نص رسالة "ياسر عبدربه" لرئيس المجلس الوطني سليم الزعنون

نص رسالة "ياسر عبدربه" لرئيس المجلس الوطني سليم الزعنون
رام الله - دنيا الوطن
أرسل  ياسر عبد ربه اليوم السبت 29/08/2015 الرسالة المرفقة إلى الأخ أبو الأديب، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، مؤكداً دعمه لانعقاد المجلس الوطني وضرورة التحضير الشامل له من قبل هيئة وطنية، تضم جميع القوى خلال الأيام القليلة المتبقية على موعد انعقاد المجلس في 15/09 المقبل.

وفيما يلي نص الرسالة:

الأخ العزيز أبو الأديب   حفظه الله

 رئيس المجلس الوطني الفلسطيني        

أعبر لكم عن ترحيبي الكامل بالقرار الحكيم الذي توصلتم إليه، وذلك بالدعوة العاجلة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني بكامل عضويته يوم 15 أيلول المقبل. إن هذا القرار يمكن أن يسهم جدياً في حماية دور المنظمة الذي قضينا معظم عمرنا الوطني والكفاحي في الدفاع عنه وصونه ضد كل التقلبات الداخلية والخارجية التي كادت أحياناً أن تعصف بالمنظمة ووحدتها واستقلالها، وأن تطيح ببرنامجها الوطني، برنامج الحرية والاستقلال والعودة.

وكم تمنينا لو جاءت هذه الدعوة لعقد المجلس الوطني قبل ذلك بكثير، يوم بدأ انهيار اتفاق أوسلو عام 1999، وبعد أن انقضت فترة السنوات الخمس من المرحلة الانتقالية. ما كان ينبغي علينا أبداً أن نسمح  بأن تبقى تلك الفترة الانتقالية التي حددها اتفاق اوسلو مفتوحة إلى الأبد، وبالتالي صار الاحتلال قادراً على صياغة مستقبل كياننا الوطني في إطار حكم ذاتي محدود ويتقلص باستمرار حتى يومنا هذا.

وكم كان ضرورياً عقد المجلس الوطني بعد رحيل القائد العظيم ورمز الوطنية الفلسطينية الصافية والشامخة ياسر عرفات، حتى نحضر لمرحلة جديدة ونبني مؤسات الوطن والمنظمة على قواعد متقدمة تملأ الفراغ الذي خلفه غيابه، أو بعد حروب العدوان ضد غزة، أو انقسام غزة قبل ثماني سنوات. 

ولعل المجلس الوطني يصبح قادراً في دورته القادمة بعد أسبوعين على تصويب مسيرتنا الوطنية أولاً وقبل كل شيء، وتحقيق إجماع وطني حول خطة وطنية جديدة لإنقاذ مشروعنا الوطني الذي يتدهور بفعل تصاعد إرهاب الاحتلال وعدم مواجهته بسياسة متماسكة داخلية وخارجية. إن الرد الحقيقي على الاحتلال يبدأ بصون وحدة مجتمعنا وصموده عبر استعادة دور مؤسساتنا الوطنية وتعزيز الرقابة الشعبية على سياسة المنظمة، وعدم ترك المجال مفتوحاً أمام الفردية والتخبط وفقدان البوصلة في تحديد الأولويات في السلطة والمنظمة.

ويأتي في المقدمة أيضاً أن نتصدى لمنع انفصال غزة وإنهيار وحدتنا الوطنية، وذلك عبر عملية حوار وطني سريعة وشاملة تضم القوى الوطنية كلها، وبدون استثناء أحد، ضمن الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.

إن أكثر ما أخشاه هو تغييب الدور الأول والأصلي للمجلس الوطني في تصحيح مسارنا السياسي، واستبدال ذلك بالتفتيش فقط عن تغيير بعض الوجوه تحت اسم التجديد.

