في وثائق الصرف للمسؤولين

في وثائق الصرف للمسؤولين
كتب د عبدالناصر عبدالهادي
آخر صرعات الفيسبوكيين الفلسطينيين نشر وثائق صرف نفقات سفر وتعليم ﻻبناء المسؤولين.. وهي بحدود علمي لا تعبر عن حقيقة المبالغ المصروفة بهذا الاتجاه وغيره لفئة محددة من الناس وفي وقت تزداد معاناة عشرات آلاف العائلات الفلسطينية في الداخل والخارج وتشتد حاجاتهم لدراهم معدودة لعلاج وتعليم أبنائهم وخاصة في مخيمات اللجوء غير المدرجة حتى على جداول أعمال الفيسبوكيين الذي أخذوا على عاتقهم مكافحة الفساد...
وكما هو حال الفلسطينيين المبكي وعلى خطى "القادة الأشاوس" انقسم الفيسبوكيين إلى فريقين
الأول يرى أن الأمر عادي ومطالبة بحق وأن تسريب الوثائق يدل على مؤامرة شخصية أو حزبية أو وطنية
أما الفريق الثاني فيرى أن الوثائق تؤكد استشراء حالة الفساد، وان في نشرها وتداولها مكافحة للفساد
ولا ينكر العبد الفقير إلى الله على فريقي المأساة الملهاة مرئياتهم.. فلكل منهما وجهة نظر تستحق الاحترام.. كما يستحق الاحترام موقف الأشخاص المعنيين على نشر مطالبتهم بحقوقهم أو وثائق فضائح حسب ما يحلو لكل فريق...
فكلاهما أعلن بشفافية صحة الوثائق وتحملهما مسؤولية أي تجاوز تشكله مطالبهما المشروعة بنظرهما. وكنت سأحترم أكثر شخصيهما لو أنهما قدما مع الإعلان الشفاف ملخصا بكشف حساب خدمتهما العامة التي يتلقيا عليها أجرا ومنحتهما تلك الحقوق المشروعة... فكم مريض ضاقت به مشافي الوطن ولم يجد معبرا يمر منه إلى العلاج في الخارج.. أو طالب أو موظف ضاقت به السبل للالتحاق بعمله قد قام الأول بتأمين سفرهم إلى الخارج. وكم منحة تعليمية أمنها الثاني لأبنائنا الطلاب في الوطن والشتات وهم يشاهدون أقل منهم مستوى وذكاء يتنقلون بين واشنطن ولندن وكرديف وباريس للتعليم على حساب الصندوق الأسود.
على أي حال لست منحازا ﻻي من الفريقين ولست خصما للمسؤلين الموقرين، فما دامت الأنظمة معطلة والاجهزة الامنية مسيسة وكذلك القضاء، يصبح النظر الى القضية من منظور مختلف يجعلني اتساءل:
هل اختيار الأخوين الموقرين تم عشوائيا؟
ألا توجد مئات الوثائق التي تغطي مبالغ أكبر لنفقات أخرى؟
أليس الانقسام هو الذي منح فئتين تدعيان النخبوية حصد مكاسب ومزايا ما كان لهما أن يحصدوها في ظل الوحدة؟
أليس في نشر هذه الوثائق وتداولها ومستوى التعليقات عليها ما يسيء لشعبنا ويزيد من حالة الانقسام الوطني والعزلة العربية والدولية؟
هل من فساد أكبر وأخطر على شعبنا وقضيتنا وقدسنا ولاجئينا وأسرانا وأطفالنا من الانقسام السياسي الذي تبعه انقسام اجتماعي ومناطقي مساو للانقسام الطائفي الذي نراه يأكل الأخضر واليابس في كل مكان حولنا؟
وأسئلة كثيرة غيرها أجيب عليها بفتوى أقابل بأجرها أو وإزرها ربي سبحانه وتعالى وهي ان الفساد هو الانقسام وان الانقسام أكثر خطرا من الاحتلال ومحاربة الانقسام أكثر أولوية من محاربة الاحتلال وان كل من لا يقاوم هذا الانقسام بقلبه أو لسانه أو يديه حسب استطاعته هو فاسد ولا استثني نفسي