تجمع العلماء المسلمين يكرم المستشار الثقافي للجمهورية الإيرانية في لبنان

رام الله - دنيا الوطن
أقام تجمع العلماء المسلمين حفل تكريم لسعادة المستشار الثقافي الإيراني السيد محمد مهدي شريعتمدار بمناسبة توليه مهامه الجديدة في لبنان حضره القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأستاذ صادق الفضلي على رأس وفد من السفارة، ووفد من نيجيريا يرأسه الشيخ إبراهيم زاكازاكي، إضافة إلى تجمع العلماء المسلمين بهيئاته كافة. وألقيت بهذه المناسبة كلمات.

 بداية رحب رئيس مجلس الأمناء في التجمع الشيخ أحمد الزين بالحضور قائلاً:

في تجمع العلماء المسلمين رافعين راية الوحدة الإسلامية متجاوزين ما ينشر ويُشاع من دعوات للفتنة بين المسلمين، رافعين راية الوحدة الإسلامية لا إله إلا الله محمد رسول الله، تتطلع قلوبنا قبل أعيننا إلى المسجد الأقصى طالبين الحماية والدفاع عنها وإلى تحرير كل شبرٍ من الأرض الفلسطينية. ونحن الآن نرحب بضيوفنا الكرام وبخاصة السيد محمد مهدي شريعتمدار مؤكدين لهم أننا على الدرب سائرون وإلى طهران متوجهون لنوجه التحية إلى سماحة السيد علي الخامنئي ومنه إلى بيروت إلى سماحة السيد حسن نصر الله رافعين راية المقاومة الإسلامية عالية خفاقة وصولاً للصلاة في المسجد الأقصى قريباً إنشاء الله  

ثم كلمة رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله جاء فيها:

هنا في هذا المكانِ حيثُ يجتمعُ ثلةٌ من علماءِ الدينِ الذين آلَوْا على أنفسِهم أن لا يسمحوا لمارِدِ الفتنةِ أن ينهضَ من قُمْقُمِهِ ولو كلَّفَهم هذا الكثيرَ الكثير من تضحيات.. وحيثُ المكانُ الذي انبثقَ منهُ نورُ دعوةِ الإمام الخميني العظيم "يا أيها المسلمون اتّحدوا".. نرحِّبُ بكَ بكلماتٍ ربما لا تلامسُ فضاءَ ما يستحقُّه حضوركم الكريم وتشريفكم لهذا الصرح الوحدوي الكبير.

من هنا وكونُكُم ستشكلونَ منبراً للثقافةِ التي تعبِّر عن مضمون ما تريدُهُ الجمهوريةُ الإسلامية من وحدةٍ ثقافية إسلاميةٍ تفضي على الوحدةِ في السياسةِ التي تحملُ شعاراً طرحَهُ الإمامُ الخمينيُّ العظيمُ منذ أكثرَ من ثلاثين عاماً "لا شرقية ولا غربية"..

لا شك بأنّ الخطابَ الثقافيَّ، في ظلِّ ما تشهدُهُ المجتمعاتُ المعاصرةُ من تحدياتٍ وتحولاتٍ، هو خطابُ الأزمةِ: فمن جهةٍ، هناكَ الانهياراتُ السياسيةُ والإيديولوجيةُ التي أصابتِ العديدَ من الأفكارِ والنُّظُمِ والمشاريع. ومن جهةٍ ثانيةٍ، هناك الطّفراتُ المعرفيةُ التي شهِدَتْها الفلسفةُ وعلومُ الإنسان، والتي أسفرتْ عن انبثاقِ قراءاتٍ عجيبةٍ غريبةٍ من قبَلِ الملتحقين بركبِ الاستكبار العالمي بستارٍ دينيٍّ مذهبيٍّ لا وجودَ له أصلاً في ديننا. ومن جهةٍ ثالثةٍ، هناك الثوراتُ العلميةُ والتقنيةُ والمعلوماتيةُ التي ندخُلُ معها في طورٍ حضاريٍّ جديدٍ وهذا ما أنجزتهُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ بصبرٍ وأناةٍ وحكمةٍ حتى وصلتْ إلى مصافِّ الدولِ الكبرى في عالمِ التكنولوجيا والبحثِ العلميِّ والطاقةِ النوويةِ التي انتصرتْ من خلالِ إصرارِ القيادةِ الحكيمةِ على تثبيتِ هذا الحقِّ.

أيها الأحبة:لعلَّ أحدَ أهمِّ ملامحِ أزمةِ الخطابِ الثقافيِّ المعاصرِ تكمن في محاولة التعرّف على عناصر ومكوّنات ثقافة العولمة وأدواتها الوظيفية، وكذلك ما تنطوي عليه من قضايا: الثقافة الوطنية، والهوية الحضارية، والخصوصية القومية. وإزاء ذلك كله، يبدو أنه من الضروري أن يعمل المرء على إعادة صياغة وترتيب أفكاره، بما يمكّنه من فهم وتشخيص هذه التحولات العميقة بدايةً، ومن ثَمَّ الانخراط في تحويل وتغيير الواقع الثقافي في اتجاه التكيّف الإيجابي مع معطيات وتحولات العالم المعاصر.

