بيت لحم: "جهاد ورانية" قصة حُب جمعتها زنازين السجان ..

بيت لحم: "جهاد ورانية" قصة حُب جمعتها زنازين السجان ..
بيت لحم - دنيا الوطن- رنا شحاتيت

"لا تنتظريني، أكملي حياتك وكوني بخير" بتلك الكلمات المؤلمة بدأ الأسير المحرر جهاد شحاتيت حديثه ..

بتلك العبارات التي مضى عليها أكثر من ثلاثة عشر عاما يستذكر جهاد مشوار حياته فيقول بنبرة صوت كساها الفرح: " رانية هي أول مشوار حياتي منذ تاريخ 20_4_2000 حيث خطبتنا الأولى ، قضيت بعدها عاما كاملا من عمري مطاردا"، لافتا إلى أن بيت أهل رانية كان حاضناً له لتكون جدران المنزل أيضاً شاهدة على جرائم الاحتلال.

وأضاف خلال حديثه لـ "دنيا الوطن" بعدما أخذ يستحضر ما تبقى في ذاكرته : " على الرغم من أنني  كنت أبيت في بيتهم عندما كنت مطارد إلا أنني لم أكن أراها إلا مرة واحدة كل شهر"، مشيرا الى أنه كان دائما يردد في داخله "واثقاً أنها ستكون لي "

يُكمل جهاد حديثه لمراسلة دنيا الوطن بعدما أخذ يطرق كل أبواب ذاكرته رويداً رويداً ويقول"في ليلة 26/6/2002 كنا 14مطلوباً في مبنى المقاطعة في مدينة الخليل ،كانت الساعة تقترب من الفجر" أخذ نفساً عميقاً وتابع حديثه" كنا على علم من الإحتلال أن المقاطعة مربع آمن،حيث أن مبنى المقاطعة ثلاثة أو أربعة طوابق وكانت الشبابيك محمية بالحديد".

يستذكر جهاد هنا تاريخ وحدث مهم سجلته عدسات الكاميرات على مرآى من الجميع ،فيقول:  "حين اجتاحت قوات الاحتلال مدينة الخليل وكانت المقاطعة هدفاً لهم  حيث جهاد،وهناك قوة إسرائيلية  تقدر بـ ثلاثمئة  دبابة ومدرعة وعشرات من الجبات ،تساندها خمس طائرات مروحية،تمكنت حينها من تدمير مبنى المقاطعة بالكامل واستشهد ثمانية مواطنين وأصيب عشرون آخرون واعتقل ما يزيد عن ثمانين معتقل كنت أنا من بينهم" 

 وتابع حديثه : " وفي 2_7_2002  صدر قرار الحكم علمت حينها أني سأقضي 13 عاماً من عمري خلف القضبان،علمت أن حياتي ستتحول لصبر وحرمان وعذاب"، 

وأوضح أنه بتاريخ 25/2/2006 كان الأقسى بالنسبة له حيث طلب جهاد من رانية ألا تعود وطلب الانفصال عنها، وأن ترى مستقبلها كانت حينها رانية قد أكملت 20 ربيعاً،  تقول رانية " لم أفكر ولو للحظة أن أرتبط بأحدهم  إلا عندما أعلم  ردة فعل جهاد حينما يخرج من  السجن".

تُكمل رانية: " أي أسير قد يكون في مكان جهاد سيكون له نفس التصرف ،هذا يدل على أنه حريص على الطرف الآخر وهو أنا، وأنا كنت أثق  من هو جهاد".

بات جسده يعيش داخل السجن وقلبه مع كل زاوية خارجه،يضيف جهاد"عرضت عليها الإنفصال ليس بإرادتي بل لأنه أي إنسان يطيل غيابه عن خطيبته أو زوجته أكثر من سنة يحق لها أن تكون مخيرة" يُكمل بعد التفاته منه لرانية" رفضت التواصل معها بأي طريقة وأنا في السجن،لأني كنت على وعدي حتى يشاء لنا القدر أن يجمعنا بعد هذا  الزمن".

جهاد يُسهب في وصف حادثة مضى عليها أكثر من 13 عاماً ، فيروي عن حياته في السجن قائلاً "الذي كان يمنحنا الصبر في السجن إنني أثق سوف أكون حراً في أي لحظة ،وكأن الله يُلقي الصبر في قلب الأسير، حيث يشعر الأسير بظُلمة السجن خاصة في العيد وعندما تحدث مناسبة لأقاربك بالخارج من زواج أو ارتباط أو حياة جديدة ، وكم هو مؤلم للأعزب"؟

بالرغم من العذاب والحرمان الذي عاشه جهاد داخل السجون إلا أنه لم ينسى أن هنالك لحظة للخروج من عتمة السجان.

1/7/2015كان التاريخ الأجمل لدى جهاد حيث استنشق بصباحه نسيم الحرية بعد كبت ظلام السجن ، تنفس من جديد عله يُبدل الهواء الداكن على صدره ،لنكتب عن كلاهما قصة وفاء استمرت أكثر من 13 عاماً.

يقول جهاد مُعلقاً"عندما أنهيت مدة حكمي كنت فرحاً لأني سأقضي ماتبقى من عمري  تحت ظلال سماء وطني،وفرحاً لأني سأكون بين أحبابي وأقاربي،وسأعود لما كنت أفكر به منذ 13 عاماً وكأنه اليوم".

وجد جهاد نفسه بين أحبته وأهله ورانية وكأنه لم يمض أي وقت على فراقهم، وعاد ليكون جهاد الذي ترك رانية قبل 13عاماً ،حقاً إنها الحرية.

و كان جهاد أحد مرافقي الراحل ياسر عرفات ،ومن  مؤسسي كتائب الأقصى في الجنوب