع "بوابات حديدية" لفصل الحارات عن بعضها ومنع تسلل المتقاتلين تماما مثلما حصل بين حارتي عكبرة والصفصاف.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ "صدى البلد"، ان الاشتباكات العسكرية انعكست سلبا على مختلف مرافق الحياة وسرعان ما تحولت اتهامات متبادلة وخلافات سياسية بين القوى الفلسطينية، فجرى تطويقها، بمصالحة بين حركتي "فتح" والجهاد الاسلامي"، وأخرى بين "فتح" و"القوى الاسلامية" ممثلة بـ "الحركة الاسلامية المجاهدة" و"عصبة الانصار الاسلامية"، بينما ما زالت التهم تكال ضد حركة "حماس" بالوقوف وراء دعم "الاسلاميين المتشددين" وإمدادهم بالذخيرة، وهو ما نفته الحركة مرارا وعلى لسان اكثر من مسؤول فيها، واعاد تأكيد النفي سفير فلسطيين في لبنان اشرف دبور، الذي اشاد بدورها في مساعي وقف اطلاق النار وحماية المخيم من المزيد من اراقة الدماء وارواح الابرياء.

تداعيات الاشتباكات، لم تتوقف عند هذا الحد، بل تعدته الى الخسائر البشرية والمادية من حيث حجم الاضرار في الممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات وخاصة في الطوارىء، البركسات، الصفصاف، الطيرة - النداء الانساني وحطين - درب السيم، لتضاف الى حجم الاضرار السابقة في حيي الزيب وطيطبا التي قدرت بما يزيد عن نصف مليون دولار، ناهيك عن الركود وجمود الدورة الاقتصادية، ما دفع التجار في سوق الخضار واصحاب المحال الى التهديد بـ"العصيان المدني" في خطوة غير مسبوقة بعدما نفذ صبرهم عن الخسائر والافلاس والاقفال، على وقع حراك شعبي وشبابي يتصاعد لكسر حاجز الخوف ورفع الصوت عاليا "كفى...".

هدوء ولقاءات

أمنيا، عاش المخيم يوما هادئا وان لم يخلو من اشكال او شائعة هنا او هناك، فيما اعتبر قائد القوة الامنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح لـ "صدى البلد" ان القوة الامنية تنتشر في الاماكن التي حددت لها ونبحث مع لجان الاحياء والقواطع الى المزيد من تأمين الحاضنة الشعبية لها واحتضانها على قاعدة الشراكة في تحمل المسؤولية، مشيرا الى انالجميع حريص على امن واستقرار المخيم ومنع الاقتتال والفتنة ولكن هذه المواقف يجب ان تترجم على ارض الواقع بخطوات فاعلة".

وتوقفت مصادر فلسطينية، عند ان بيان وزع عبر مجموعات التواصل الاجتماعي تحت اسم "لواء الوعد القادم" عن سرايا الشهيد ابو عبيدة (نسبة الى محمود عبد القادر عمر الذي قتل على يد عناصر من حركة فتح) وفيه تهديد بالقتل لكل من "محمد الشبل في الرشيدية، العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" في مخيم عين الحلوة وابو علي الرز في المية ومية".

سياسيا، زار وفد من "القيادة السياسية" لفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان برئاسة امين السر فتحي ابو العردات الامين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد في مكتبه في صيدا، بمشاركة قائد "الامن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي ابو عرب، فيما زار وفد "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" برئاسة قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب النائب بهية الحريري في دارتها في مجدليون وجرى خلالهما  البحث بأوضاع المخيم وسبل تحصين أمنه واستقراره.

وتبلغت الحريري من وفد اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا، بأن لا عودة الى الأحداث والاشتباكات التي شهدها مخيم عين الحلوة مؤخرا، مطمئنا الى وضع المخيم وعودة الحياة الطبيعية بشكل تدريجي اليه، واطلعها على الاجراءات والتدابير التي اتخذت حتى الآن على صعيد تثبيت وقف اطلاق النار وسحب المسلحين وازالة الدشم والمتاريس والخطوات المقبلة لتعزيز الاستقرار في المخيم.

