"الجُندي حي وحماس تُلاعب إسرائيل بذكاء": ما هي رسائل القسام وهل تتجه الأوضاع لتصعيد أم صفقة ؟

"الجُندي حي وحماس تُلاعب إسرائيل بذكاء": ما هي رسائل القسام وهل تتجه الأوضاع لتصعيد أم صفقة ؟
رام الله - غزة- خاص دنيا الوطن - من احمد العشي وتسنيم الزيان

معلومات شحيحة قدمتها حركة حماس و جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام عبر الفيديو الذي عرضته امس وأعده الزميل تامر المسحال.

ما هي الرسائل التي أرسلتها حركة حماس من خلال "الاتصال المفقود" .. ومن الواضح أن بعض المعلومات التي نشرها الزميل تامر في تحقيقه جاءت في الساعات الأخيرة من نشر التحقيق أي في ظل التسارع غير المنضبط للاتصالات بين حماس واسرائيل من خلال توني بلير من جهة واتصالات صفقة تبادل الأسرى غير معلومة الجهة والتوجه من جهة أخرى  ..

الجندي الاسرائيلي حي وحماس تُرسل برسائلها إلى بلير وجهات أخرى ..

اكد الخبير في الشأن السياسي د. امجد ابو العز ان حركة حماس استخدمت طريقة قوية من التقنيات و التكتيك العسكري، لافتا الى ان هذه الطريقة استخدمت لاول مرة.

وبين ابو العز وهو أكاديمي متخصص بجامعة النجاح الوطنية خلال حديثه لـ"دنيا الوطن" ان عملية القاء الضوء على هذا الفيديو الخاص بتقديم معلومات حول عملية اختطاف الجندي الاسرائيلي تهدف الى تعزيز دور قادة حماس و جهازها العسكري و تشجيع الاخرين للانضمام اليها، لافتا الى ان حركة حماس تحاول من خلال عرض الفيديو ان تظهر مدى اهتمامها بالقيادات التي قامت بهذه العملية.

وقال ابو العز: "اعتقد ان الفيديو هو عبارة عن تغيير لقواعد اللعبة، ليس بالاشتباك العسكري و انما هي عبارة عن حرب عقول و محاولة ارسال رسالة ان حماس تفوقت على اسرائيل في الامور العسكرية".

واضاف: "الفيديو هو لتوجيه رسالة اخرى الى المجتمع الدولي فيما يتعلق بعملية المفاوضات التي تتم عبر وساطة تركية و قطرية، وبالتالي فان ذلك يعزز مكانة حركة حماس دوليا".

واوضح ابو العز ان من اهداف هذا الفيديو ان حماس تريد ان توصل رسالة اخرى الى توني بلير مبعوث الرباعية المستقيل انه بالرغم من المفاوضات فان حركة حماس مستعدة للدخول في حرب اخرى، و ان حركة حماس ليس بأقل من اسرائيل، على حد تعبيره.

وفي السياق رأى المحلل السياسي ان المعلومات التي ظهرت في الفيديو كانت شحيحة و لم يدخل في التفاصيل، معتبرا انه جاء لارباك الساحة الداخلية لاسرائيل، مشيرا الى ان العائلة الاسرائيلية قالت بان المعلومات التي جاءت في الفيديو كاذبة، مشددا على ضرورة ان تثبت حركة حماس صحة ما جاء في الفيديو.

واعتبر ابو العز ان الفيديو سبب احراجا كبيرا لاسرائيل عندما كان احد قادة كتائب القسام يتناول الطعام مع الجندي الاسرائيلي الذي كان لدى حركة حماس جلعاد شاليط.

و في ذات السياق قال د. امجد ابو العز: "لا اعتقد ان هناك مواجهة عسكرية محتملة بين حماس و اسرائيل، حيث ان حماس ستكون خاسرة بكل المقاييس اذا لم تمتلك مضادات للطائرات الاسرائيلية".

