الفيس بوك.. والثقة المتبادلة بين الزوجين بغزة

الفيس بوك.. والثقة المتبادلة بين الزوجين بغزة
غزة- دنيا الوطن- فداء محمد عبد الجواد

قيل قديمًا الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، لكن هذه المرة يفسد بل ويفرق في بعض الأحيان..!

وكم من دخيل عصري فاجئ المجتمع بحضوره دون استئذان، حتى أنهى أجمل العلاقات، فكان للمسلسلات التركية نصيب، والآن للفيس بوك أيضًا نصيب..!

اختلفت الأزمان واختلفت معها المشاكل الزوجية، إلى أن تطورت الأمور لأن تصبح التكنولوجيا سببًا لإنهاء العلاقة الزوجية أو بين الأحبة من خلال الاختلاف بمصداقية كل منهم..

من الواضح جليًا، أن موقع التواصل الشهير فيس بوك، عمل ضجة عصرية في حياة الإنسان، فهو يجمع بين العالم بكبسة زر، بل إنه الأسرع في نشر الأخبار مهما كانت، فكيف لا..؟  وهو منبع لثورة الربيع العربي، فكيف لا يمكنه أن يكون منبعًا لخلافات الأزواج..؟!

فكل شخص يمتلك شيئًا من الخصوصية، وأصبحت معظم خصوصياتنا عبر الفيس بوك كمحادثات ومشاعر وخلافه، ويبقي السؤال، هل من الممكن أن نشارك أحدًا هذه الخصوصيات، بمنح كلمة السر لأقرب المقربين كالزوج أو الحبيب..؟

من باب المساحة الاجتماعية، ومن باب حل المشكلة، تطرقنا لهذا التقرير الذي يصف ويرقب الحالة عن كثب، لنسلط الضوء من خلاله على قصص انتهت بسبب الخصوصية، وقصص انتهكت فيها الحرية، وقصص فارقت بين الأحبة..!

قصص من الواقع..!

* "تزوجت في عام 2007، وكانت علاقتي بزوجتي جيدة، والحمد لله أنا شخص متدين جدًا وكل معارفي على يقين بذلك، ومن حسن نيتي أعطيت زوجتي كلمة سر حسابي، بدون أن تطلبه هي"، بداية حديث (م.ع) من فرنسا، حيث تابع قائلًا: "للأسف زوجتي لم تصن هذه الأمانة التي حملتها إياها وثقتي التي قدمتها، لأنني على يقين بأن ليس لدي أخطاء أخفيها، فاجأتني باتصالها على جميع صديقات الدراسة حيث لا يميز علاقتي فيهن إلا الاحترام المتبادل، ومنهن زميلات عمل"..!

وأضاف: "اتصلت كذلك على أحد الأصدقاء، اسم عائلته أمل، فكانت الصاعقة الأكبر أنه من ضمنهم، فكانت طعنة في الظهر، فلامني الجميع على الخصوصية والتفريط بذلك"..

وعلى الرغم من الثقة الكافية، إلا أن الإهانة شديدة، فكيف ستكون النهاية، حتمًا إما الطلاق أو الطلاق..!

لا يقف الأمر عند هذا النوع من التعامل والأسلوب واستغلال الثقة لتدمير العلاقة دون وعي..

فهذه قصة تختلف عن سابقتها بخفتها،، فقال (ع.ب) من غزة، "أنا لست ضد إعطاء زوجتي كلمة السر، بالعكس كانت معها، ولكن الغيرة الزائدة من الحديث مع زميلات العمل والأقارب، زاد من إرهاق صحتها، انعكست الغيرة على الصحة، مما جعلني أغير كلمة السر لأريحها من عذاب الغيرة القاتلة"..!

وحول خصوصية أن تعطيه كلمة سر حسابها، قال: "كلمة السر لا تهم طالما هناك ثقة، وإن حسابها بأي وقت يمكنني رؤيته بسهولة"..!

