فلسطين لن تُقسّم وستنتصر

فلسطين لن تُقسّم وستنتصر
           الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
 يرى الكثير من المحللين السياسيين والمراقبين للشأن الفلسطيني، أن القضية الفلسطينية تمُر في أخطر وأصعب وأعقد مراحلها؛ بعد مرور ما يربو عن قّرن من زمن الاحتلال البريطاني ثم الصهيوني لها، وكذلك مع ازدياد الحديث عن مخطط لفصل قطاع غزة عن المشروع الوطني الفلسطيني، ومع استمرار الانقسام البغيض في الصف الفلسطيني، بين الضفة وغزة و مع انفراد حركة حماس بالمفاوضات الأخيرة والتي كانت برعاية توني بلير المبعوث السابق للرباعية الدولية، وقطر وتركيا؛ حيث نظر الشعب الفلسطيني لما يجري بنوع من الرفض والريبة والشك، واعتبرهُ أمراً مرفوضاً من الكل الوطني، ويحمل مخاطر سياسية كبيرة أبرزها فصل غزة عن المشروع الوطني الفلسطيني وعن الضفة الفلسطينية بما فيها القدس، وأي اتفاقية لن يكتب لها النجاح ولن تري النور طالما أنها لم تراعي المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وطالما لم تُعرض على الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية؛ بالرغم ما أصابها من الوهن والضعف؛ لكن تبقي منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي الخيمة والبيت والمظلة التي تجمع ويجمع عليه أبناء الشعب الفلسطيني، ولا يحق لأي فصيل الانفراد في البحث عن حلول لقضايا وطنية وقضايا تمس مستقبل الشعب الفلسطيني، حتى ولو أطلع البعض على نتائجها ، ويجب مشاركة الكل الفلسطيني في أية مفاوضات تجري حول مستقبل الشعب الفلسطيني أو جزء منه.؛ ومع التهويد المستمر والمستعِر والمجنون من قبل المغتصبين الصهاينة للضفة الفلسطينية وللقدس، ومع توقف المفاوضات بين السلطة ودولة الكيان المسخ، ومع وجود الربيع الدموي العربي، وانشغال الدول العربية بهمومها ومشاكلها الداخلية، ومع التشرذم والضعف الكبير الذي أصاب الجامعة العربية والدول الإسلامية؛ ومع طغيان المحتل الصهيوني وطغيانهُ في البلاد واكثاره للفساد والافساد، ومع عّلُوهِم عُلوًا كبيرًا، وظلمهم وقتلهم للشعب الفلسطيني وتدميرهم للحجر والبشر؛ وهدم البيوت فوق رؤوس قاطنيها، ومع ازدياد المغتصبات الصهيونية وظهور حكومة صهيونية مغتصبة مجرمة يمينية هتلرية متطرفة؛ وحكومة فصل عنصري (الأبرتهايد)، برغم كل ما سبق ذكرهُ فواهنٌ من يظن أن فلسطين وشعبها ,اهلها سيرفعون الراية البيضاء، وواهنٌ من يظُن أن فينا ومنا ومن بيننا شريفٌ واحد ممكن أن يفرط بذرة رملٍ واحدة من ثري فلسطين المقدسة؛ كما كان يقول دوًما القائد الرمز الشهيد بإذن الله أبو عمار؛ إنها فلسطين التاريخية من بحرها لنهرها؛ وقدسها المقدسة الشرقية والغربية هي لنا مهما طال الزمان أم قصر، وأن تل الربيع مثل غزة وأم الرشراش كالضفة، وكحيفا ويافا، ومن رفح حتي الناقورة هي لنا، وأن فلسطين أرض الطُهر والخير، الأرض المُباركة التي باركها الله عز وجل من فوق سبع سماوات أرضِ المحشر والمنشر؛ هي عربية الهوية والوجه والقلب والعمق؛ والهوى، وأن فلسطين التي طالما ارتوت بدماء الألوف من الشهداء، والأسري والجرحى وأهات الثكالى وأنات الرامل وزوجات الشهداء لن ترفع الراية البيضاء، ولن تستلم ولن تلين لها قناة ولن تنكسر لها هامة وستبقي مرفوعة الرأس والجبين تدافع عن كرامة وشرف الأمة العربية والإسلامية، وهي رأس الحربة في مقدمة الصراع مع العدو الصهيوني وهنا لابد من التوحد ولملمة الجراح وتوحيد الصف الوطني؛ ولا بد أيضا من حكومة وحدة وطنية ، فلا يوجد ما نقتتل أو نختلف حوله، وإذا ما قمنا بذلك فإننا سوف نستطيع مواجهة التحديات الجسام ، والاستمرار في تنفيذ استراتيجيتنا الدولية لإعادة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف الى قلب الحدث؛ وصدق الشاعر حينما قال: "تأبي الرماح إذا اجتمعنّ تكُسرًا؛ وإن افترقن تكسرنّ أحادا"؛ وعلى كل من يفكر بعمل حل هنا أو هناك سواء دويلة أو إمارة أو يريد جزء من فلسطين التاريخية؛ لن يتحقق ذلك أبدًا لأن فلسطين جنة الله في أرضه وهي وعد الله لنا بالتمكين والنصر على العدو الصهيوني المجرم طال الزمان أم قُصّر؛ وإن كل العالم لن يستكين ولن ينعم بالراحة ولا بالأمن أو الأمان والطمأنينة طالما المسجد الأقصى أسير وطالما فلسطين محتلة وجريحة؛ لأن فلسطين فيها القدس الشريف هي مفتاح الحرب ومفتاح السلام للعالم، وما تدور من أحداث وما يجري في العالم العربي والغربي كلهُ لحكمة ارادها الله عز وجل وستنتهي يومًا ما، ليتحول الصراع للأرض المقدسة المباركة ليتجمع الغُلاة والطغاة والمتكبرين المجرمين من اليهود ليكونوا جيش الأعور الدجال آخر الزمان، لتكون فلسطين هي مقبرتهم؛ فنحن لا نشك قيد أُنملة بنصر الله والتمكين لنا؛ برغم كل ما تمُر بها القضية الفلسطينية من مخاض أليم وصعب ومُعقد؛ لكن في النهاية لن يكون إلا النصر المؤزر لشعب قدم قوافل من الشهداء ولا زال يقدم الغالي والنفيس؛ والاحتلال كما تعملنا من التاريخ إلا زوال حتمًا؛ بل إلى مزابل التاريخ والنصر قادم لا محالة، وإن أحلك ساعة يشتد بها الظلام هي تلك الساعة التي تسبق بزوغ الفجر؛ وبرغم الألم سنزرع الأمل، وبرغم الأشواك الكثيرة ستبث الورود وكما حرر فلسطين الفاروق العادل الخليفة عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي رحمهما الله؛ فليس على الله ببعيد أن يخرج لنا من يحررها.