واضاف: "حماس معنية بشكل كبير بالتهدئة لانها تعاني من ازمة في قطاع غزة من حصار و اعمار ، لذلك فان حركة حماس تطمح للتوصل الى هدنة لان ذلك سيفتح لها قنوات جديدة مع العالم الخارجي، ولكن السؤال هل ستمتد التهدئة الى الضفة الغربية؟".

و اشار ابو العز الى ان اسرائيل كذلك غير معنية بإنهاء حركة حماس ولكن في المقابل غير معنية بالسماح لها بتطوير قوتها العسكرية مما يهدد خطرا  على امن اسرائيل، معتبرا ان من خلال المفاوضات فان حركة حماس في قوة.

ابو العز اوضح في ذات السياق ان الذي يدير المعركة الاعلامية هو كتائب عز الدين القسام الجهاز العسكري لحركة حماس، لافتا الى ان القسام هو من حقق الانجازات في المعارك ، و بدونه لا يمكن لحماس ان تتخذ القرارات لانه هو صاحب القرار و القيادة، معتبرا ذلك رسالة من الجهاز الى منتميه تفيد بانهم هم اصحاب القوة على الارض و انهم هم من يملكون القيادة.

وحول فيما اذا كان هذا الفيديو سيؤثر على عملية تبادل الاسرى، قال ابو العز :: "بلا شك سيؤثر هذا الفيديو على عملية تبادل الاسرى، حيث الغموض الذي تستخدمه حركة حماس في الكشف عن مكان الجندي و هل هو حي ام ميت فان ذلك يعزز من مكانة حماس التفاوضية، و من خلال هذا الغموض تهدف حركة حماس لكي تعطي أي معلومة تريد مقابلها تنازلات من الحكومة الاسرائيلية".

و فيما يتعلق بالانفاق، اعتقد المحلل السياسي ان حماس ستستخدمها لخطف المزيد من الجنود ، لافتا الى ان كيفية و شكل و موعد عملية الخطف كل ذلك يعود الى حركة حماس و جناحها العسكري، على حد تعبيره.

خبير شؤون اسرائيلية : المواجهة الرابعة قادمة واسرائيل مُحرجة والفيديو صدمة ..

اكد المحلل و الخبير في الشأن الاسرائيلي د. عمر جعارة ان اسرائيل اشارت في الفيديو الى صورة تجمع بين القائد القسامي الشهيد محمد ابو شمالة وهو يتناول الطعام مع الجندي جلعاد شاليط، لافتا الى ان هذه الصورة سببت حرجا كبيرا لدى الحكومة الاسرائيلية.

وبين جعارة خلال حديثه لـ"دنيا الوطن" ان هذه الصورة ستكون موجودة خلال صفقة تبادلية قادمة للاسرى بين المقاومة الفلسطينية و اسرائيل.

و قال جعارة: "قالت الشاشة الاسرائيلية ان عرض صورة الشهيد ابو شمالة و هو يتناول الطعام مع شاليط فان ذلك بهدف الضغط على الجانب الاسرائيلي لاجراء صفقة جديدة لتبادل الاسرى".

و اوضح ان هناك مقطع بين سحب شهيد من كتائب القسام بدلا من الجندي الاسرائيلي، لافتا الى ان الاعلام الفلسطيني بين ذلك حقيقة، فيما كذبت عائلة الجندي جولدن هذا المقطع، مشيرا الى ان ذلك يبين المفارقة بين الاعلام الفلسطيني و الاعلام الاسرائيلي.

وفي السياق اكد جعارة على ان الاحصاءات الاسرائيلية بعد الحرب الاخيرة مباشرة تشير الى ان الحرب الرابعة اتية لا محالة، مستدركا بقوله: " لكن بعد المعطيات الموجودة على ارض الواقع الان تشير الى ان اسرائيل تدرك بانها غير معنية بالجولة الرابعة لانها لم تنجز أي هدف سياسي خلال الجولات الثلاثة السابق، و ان الجولة الرابعة لن تكون مختلقة،  و هذا ما يضعف فرص شن جولة عسكرية رابعة على قطاع غزة".

