نبيل عمرو يفتح عبر دنيا الوطن "ملف الرئاسة والانتخابات والقوى" المستقلون! (ح5)

نبيل عمرو يفتح عبر دنيا الوطن "ملف الرئاسة والانتخابات والقوى" المستقلون!
(ح5)
كتب نبيل عمرو

المستقلون

_5_

اذا كانت الفصائل الصغيرة تمتلك تراثا قديما تستمد منه شرعيتها اي التراث القتالي، فان مصطلح المستقلين الذي ظهر مع ظهور منظمة التحرير وتوزيع المقاعد في هيئاتها، هذا المصطلح اوجده وثبته بصيغة مستقرة المغفور له ياسر عرفات، وقد ناضل الزعيم الراحل بقوة وتصميم على جعل ممثلي المستقلين اكثر عددا او بتعبير ادق اكثر اصواتا من مممثلي الفصائل، ولقد احكم عرفات سيطرته على منظمة التحرير من خلال المستقلين الذين نجح في استقطابهم خصوصا حين رفع شعار القرار الفلسطيني المستقل، قاطعا الطريق بصورة فعالة على الدول المنافسة له ولفتح، في اسخدام نفوذها داخل منظمة التحرير من خلال الفصائل التابعة لتلك الدول.

وحين تراجع حضور المنظمة في الحياة السياسية لما بعد اوسلو بفعل طغيان امر واقع السلطة نقل عرفات صيغة اللجنة التنفيذية الى الحكومة، الا ان ظاهرة تلقائية ولدت في زمن السلطة، وهو ضعف حضور المستقلين في الحياة السياسية بحكم ضعف حضورهم في المجلس التشريعي، الذي كان المقوم الشرعي الاساسي للسلطة الوطنية فذابت الظاهرة وتلاشت مع احتداد الصراع والتنافس بين القطبين الاساسسين على السلطة والنفوذ، وصار المستقلون الراغبون في لعب دور سياسي لا يجدون ممرا الى هذا الدور الا عبر القطبين الرئيسيين فاختار بعضهم التمويه على نفسه بتواطئ مستتر مع احد القطبين، واختار البعض الاخر التعاطي مع حكاية المصالحة حين وقع الانقسام واستفحل، الا ان ظاهرة المستقلين كجسم سياسي وتنظيمي اتحدت من حيث المكانة والدور مع واقع الفصائل الصغيرة فاكتظ هامش القوى غير المؤثر بمن يحاولون ايجاد دور لهم وينتظرون فرصا تأتي عن طريق القطبين مثل دعوة لحضور فعالية مصالحة او استدعاءً لشغل منصب وزاري، او غطاءً لتشكيل له واجهة تقنية مستقلة بينما تحركه ايادي القطبين بالجملة والتفصيل.

لا نستطيع طرح سؤال ما هو موقف هؤلاء من الانتخابات، لأن الاجابة المسبقة عن هذا السؤال هو ان لكل شخص موقفه الخاص الذي يبنيه وفق حساباته وطبيعة علاقته  مع احد القطبين .

هذا عرض لواقع الطبقة السياسية الفلسطينية، اقطابا وأجراماً تدور في فلك الاقطاب، وهو حال مَرَضي وعظيم التأثير السلبي على الواقع السياسي الفلسطيني سواء على الصعيد الداخلي وهو الاكثر اهمية في حياتنا نظرا لأنه الارض الحقيقية التي يبنى عليها او ينهار اي هدف وطني. هذا باختصار عرض للواقع كما هو ويلاحظ فيه غياب كامل لجميع الفعاليات غير المنضوية داخل اطارات الفصائل الكبرى والصغرى. والذين لا ينتمون تنظيميا لهذه الفصائل لا يزالون قوة اساسية في المجتمع الفلسطيني الا انها خارج صندوق الاقتراع تكرست كقوة مهمشة حتى اشعار آخر.