أما عن رأيه حول قبول الفتاة لهذه الفكرة، فقال: "الثقة تحكم الطرفين، فلا مانع من المتابعة بعيدًا عن الشك وأسلوب المراقبة"، على حد تعبيره..

وعلى الرغم من اختلاف القصتين، وبرغم القصص الكثيرة المشابهة التي تعرضنا لها، فإن لجانب الفتيات نصيب من الحديث، فقالت السيدة (ف.م) زوجة وأم لثلاثة أطفال، إن الحياة الزوجية ما هي إلا ثقة بين الطرفين ولا داعي لإخفاء شيء بيني وبين زوجي، في النهاية ما يتم إخفاؤه سيتم اكتشافه، مهما طال الزمن..!

وتطرقت في حديثها قائلة: "حساب الفيس بوك الخاص بي، مسجل على جهاز الكمبيوتر، ومع ذلك زوجي لا يدخل إليه، وفي حال احتاج منه شيئًا طلب مني الإذن، وكل ذلك يعود للثقة فيما بيننا، وأنا أثق فيه، حتى لو رأيته بعيني فلن أصدق"، على حد وصفها..!

ولن نبتعد كثيرًا عن الأحبة، والذين فرق بينهم الفيس بوك، حيث قالت (ج.س): "كلما طلب مني الشخص الذي أحبه كلمة سر الفيس بوك أرفض، فهذه خصوصية من خصوصياتي، ولا يحق لأحد أن يطلع عليها، وكذلك لم أطلب منه كلمة السر الخاصة به أبدًا لثقتي الكاملة فيه، فلِمَ لا يثق بي كما أنا"..؟!

واستطردت تقول: "لذلك قررت الابتعاد قبل الزواج وإلا لكنت الآن في خبر كان، وسأعيش حياة تعيسة، لأنه غير واثق، فمن يخن يخوّن، وبالتالي انتهى الأمر"..!

آراء نفسية واجتماعية..!

ليس من السهل قبول فكرة التدخل بخصوصية الشخص من شخص آخر، مهما وصلت صلة القرابة بينهم، ومع تطور التكنولوجيا وكثرة المواقع المخصصة للدردشات وأهمها الموقع الشهير فيس بوك، أثر سلبًا على عدد كبير من الأسر سواء في المجتمع العربي أو حتى الغربي، وكل ذلك يرجع لنفسية الشخص باختلاف الثقافة ومدى الثقة الموجودة..

ولهذا كان لنا حوار مع د. جميل الطهراوي، متخصص بعلم النفس والاجتماع، لنطرح عليه قضية قبول فكرة معرفة أحد المقربين لنا بكلمة سر حساب الفيس بوك، قائلًا: "طلب معرفة كلمة السر، هو طلب غير منطقي أبدًا لأي طرف من الأطراف، فلو كان يريد معرفة هذا، فلما لا يقول أريد معرفة ماضيك مثلًا ككل"..!

وأضاف: "الشخص الذي يحاول أن يفرض سلطته بهذه الطريقة، هو شخص شكاك بطبعه، ويجب التخلص من مشكلته قبل التدخل في الخصوصية"..

وأكد على ضرورة التوافق بين الطرفين على ثقة متبادلة تصل لدرجة 100%، حتى يتعايش الطرفان معًا بنجاح، دون أدنى فكرة للشك..

وذكر أن الشخص يجب أن يثقف نفسه، ويزيد من ثقته بنفسه، حتى تزيد بشريك الحياة، وأشار إلى أن الثقة بالنفس ليس إلا إحساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله، فتترجم هذه الثقة كل تصرف يقوم به، وبالتالي ينعكس بشكل إيجابي على كل قضية بينه وبين شريك الحياة، ومن ضمنها مشكلة خصوصية الفيس بوك..!

الخصوصية في الدين والشرع..!

