ظاهرة التسول الإلكتروني : "مافيا" مزيفة !

ظاهرة التسول الإلكتروني : "مافيا" مزيفة !
رام الله -خاص دنيا الوطن-من اسلام الخالدي

انتشرت في الآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي «تويتر»، «فيسبوك»، «واتساب»، وعدد من المواقع الإلكترونية، ظاهرة طلب مساعدات مالية لتجاوز ظرف مالي طارئ أو لجمع تبرعات لمرضى، أو معتقلين، وبحسابات وهمية وأرقام هواتف تعد ظاهرة لما بات يعرف بـ«التسول الإلكتروني» التي يستطيع أصحابها إيصال «مشكلتهم» إلى الملايين، مستغلاً التعاطف الكبير من أوساط مجتمعية مختلفة باحترافية عالية، ويتفننون في ابتكار الأساليب للحصول على الأموال، عبر سرد وقائع وهمية أو عرض تقارير طبية «مزيفة»، والقول إنهم يعيلون أسراً كبيرة، أو يعانون أمراضاً تتطلب نفقات كبيرة.

قصص مأساوية

يقول سعيد مهنا (33 عاما)إن تفاقم ظاهرة «التسول الإلكتروني» يترافق مع حالة التفكك التي تعيشها بعض المجتمعات، الأمر الذي يتيح للمحترفين مزيداً من القصص المأساوية مع تعدد خيارات الجنسيات التي يقررون أن تحكى القصة باسمهم أو يجمع لهم التبرع بكبسة زر.

 وأضاف مهنا ان من أسباب انتشار المتسولين إلكترونياً هو سهولة الوصول إلى أكبر عدد من الناس عبر المواقع الإلكترونية، حيث يجدون تفاعلاً كبيراً من محبي الخير الذين لا يسعون للتحقق من تلك الحالات، ولا يهمهم أن يعرفوا المتسترين خلف تلك الحسابات الوهمية والأسماء المستعارة.

ولفت إلى أهمية دور الجهات المختصة في ملاحقة الأشخاص المخططين من عصابات مافيا التسول الإلكتروني والتي يمتد دورها لمحاربة عدو متستر قد لا يقع تحت سلطتها الترابية، الأمر الذي يتطلب توعية الضحايا حتى لا يكونوا فريسة سهلة لمثل هذه العصابات العابرة للقارات.

تعدٍ على الطرفين

ويستكمل حديثه قائلا:"إن ظاهرة التسول تتطور مع الزمن، وهي اليوم سهلة ومنظمة وخطيرة، ويلجأ المتسولون دائماً إلى تجديد أساليبهم وحيلهم لاستعطاف الناس، لافتاً إلى أنه يجب الحذر من هؤلاء النصابين المحترفين وألا نسمح لأي متسول الحصول على أموال الناس دون وجه حق، لأنه بذلك يتعدى على الطرفين ويأخذ أموالهم دون وجه حق.

رسائل مصورة

من جهته قال الشاب فارس الصعيدي إن استخدام المتسولين للتقنيات الحديثة للترويج لأعمالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق إرسال مقاطع فيديو ورسائل مصورة تحث على التبرع للحالات الإنسانية المزعومة والعائلات المتعففة، جعل بضاعتهم وأساليبهم تنتشر بسرعة، فهي من جهة تخاطب عواطف الناس وضمائرهم، ومن جهة أخرى لا تتطلب أكثر من مهارة وخيال مبدع.

ويؤكد على ضرورة عدم تقديم أي وسيلة مساعدة لهم، وأهمية التصدي بكل قوة وحزم لظاهرة التسول الإلكتروني التي يحترفها محتالون متخصصون في النصب لاكتساب التعاطف معهم، ونشر عدد من المتعاطفين عن طريق الإيقاع بهم والتأثير عليهم عبر قصصهم الوهمية الكاذبة.

من جانبه، يقول دكتور علم النفس درداح الشاعر إن «التسول الإلكتروني أصبح يمارس ممن يدعون العوز وبمساندة ودعم المتعاطفين والراغبين في نشر تلك الرسالة عبر الترويج لها، مشيراً إلى رغبة البعض في جمع المال للفقراء، أو مدعي الفقر»، ورغبة أهل الخير في المساعدة والإسهام في تخفيف المعاناة عنهم، ما يجعلهم يساهمون في نشر التسول دون علم أو قصد، بغية الأجر والإسهام في مساعدة المحتاج، بالإضافة إلى قيام بعض المحتالين أو أصحاب الأهداف المشبوهة في نشر القصص الوهمية والادعاءات الكاذبة.

وأضاف إن توظيف الوسائل أو التقنيات في التسول مشروع مغر، فيمكن لهذه الوسائل أن توصل من يتعامل بها إلى أقاصي الأرض من خلال صور أو أخبار تظهر حالات مأساوية أو حرجة وبحاجة ماسة لمساعدات مالية من خلال واقع مركب ومشوه ويجافي الحقيقة. 

من جهته قال  يغيب عن بعض محبي الخير والراغبين في تقديم خدمة إنسانية بنشر حالة إنسان محتاج دون تثبت في موقع التواصل الاجتماعي قد تكون سبباً في توجه مال صدقة أو زكاة لغير مستحقيها، وتحرم مستحقاً متعففاً أو قد تكون أموالاً في يد من يعبث بأمن الوطن.

" مخالفا للقانون"

اعتبر الدكتور درداح أن استجداء متصفحي الإنترنت لغرض التسول يعتبر مخالفاً للقانون، مطالباً الجمهور بتجاهل الرد على هذا النوع من الاحتيال والإبلاغ عنه فوراً، مشيراً إلى أن بعض المحتالين في الخارج يسهل عليهم امتلاك حساب إلكتروني عبر الإنترنت والتسوّل بمزاعم خادعة، وتتمثل خطورة هذا العمل الإجرامي كون المحتال مقيماً في الخارج، وينتحل عادة شخصية فتاة مجهولة الهوية.

وذكر أن التسول الإلكتروني، بات يأخذ أشكالاً متعددة، منها التسول العلاجي أو دفع أقساط سكنية، وطلب المساعدة نظراً لادعاء المتسول أو المحتال بمعاناته من ظروف صعبة ألمّت بوطنه، لافتاً إلى أن بعض أنواع التسول يكون تسلية وتلبية احتياجات شخصية، ويستهدف الشباب الجانحين الباحثين عن العلاقات العاطفية، بدفعهم إلى إرسال النقود لفتاة «مجهولة الهوية» ما يستنزف مدخراتهم.

وفي ظل هذا التدفق لا بد من التدقيق والتحقق حتى لا تذهب الصدقات إلى أيدي اناس لا يستحقونها، من عصابات مافيا التسول الإلكتروني، وهنا لا بد من التنويه إلى دور الاجهزة الأمنية ومؤسسة اتصالات في مراقبة ومتابعة مثل هذه المواقع وإغلاقها وملاحقة أصحابها لتأمين المجتمع من شرورهم وأفعالهم الجرمية.