واضاف جعارة: "ان من اسباب ضعف فرص الحرب الرابعة ايضا هو ان اسرائيل لم تأخذ الضوء الاخضر من امريكا، كما انها تدرك تماما وجود خلافات داخلية في قطاع غزة سواء بين حماس و الجهاد الاسلامي او بين حماس و التنظيمات الاسلامية الجهادية، لذلك فان اسرائيل لن تضرب حماس من اجل تقوية داعش و لن تضرب داعش من اجل تقوية حماس".

وفي السياق بين جعارة الى ان الفيديو اعطى اثرا كبيرا في الاعلام الاسرائيلي الذي يشعر بانه لا يستطيع التفوق على الاعلام الفلسطيني المقاوم.

واكد جعارة ان فرص تطبيق التهدئة الان اكبر من الحرب، ولكن لن تتوانى اسرائيل عن استهداف أي شخصية عسكرية فلسطينية اذا سنحت لها الفرصة لذلك، حيث قال: "الاتفاق بين أي دولتين لا يتوقف على اخلاقيات أي طرف بل يتوقف على القوة التي يمتلكها ، حيث ان اسرائيل هي من خرقت الهدنة و الاتفاقات في الحرب الاولى عام 2008 و الحرب الثانية عام 2012 وكذلك الحرب الرابعة 2014".

واضاف: "وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون قالت حرفيا: (لن نستطيع ان نقف امام الصواريخ و الايديولوجية الفلسطينية)".

محلل سياسي : خيار الحرب غير مطروح لدى حماس ..


أكد المحلل والخبير السياسي ناجي شراب أن الفيلم الذي تم عرضه يوم أمس للقسام رسالة واضحة على أن كتائب القسام لديها الأسير الإسرائيلي ، موضحا أنها وضعت إسرائيل في مأزق اللغز بمعنى هل هو حي أم ميت وهو أقرب إلى أن يكون حيا.

وأشار إلى أن ذلك يكشف قدرات المقاومة على إدارة المعركة  والإبداع في الأساليب من التمويه والتضليل ، كل ذلك مسائل يكشف عنها الفيلم ، منوها إلى أن الفيلم بالنهاية ليس فيلما بالمعنى الدقيق للكلمة بقدر ما هو تصوير حالة معينة وهذا التصوير كانت تحتفظ به المقاومة لعرضه بالتوقيت المناسب وإرسال رسالة إلى إسرائيل الهدف منها الضغط عليها للقبول بشروط المقاومة فيما يتعلق بالميناء والمطار ورفع الحصار.

وأضاف شراب في حديثه لـ "دنيا الوطن" : " إعلان المعلومة الآن مهم، كما أن التوقيت الذي أُعلنت عنها المعلومة مهم، حيث أن هناك مباحثات تجري بواسطة توني بلير فيما يتعلق بالحصار والميناء والمطار والمفاوضات التي هي بالنهاية صراع إيرادات وأوراق تفاوضية وضغط على الطرف الأخر ، فباعتقادي التوقيت مناسب ، فالقسام تملك ما يمكن أن تتفاوض عليه ولذلك المعلومة تم الإعلان عنها بحذر ،وليس بشكل كامل "، موضحا أن المعلومات التي تم الإعلان عنها جعلت إسرائيل في حيرة من أمرها من خلال خرائط هذا الفيلم وتصويره.

وكشف شراب أن عرض الفيلم ليس له علاقة بالتهديدات الأخيرة حول انفجار غزة بات قريبا معللا ذلك بقوله: " لأن الإنجاز له علاقة باستمرار الحصار ورفض الأهداف السياسية التي من أجلها قامت الحرب الأخيرة ،كما أن تلك الأهداف فشلت ، وبالتالي نستطيع القول أن الحرب الأخيرة التي قامت بها المقاومة فشلت سياسيا وخيار الحرب المفتوحة مازال قائما وهي رسالة أخرى إلى إسرائيل ليس فقط في سياق المفاوضات بل أيضا في القدرة على الرد وفي سياق الردع وقد تجعل إسرائيل تفكر أكثر من مرة إلى عدم الذهاب إلى خيار الحرب".