نعم أيها الأحبةُ.. ثمة فروقاتٌ ثقافيةٌ بين الناسِ.. وهي دعائمُ للتلاقي في ما هو إنسانيٌّ عام. وهي، أي هذه الفروقاتُ، سبيلُ الإنسانِ كي تكون الحياةُ أفضلَ مما هي عليه. الثقافةُ هي محاولةُ الممكِنِ والانفتاحِ على الغير، واستهدافِ الحرية. ونحن في هذه المحاولة بحاجةٍ إلى القوة. القوة التي هي حليفُ المعرفة، المعرفة بما هي لسانُ القوة الصحيح. المعرفةُ القائمةُ على طموحٍ إلى الثقافةِ العالية، إلى الحرية، إلى العدالة، إلى عالم ما قبل الظهور.

هذا ما نجدُهُ ماثلاً في دورِكم الكريم أيها المستشارُ.. وهذا ما تنتظرُهُ ساحةُ اللقاءِ والتحاورِ في منتدياتنا وخصوصاً في ما نسعى إليه كتجمُّعٍ للعلماء المسلمين في لبنان.. لينطلق نحو تجمُّعٍ للعلماء المسلمين في العالم.

أهلاً بكم بين أهلكم.. ننهلُ من خيراتِ ما تقدِّمونَهُ للإسلام.. ونتآزرُ للوصولِ إلى مجتمع الإنسانْ.

وفي نهاية الحفل تكلم سعادة المستشار السيد محمد مهدي شريعتمدار قائلاً:  

يسعدني في بداية عملي وفي أول أيام مهمتي في لبنان أن أكون بينكم  في رحاب هذا التجمع الكريم الذي يعتبر أول تجمع علمائي وحدوي يجمع علماء الأمة بمختلف مدارسهم الفكرية على مدى التاريخ الإسلامي ليشكلوا فريقاً واحداً ولا أقول علماء الفريقين وإنما أقول فريق واحد، وأتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الحفل الكريم وللمسؤولين في تجمع العلماء المسلمين على إقامة هذا الحفل وعلى الكلمات الطيبة التي سمعتها ولست أهلاً لها ولكن هذا إنما من حُسن ظنهم ولطفهم عسى الله أن أكون في موضع هذا الحُسن بالظن، يذكرني هذا التجمع بأيام انتصار الجمهورية الإسلامية في إيران بالثمانينات من القرن الماضي ببداية ارتباطي وعملي في لبنان وعلاقاتي مع مختلف الجهات في  هذا البلد بلد المقاومة، يذكرني بالثورة الإسلامية وبالإمام الخميني، يذكرني هذا التجمع بالمقولة الشهيرة للإمام الخميني عن ضرورة مواجهة وعاظ السلاطين وعاظ البلاط، وهذا التجمع هو خير تجمع وخير مثال وخير نموذج، على العلماء العاملين المقاومين الذين يقفون بوجه محاولات وعاظ السلاطين، هذا التجمع هو من ثمار حركة الإمام الخميني الذي أسس لهذا التجمع وبارك تأسيسه، وبقيت هذه المباركة مستمرة منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا، هذا التجمع يذكرني بكبار علماء الأمة بموسى الصدر وشمس الدين وفضل الله والشيخ سعيد شعبان وفتحي يكن وبالشهداء من علماء الأمة الشهيد الصدر والبوطي وراغب حرب وعباس الموسوي، يذكرني بتاريخ هذه الأمة الحافل بالمقاومة والجهاد والشهادة .

اليوم وفي هذا الاجتماع أود أن أشير إلى بعض النقاط إشارة سريعة:

أولاً:ما نعانيه وما نشهده اليوم من معاناة لأمتنا الإسلامية أتصور بأنه يدل على قوة هذه الأمة ومنعتها، لأن أمة ضعيفة لا يمكن أن يُحاك لها كل هذه المؤامرات وكل هذه التحديات.

النقطة الثانية التي أود هنا أن أشير إليها هي الموضوع الذي طالما تحدثت عنه في أكثر من موقع وكتبت أيضاً مقالاً عنه وهو المقارنة بين خطابي الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية وأنتم خير نموذج لتحقيق الوحدة الإسلامية في صفوف أمتنا، أتصور بأن خطاب التقريب ينظر إلى الماضي، خطاب التقريب يركز أحياناً على تفاصيل المذاهب وفيها الكثير من الخلافات، خطاب التقريب خطاب نخبوي ينبغي أن يبقى بين أوساط العلماء وفي أروقة البحث العلمي، بينما خطاب الوحدة الإسلامية الذي أطلقه الإمام الخميني، خطاب ينظر إلى المستقبل يشخص العدو، يلغي كل الخلافات وكل التفاصيل.

وهذه النقطة الثالثة التي أود أن أركز عليها خاصة وأن الأعداء استغلوا موضوع المذاهب الإسلامية ليطرحوا الخلافات بين المذاهب الإسلامية على صعيد الإعلام، وهذا ما نعاني منه اليوم إذ يمكن أن نقول بأن الاختلاف بين المذاهب الإسلامية تقوقع اليوم في اللاوعي في عقل الكثير من المسلمين وهذا الذي يساعد على الكثير من حالات الاستقطاب التي نرى أن الجماعات التكفيرية والمتطرفة تمكنت من خلالها أن تستقطب العديد من شبابنا المسلم لأجل تنفيذ أجندتها لذلك ينبغي أيضاً وأؤكد هنا مرة أخرى بأن نبقي هذا الخطاب خطاب التقريب بين المذاهب في أروقة البحث العلمي.

التعليقات