أبو عاصي : "ليه ما تاكل جاتوه" ؟

أبو عاصي : "ليه ما تاكل جاتوه" ؟
كتب غازي مرتجى

سيُصبح "محمد أبو عاصي" أيقونة الفقراء والمُحتاجين في قطاع غزة , فهذا البوعزيزي الجديد حاول الانتحار مؤخراً بسبب رفض "البلدية" اعطائه مساحة حرة لبيع الذرة على شاطيء بحر غزة , محمد الذي يكسب على الأكثر "عشرون شيقل - 6 $" أصبح هو الهم الأكبر لمُتصيّدي "توافه الأمور" وكأنّ عربته هي المظهر الوحيد من مظاهر موت غزة وفقدانها لجمالها وحيويتها !

عندما انتحر "البوعزيزي" اعتبره الشيخ يوسف القرضاوي شهيداً ومع انكار ورفض هذه الطريقة من الاحتجاج غير الدينية ولا المنطقية إلاّ أن قصة "أبو عاصي" تختصر حكاية فقراء شعب أذلّه الانقسام والاحتلال بشكل متساو ولم ترحمه قياداته أيضاً .

ماري انطوانيت ملكة فرنسا الشهيرة مثالاً هاماً لمن يعيش في قصور مُشيّدة ويتحدث من وراء حجاب مع رعيته .. عندما ثار عليها العامة لعدم وجود الخبز قالت :"لماذا لا يأكلون الجاتوه ..؟"  ,وخرجت بلدية غزة وبعض المدافعين عنها بالقول :"هذا ضد مظاهر غزة الجمالية" سيّان ردّة فعل ماري والبلدية !

عن أي جمال تتحدثون وقد تشوهّت ثقافة الناس بالانقسام .. عن أي جمال تتحدثون وفقد الكثيرون جمال الروح أصلاً قبل فقدان جمال المكان ! .. 

ان الطبقة البرجوازية -بمعناها السلبي- لا تزال تُعشعش في عقول الكثيرين بل إن الحالة الفلسطينية العامة وقطاع غزة على شكل الخصوص خلق طبقة برجوازية تتمتّع بكل أشكال الاستغلال والاستهبال على حد سواء , وهذه الطبقة تتعامل مع "أبو عاصي" وأمثاله بأن لهم الله وكله بسبب الحصار ..!

خطوة وزارة الحكم المحلي مشكورة ويجب أن تُنفذ على ارض الواقع ولا تنتهي لجنتها المُشكلة بـ"حفظ الملف" .

لقد برعنا في مكافحة الفقراء بدلاً من مكافحة الفقر .. إن الحفاظ على جمال المدينة يتطلب الحفاظ على "جمال الروح والثقافة" أولاً ليُصبح جمال المدينة ثابتاً وأولوية بدلاً من فرض وإجبار !


التعليقات