وأوضح شراب أن تلك الامور تأتي كلها في سياق الضغط على إسرائيل للقبول بما لم تستطع الحرب الأخيرة تحقيقه سياسيا، فحماس تحاول الآن تحقيقه بأساليب وطرق أخرى متابعا حديثه: "  لا أعتقد أن خيار الحرب المطروح لدى حماس في تلك المرحلة ، لأنها تدرك ذلك تماما  ،  فلا يعقل أن تقوم حرب مرة أخرى خلال فترة زمنية قصيرة، وقد تفقد المقاومة قدرات كثيرة من التطوير مما عوضته لذلك لا اعتقد أن الحرب خيارا لحماس في هذه المرحلة بقدر الذهاب إلى التهدئة انتظارا لما يمكن أن تؤول إليه التحولات الإقليمية والدولية". 

وأشار إلى أن قرار الحرب على غزة يرتبط بتحولات إقليمية ودولية ، تلك التحولات ليس في صالح حركة حماس ولذلك حماس قد يكون من صالحها الذهاب إلى التهدئة في تلك المرحلة انتظارا من تحولات إقليمية ودولية قد تعمل في المستقبل لصالحها، ماضيا بقوله: " خيار التهدئة لا يعني خيار الحرب ، على أرض الواقع فالمنطق والمنهج العقلاني يقول نحن اقرب إلى التهدئة منه إلى الحرب ، لكن ذلك لا يلغي أن خيار الحرب يبقى قائما ، خصوصا أن الحرب بيئة داخلية وإقليمية ودولية والآن البيئة لا تعمل لصالح أي حرب قادمة وأي حرب في الوقت الحالي ستكون شكل من أشكال الانتحار الجماعي على مستوى الشعب الفلسطيني في غزة.

وأكد المحلل والخبير السياسي أن إسرائيل خيارها دائما متجه إلى الحرب وليس التهدئة وهذا هو العكس بيننا وبينهم ، مشيرا إلى أن إسرائيل أيضا لها مصلحة في التهدئة حيث أنها بدأت تدرك أنه لا يمكن القضاء على حماس بشكل كامل ، وأن من مصلحتها بقاء حماس في قطاع غزة وبقاء الانقسام السياسي والصراع الايدولوجي والعقائدي قائما على المستوى الفلسطيني.

وأضاف: " بالتالي من هذا المنظور ما تريده إسرائيل تهدئة ظنا منها أن غزة لا تشكل خطرا وتهديدا مباشرا عليها ، وهنا تلتقي المصالح المشتركة بين المقاومة وبين إسرائيل فكلامها يريدان التهدئة ولكن كل طرف بما يرضي مصلحته الشخصية ومدركاته الخاصة ولكن هناك دائرة مشتركة هي من تدفع باتجاه التهدئة "، منوها إلى أن صمتها نابع من السؤال حول ماذا سوف ترد إسرائيل ، فمن سياستها أحيانا عدم الرد ظنا منها أن عد الرد رد ، وعدم الرد بمثابة قبول بما جاء بذلك الفيلم ، وهذا أمر واقع ، متمما: " الأمر الأخر إسرائيل تريد أن تتأكد بشكل أكبر أنها لا تريد أن تنجر إعلاميا إلى ذلك الفيلم ، وأن تلك الأمور تتعلق بالأبعاد السيكولوجية السياسية والإعلامية الخاصة بالخطاب السياسي والإعلامي لإسرائيل ، كما أن الإهمال من سياستها أيضا ومن خلاله توجه رسالة أن الأمر لن يحدث ".

وأوضح شراب أن الفيلم جاء لدعم الفيلم التفاوضي ودعم قدرات المقاومة لأنها بحاجة إلى مزيد من الشعبية ، مستطردا: " يأتي الفيلم في ذلك السياق لا أكثر ولا أقل لكسب دعم جماهيري للمقاومة".

ولفت إلى أنها رسالة إلى العالم وإسرائيل مفادها أن المقاومة موجودة في غزة  ، وتمتلك ما يكفي من القدرات لإثبات ذاتها أكثر.