لقد علمتنا التجارب أن نرفض الشعارات اللامعة والغامضة التي تطمس المضمون، مثل شعار أن اللجنة التنفيذية "ستصبح حكومة دولة فلسطين"، أو أننا سنقوم "بتحديد العلاقات الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل"، خاصة أنه في غياب برنامج ملموس ودقيق سوف يبقى الشعار شعاراً، والوطن وفي قلبه القدس يضيع أمام أعيننا.

هنالك أمور أخرى لا تقل أهمية، ولكنني سأكتفي هنا بهذه المقدمة، وأقترح عليكم كرئاسة للمجلس الوطني الخطوات التالية التي تكفل، كما أرى، نجاح المجلس الوطني في القيام بدوره كمجلس للإنقاذ الوطني: 

عقد اجتماع فوري في مقر المجلس الوطني في عمان، يضم أعضاء اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس والأمناء العامين وعدداً من الشخصيات الوطنية الفاعلة كهيئة تحضير فعلية لأعمال المجلس الوطني. وأقول في عمان حتى يتمكن كل الأمناء العامين للفصائل غير القادرين على دخول الوطن من المشاركة، مثل الأخ نايف حواتمة (الجبهة الديمقراطية) والأخ أبو أحمد فؤاد (الجبهة الشعبية) وسواهما. وهدف الهيئة التحضيرية هو وضع جدول أعمال تفصيلي وجدي للمجلس الوطني، وأن يشمل عملها كذلك الاتفاق على برنامج إنقاذ وطني، يتضمن وقف التنسيق الأمني وإعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي، كما يتضمن إشراف المجلس الوطني مباشرة عبر تشكيل لجنة من أعضائه على عملية المصالحة الوطنية ولمنع انفصال غزة، بالتعاون مع اللجنة التنفيذية القادمة. وكذلك إيجاد آلية للرقابة على السلطة وعمل قيادتها وحكومتها ومؤسساتها كلها، مدنية وغير مدنية، بتشكيل هيئة مشتركة بين اللجنة التنفيذية القادمة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني لوقف الانفراد، وللرقابة الملزمة على تنفيذ قرارات المجلس الوطني القادم. والعمل كذلك على تطوير المقاومة الشعبية، ومساندة مؤسسات القدس كلها وتخليصها من التهميش الذي تعاني منه.

الاتفاق في هذه الهيئة التحضيرية على كيفية انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة وفق قانون المنظمة ووفق تقاليدنا السابقة القائمة على التوافق الوطني.

انتخاب المجلس المركزي الجديد لمنظمة التحرير الفلسطينية.

تشكيل لجنة رقابة مالية من المجلس الوطني على أعمال الصندوق القومي الفلسطيني وصندوق الاستثمار الفلسطيني، وكذلك تشكيل مجلس إدارة للصندوق القومي كما ينص عليه نظام منظمة التحرير، وإعادة تشكيل لجان المجلس الوطني المختلفة.

اعتبار أن هذه الدورة للمجلس الوطني هي آخر دورة له بهذا التشكيل القائم، وإعادة تشكيل المجلس بالانتخاب أو بالتوافق الوطني، بحيث يضم 350 عضواً ومشاركة حماس والجهاد فيه، كما جرى الاتفاق سابقاً على ذلك، وأن يعقد المجلس الجديد اجتماعه كمجلس وحدة وطنية خلال ستة أشهر.

أخي أبو الأديب،،،

ما أقترحه عليك يمثل امتداداً لتقاليدنا المجيدة في الشراكة والتوافق الوطني، التي لا يجوز أن نسقطها، والتي حافظنا عليها طوال نصف قرن تقريباً من كفاحنا تحت الراية العظيمة؛ راية منظمة التحرير ممثلنا الرسمي والوحيد.

اللهم إني قد بلغت، وحذار من الفوضى.

وختاماً، فأنا واثق أننا نحن وأنت في المقدمة نمثل أم الولد الحقيقية التي لا تقبل تقسيم أو إضعاف منظمة التحرير أو القضاء عليها، علينا أن نصون إنجازات تاريخنا على الأقل حتى نترك أثراً راسخاً لمستقبل القادمين بعدنا ...

والله الموفق

رام الله 29/08/2015

ياسر عبد ربه