حلم .. وكابوس : تصريحات الهبّاش ..

حلم .. وكابوس : تصريحات الهبّاش ..
كتب غازي مرتجى

*

اتفقّ الرئيس أبو مازن وأبو الأديب على عقد جلسة عادية للمجلس الوطني منتصف الشهر القادم , وسأغفو للحظة ونحلم سوياً الحلم التالي ..

وافقت حماس بكتلتها الحالية في المجلس التشريعي والبالغة نحو 80 عضواً على الانضمام للمجلس الوطني وحضور جلساته , وأعلنت رسمياً على لسان رئيس مكتبها السياسي الاستعداد للدخول لمنظمة التحرير الفلسطينية رسمياً ويتم الاتفاق على حصولها على عدد مقاعد مُعينة في المجلس الوطني (علماً ان عدد مقاعد فتح 49 فقط من اصل 776) وبعد الاتفاق على هذا العدد يتم عقد جلسة مجلس وطني في القاهرة وليس في رام الله على أن يتم تطبيق اللوائح الداخلية بحذافيرها ويتم اختيار ثمانية عشر عضواً أعضاء للجنة التنفيذية مع الأخذ بعين الاعتيار ضرورة إرضاء الأحزاب التاريخية والتي أصبحت غير موجودة على الأرض لإبقاء الصيغة الوطنية التاريخية للمنظمة ..
في حال وافقت حماس على هذا المقترح وحصلت على مقعدين في اللجنة التنفيذية مقابل مقاعد ثلاثة لفتح (كما مخصص لها الآن) يُمكن القول أنّ إنهاء الإنقسام بدأ من البيت الكبير الفلسطيني ..

فجأة تحوّل الحلم إلى  كابوس كان مصيره ..

عُقد المجلس الوطني ولم يحصل النصاب لعدة أسباب منها عدم تمكّن أعضاء المجلس من قطاع غزة من الخروج بسبب منع الاحتلال لهم واستحالة وصول أعضاء المجلس من لبنان والمرض الشديد الذي يُعاني منه الآخرون .. وقرر الحضور عقد جلسة طارئة للمجلس بمن حضر ..

في اليوم التالي (أعتذر في المشهد التالي من الكابوس) قرر الحضور انتخاب لجنة تنفيذية جديدة مكونة من ثمانية عشر شخصاً , أعلن ستة أشخاص في اللجنة القديمة مقاطعتهم لفعاليات الجلسة الطارئة وعدم الاعتراف بنتائجها .. فجأة أصبحت اللجنة التنفيذية تضم فتح وعدد من المستقيلين وبعض الأحزاب التي انتهت (على الأرض) ولها تاريخ ناصح .. 

في الشهر الذي يليه (بعد استيقاظي من الحلم وشرب المياه الفاترة) عُدت مرة أخرى ووجدت دولاً اقليمية وشخصيات نافذة تُحاول السيطرة على الأعضاء الستّة غير المعترفين بنتائج الجلسة الطارئة بسبب عدم وجود نص واضح وصريح في النظام بإمكانية تغيير اللجنة كاملة إن فقدت النصاب .. وبدأ القيل والقال وشعرت بحجم "المذلة" التي ستصل لها القضية الفلسطينية ففُزعت وأيقظني المُنبّه على صوت :"حيّ على فلسطين" .

بعد غفوتي السابقة تذكرت سؤالي للسيد غسان الشكعة إن كان "صندوق الانتخابات" هو الحل الوحيد فأجابني يومها :"هات حل تاني وسأؤيده" .. يبدو أن الاخ أبو الوليد معه الحق .

**

المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية متوقفة منذ عام ونيّف ,لكن اللقاءات مع الجانب الاسرائيلي لم تتوقف , هناك لقاءات هامة وتأتي في السياق الطبيعي أي وفق مستلزمات الوضع الميداني والإنساني للشعب الفلسطيني وهذا أحد أهم بنود اتفاق أوسلو وهناك لقاءات لا تنم إلا عن استهبال واستغباء المواطن الفلسطيني .

السيد صائب عريقات وليعذرني لنقلي بعض ما قاله لي أنّه على يقين أن كل حركة وهمسة مُسلجة وأي جلسة يجلسها معروفة ومحفوظة ووفق محاضر رسمية وستخرج للعلن سواء اليوم أو غدا او بعد عشرون سنة .. ولن اسجل على نفسي ولن أدع عائلتي وأبنائي أولاً وأبناء شعبي الفلسطيني ثانياً يقرأون هذه المحاضر ويتحدثون بسوء والكلام على لسان كبير المفاوضين .

ليست المفارقة ان يلتقي اي من الفلسطينيين مع الاسرائيليين فقد نضع "أعذاراً" لذلك أولها ضغوط المجتمع الدولي والإقليم وليس آخرها مصلحة الشعب الفلسطيني في حال كانت المفاوضات أو اللقاءات لصالح تجنيب الشعب الدمار ومحاولة الوصول إلى "حلول" .. لكن أن يلتقي بعض القيادات بدون أي مسميات مسموح لها اللقاء بالاسرائيليين كقاضي قضاة فلسطين ويقول لمُقابله الاسرائيلي :"نتنياهو مفتاح السلام" فهذه الكلمات الثلاثة نسف للرواية الفلسطينية وهي بالتأكيد تضر الرئيس أبو مازن أولاً وأخيراً .. فبعد الوصول إلى مرحلة "شيطنة نتنياهو" عالمياً و اقتناع العالم أجمع بأن هذا الشخص اليميني المتطرف لا يريد السلام جاء السيد "الهباش" ليُنقذه ويرمي له بطوق النجاة أمام المجتمع الدولي ..

باعتقادي ان هذه التصريحات واجبة المُراجعة والتحقيق فيها وعرضها على الجهات الرسمية المختصة والعمل ديبلوماسياً من أجل تحصين الوضع الفلسطيني الدولي , بالتأكيد ستحاول اسرائيل استغلال تلك التصريحات دولياً للتحريض على القيادة الفلسطينية والنيل من روايتها التي أصبحت على درجة عالية من الثقة  في دول العالم الصديقة وحتى المُحايدة .. 

لم نسمع بنفي لتلك التصريحات سواء على لسان "الهباش" أو "المدني" وحتى التنظيمات الفلسطينية اكتفت ببيانات الادانة والتنديد واعتبرت اللقاء نوعاً من التطبيع دون أن تأتي على ذكر التصريحات المذكورة .. على حركة فتح العودة لدورها الريادي وعدم الاكتفاء بدور "المُشاهد" .. وفي نهاية المطاف من يتحمّل وزر هكذا تصريحات ولقاءات هي "فتح" وقد نقول ..:"رُغماً عنها" !

التعليقات