رداً على غازي حمد : عمر النضال الفلسطيني يزيد عن 300 عام والنتيجة صفر

رداً على غازي حمد : عمر النضال الفلسطيني يزيد عن 300 عام والنتيجة صفر
كتب غازي مرتجى

قرأت مقال الدكتور غازي حمد القيادي في حركة حماس .. كالعادة فنحن نبرع في تشخيص المرض ويُجانبنا الحظ دوماً في علاجه .. وأقول "الحظ" هنا تخفيفاً من وطأة الحقيقة فلا تفكيراً او تخطيطاً او تنفيذاً نبرع بشيء , لكن سأعلقه هنا على شماعة "الحظ" بدلاً من شماعتي الاحتلال والانقسام المهترئتين .

اعتبر الدكتور "حمد" أن عمر النضال الفلسطيني 65 عاماً وفي ثنايا المقال يتحدث عن ضرورة ان يكون العمل تراكمياً وهو ما يعني ان الزمن الحقيقي للنضال الفلسطيني يزيد عن ثلاثمائة عام فعندما نحسب عمر فتح , حماس , الجهاد الاسلامي , الشعبية , الديمقراطية , النضال الشعبي . والجبهات الأخرى عدا عن التنظيمات الجديدة وعمر أقل واحدة منها -خمسة عشر عاماً- فإننا سنكتشف ان العمر الحقيقي للنضال الفلسطيني يزيد عن الـ300 عام أو يزيد ..

الحقب التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية "مثيرة للاهتمام" ويجب أن نُراجعها يوماً بيوم , لكن للأسف الشديد فإن كل حقبة من حقب التاريخ الفلسطيني منفصلة عن الأخرى وقد نقول أن كل حقبة جديدة هي  "أسوأ" من سابقتها ما يعني ان العمل التراكمي والاستفادة من التاريخ لم تكن في حسبان أي تنظيم فلسطيني ..

ومؤخراً تسير حركة حماس بذات الطريق الذي سارت عليه منظمة التحرير , فأرجو من السيد "حمد" أن يوضح لنا حقيقة ما تتراشقه المعلومات والمصادر من قرب اتفاق بين حركته وإسرائيل اقتصر على ميناء وكسر حصار مقابل تهدئة طويلة الأمد .. وإن صحت تلك الأنباء فإن أوسلو تعتبر "انجازا" مقارنة بأي اتفاق على هذه الشاكلة .. هذا طلب وتساؤل للسيد غازي حمد أرجو الإجابة عليه ..

أما معايير "غازي حمد" لحساب أوهام الشعب الفلسطيني يجب ان تقاس .. 

1- الانجازات وطنية ليست فصائلية , هذا واجب ومطلب ويجب أن لا يكون مقترحاً أصلاً .. لكن سيد "حمد" فإن رفع علم فلسطيني يعني وقف التمويل والاصطفاف الاقليمي لصالح "اللون" لا لصالح ألوان العلم الفلسطيني .. فاجعل بالك "مرتاحاً" فإن حملات التقزيم والاستخفاف بإنجازات الآخر هي الصفة التي يحملها غالب قيادات الفصائل .. بل قد نجد في القريب رسائل دراسات عليا في فن القذف والتشهير بالآخر ..!

2- الانجازات تقاس بعمر قضيتنا نعم .. لكن ما بالك بأحد قيادات الفصائل عندما قام أمام جموع المحتشدين والمتجمهرين في إحدى مدن الضفة   باقتصار النضال الوطني الفلسطيني بافتتاح وتعبيد شارع .. حيث قال :"إن صمودكم أهالي .... مكننا من الانتصار على العدو وافتتاح الشارع الفلاني" .. هو قالها مقتنعاً وأنا أؤكد لك ان النضال الوطني الفلسطيني اقتصر على انجازات "تافهة" قد يكون إحداها تشويه طرف لآخر وأحاديث الانتقاد والتطرف التنظيمي او حلقات النقد العلني على الفضائيات .. هذا أقصى طموح الفصائل الفلسطينية .. لا تنسى سيدي العزيز ان عودة جدول الـ"8" أصبح أقصى طموح المواطن الفلسطيني وفتح معبر رفح يتسابق على تبني فتحه الايام الثلاثة اليتيمة كل الجهات والشخصيات .. فلك ان تعرف ان الانجاز الوطني الفلسطيني وصل بعقول قياداته إلى أرذل العمر ..!

3- إن العمل السياسي الفلسطيني في مُجمله يحتاح لأوراق قوة وهي موجودة لكنها غير مُسخرة كما ينبغي .. توجه الرئيس للأمم المتحدة والدافعية الديبلوماسية الفلسطينية تحتاج لأوراق قوة اعتقد اصبحت جاهزة وقابلة للانصهار في المنظومة السياسية الفلسطينية الجامعة , لكن هذا التوافق بعيد جداً .. باعتقادي !

4-الوحدة الوطنية كُتب بها مجلدات وصيغت لها آلاف المقالات .. وللأسف التراجع سيد الموقف , فالأولى أن يتم تسخير تلك الأقلام لقضايا المواطنين لأن قيادات الشعب الفلسطيني يشربون الخمر والدم على مقالات المصالحة وإنهاء الانقسام ..!

5-النجاح في محاصرة إسرائيل يحتاج توحيد المفاهيم الوطنية أولاً ووقف التجاذبات الداخلية ثانياً .. والذهاب للمجتمع الدولي بوفود قيادية تجمع الجميع ..

6-خلخلة الركنين الاساسيين لاسرائيل : الامن والشرعية , خلخل الأمن العمليات الفردية التي يقوم بها "المنتقمون" والشرعية باقية وثابتة طالما استمرت الشرعية الفلسطينية متكلسة ومنقسمة .

بقي القول ان غالبية الأحزاب الفلسطينية والتنظيمات لا تحمل اهدافا استراتيجية وانما تعتمد على الحدث ورد الفعل أكثر من التخطيط للمستقبل , لو سألت اي قيادي فلسطيني من اللونين عن توقعاته ليوم "غد" فلن يستطيع الاجابة سوى بالتوقعات إن كان مُطلاً أو بالأوهام والأحلام وهي صفة الغالبية .. ولو طلبنا من قيادات التنظيمات خططهم الاستراتيجية وهدفهم الأسمى لأشبعونا كلمات الثورة والقضاء على اسرائيل من جهة وحل الدولتين المهتريء من جهة أخرى .. 

باعتقادي ان كثرة التنظيمات وخاصة تنظيمات "الاسترزاق" أضر بالقضية الفلسطينية كثيراً , والدعوة لتوحيد "الاستراتيجية" الفلسطينية هي من تحتاج لسنوات ضوئية فإن فشلنا بإنهاء الانقسام المستمر منذ ثمانية سنوات وسيستمر أكثر فلن ننجح بصياغة استراتيجية فلسطينية جامعة تُقربنا من تحرير فلسطين .. أو جزء منها حتى !

دكتور غازي حمد لقد أوجعت قلوبنا بمقالك وفتحت جروح الوطن , لكن كما عهدناك فأنت صاحب الأمل والتفاؤل أطلب منك كتابة سلسلة مقالات ولنعتبرها "وثيقة الخلاص" تضع فيها خبرتك السياسية وتبتعد عن الحزبية كما عرفناك ولتضع حلولاً جامعة للقضايا الفلسطينية المُلحة .. ونحن لها من المنتظرين !


التعليقات