ولأننا في مجتمع إسلامي بحت، ولا قضية تمر دون أن تخضع لرأي الشرع فيها، حاورنا الداعية بلال العرقان، لنتعرف أكثر على المضمون، حيث قال: قال الله تعالي: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، فكثيرًا ما يشدد العلماء والفقهاء على أهمية الصراحة بين الزوجين، مؤكدين على أنها طوق النجاة لحياة زوجية بعيدة عن الشكوك، كما واتفق العلماء على أن مصارحة كل طرف للطرف الآخر بكل ما يضايقه منه، هو الطريقة الوحيدة لحياة صحية ونفسية سليمة وأقل توترًا، ولكن هناك  حدودًا لهذه الصراحة والخصوصية (وخاصة في معرفة خصوصية الزوج أو الزوجة في مواقع التواصل الاجتماعي)..

وأشار إلى أن الأصل بين الزوجين الثقة والاحترام المتبادل بينهما، فطلب الزوج كلمة السر من زوجته أو العكس، غرضه شيئان: الأول أن ثقته بزوجته أو بزوجها ضعيفة، والثاني أنه يريد اختبار زوجته أو زوجها لعامل الثقة بينهما..!

وأضاف أن البيت المسلم المستقيم والملتزم بالمنهج الإلهي الرباني هو الذي يقوي الروابط الاجتماعية بين الزوجين، ويقيم لهما السعادة في حياتهما الزوجية، فالتزام الزوجين بهذا يبعث الثقة بينهما في كل شيء وليس فقط في وسائل الاتصال، أما الأسرة المبتعدة عن تعاليم الدين الإسلامي فيظهر بين الزوجين كل الاحتمالات التي تضعف الثقة والاحترام والحب بينهما، وهذا بالطبع يؤثر على الأبناء أيضًا..!

واختتم كلامه، بأنه يجب استغلال هذه المواقع في تقوية العلاقة الزوجية، أما إذا كانت سببًا في الخلافات والمشاكل والفرقة بين الزوجين، فنفتي على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.. والله أعلم..

آراء عبر الفيس بوك..!

لنتعرف على آراء أكبر عدد ممكن من الناس، في موضوع معرفة كلمة السر لدي شريك الحياة، عبر بوست أعددته على صفحتي بشكل خاص، وكان فحوي المنشور (تخيلوا،، أخطب ويجي عريس الغفلة يطلب كلمة السر للفيس،، برأيكم؟؟ أعطيه ولا أطلق..؟!)، وكان المنشور بشكل مازح لنصل لأبرز الآراء من الداخل..

وكانت معظم التعليقات إيجابية لصالح إعطاء الزوج كلمة السر الخاصة بالفيس بوك، ولا داعي لإخفائها، بالمقابل كان هناك تعليقات معارضة، وتساءلت عن الثقة ما بين الطرفين، أين هي..؟!

فقالت: "Yafa Abu Akar طبعا بعطيه مافي خصوصيات بالموضوع طالما انه كنتى ع صواب"، أما Mohamed S. AbuZayda  فقال: "يلي بيطلب.. معناه فش ثقة.. وطالما الثقة انعدمت والحياة مبنية على هذا الأساس.. يبقا بتلزمش من الأساس smile رمز تعبيري رأيي"..

وأحد التعليقات كانت بشكل قوي كما قال الأخ Mahmoud El Askary"اعتقد ان الفيس بوك يجب ان يكون من صلاحيات الزوج أو على الاقل (مرافقة وليست مراقبة) .. لأنه من الاخر انت عرضه وشرفه وان ما بده يصونه يرووووووووح يموت احسن له"..

ومن ضمن الآراء أيضًا، كانت بشكل مازح كأحد التعليقات بأخلعيه، أو كما قالEmad M Albayouk "ههههههه ياخوفى ماانتى تطلبى باسورده وكل خصوصياته"..

وكثيرة هي التعليقات المتعددة بهذا الموضوع التي تنم عن فكرة واحدة، بالغالب أن الزوج يحق له معرفة كلمة السر وكذلك العكس، ولكن الأهم من ذلك الثقة بالنفس والثقة بشريك الحياة المعتمدة على الثقافة الأخلاقية والفكرية فيما بينهما..

 


التعليقات