بينما اثنت الحريري على جهود  جميع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية من اجل تثبيت وقف اطلاق النار في المخيم، معربة عن ارتياحها للخطوات التي اتخذت على صعيد تعزيز اجواء التهدئة في المخيم لكنها اعتبرت في الوقت نفسه ان المطلوب تحصين هذه الخطوات بكل ما يساهم في توفير الأمن والأمان والطمأنينة لأهلنا في المخيم ويمكنهم من متابعة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، وكل ما من شأنه تعزيز ثقتهم بالأطر الفلسطينية المشتركة ولا سيما القوة الأمنية عبر تعزيز دورها واعطائها الدعم الكامل لتقوم بمهامها على اكمل وجه .وقالت مخاطبة الوفد الفلسطيني : التحدي بالنسبة اليكم اليوم هو بأن لا يتكرر ما حصل في عين الحلوة والذي رأينا عينة من تداعياته سواء على المخيم او على صيدا، واننا نعول عليكم في عدم تكراره وفي حماية مخيمكم من اي استهداف او استخدام ..

بينما قال الناطق الرسمي بإسم عصبة الأنصار الاسلامية الشيخ ابو الشريف عقل بإسم المجتمعين بملء فمي اقول ان الذي حصل في مخيم عين الحلوة هو جريمة، من وجهة نظر اسلامية جريمة ومن وجهة نظر وطنية هي ايضا جريمة، ونحن الحقيقة لدينا الكثير من الخطوات من اجل عدم السماح بتكرار ما حصل، واهمها تعزيز دور القوة الأمنية المشتركة التي هي محل ثقة من الجميع وهي مغطاة ايضا من الجميع ، لذلك سنعزز دور القوة التنفيذية في القوة الأمنية من اجل ردع كل المخلين بالأمن.

من جهته قال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أبو عرب: اتينا الى هذا البيت الكريم نشكر السيدة الفاضلة النائب بهية الحريري على اتصالاتها الدائمة واهتمامها الدائم بأمن شعبنا داخل هذا المخيم، اتينا كلجنة امنية عليا لكي نشكرها وطمئناها الى ان ما جرى باذن الله سيكون آخر أحداث تحدث ونحن نأسف لما حصل داخل المخيم وان شاء الله هناك خطوات، ونحن بدأنا بسحب المسلحين وازالة المتاريس ويجب على القوة الأمنية ان تأخذ دورها الكامل حتى تتمكن من تثبيت ألأمن والاستقرار، ليس فقط القوة الأمنية بل جميع القوى الموجودة داخل المخيم ان تساند القوة الأمنية.

اعتصام شعبي

شعبيا، نفذ اهالي "حي عكبرة" اعتصاما سلميا عند الشارع الفوقاني للمخيم، رفضا للاقتتال وللامن الذاتي والفتنة، واقفال الازقة وبناء الجدران والرحيل عن الحارة، حيث رفع المشاركون يافطات تطالب بالامن والاستقرار واعادة اللحمة الى نسيج المخيم.

وتحدث الدكتور وائل ميعاري باسم المعتصمين، فقال نحن ابناء حي عكبرة المسالمون نعتصم سلميا اليوم لنؤكد اننا مع الامن والاستقرار لمخيمنا الحبيب عين الحلوة، مع الوحدة الوطنية وان تبقى وجهتنا فلسطين وصراعنا مع العدو الصهيوني وحده ونرفض الاقتتال والفتنة، والاغتيالات والاشتباكات المسلحة"، مضيفا "نعتصم اليوم لنرفع الصوت عاليا نرفض الامن الذاتي وحمل السلاح لقتالكم واقفال الازقة وبناء الجدران والرحيل عن الحارة، فالاحتلال الاسرائيلي لم يستطع اجبارنا على الرحيل ولن نرحل، نعتصم لنقول لكم كفى للاقتتال العبثي، عائلات شردت، بيوت احرقت، اطفال روعت "بكفي طلعت ريحتكم"، نريد مبادرة توقف الاقتتال ونزيف الدم وتعيد لم الشمل وتحمي المخيم وتبقي عنوانه الفلسطيني كرمز لقضية اللجوء والعودة، يدنا ممدودة للتعاون مع الجميع، قوى سياسية مبادرات شعبية، حراك شعبي وشبابي ولجان شعبية واحياء وقواطع من اجل حماية مخيمنا والحفاظ على حارتنا ومع التوافق الفلسطيني ونشرة القوة الامنية وتوقيف كل عابث بالامن.

التعليقات