أمان: التهرب الضريبي جريمة لكن بدون عقاب

رام الله - دنيا الوطن
ناقشت أمان في جلسة طاولة مستديرة في مقرها في رام الله "ظاهرة التهرب الضريبي في فلسطين" من اجل البحث في سبل تطوير اليات المعالجة والمتابعة وايضا محاسبة من يقترفون مثل هذه الجرائم، وجاءت هذه الجلسة بعدما تبين بان جريمة التهرب الضريبي ليست ملاحقة كما الجرائم الاقتصادية الاخرى.

وقدم ممثلوا المؤسسة المُستضيفة (امان) بعد الترحيب بالحضور حلفية حول موضوع اللقاء، وقالوا ان ما دفع الى هذا النشاط هو الحاجة الى معرفة كيف يتم التعامل مع المكلفين بتسديد الضرائب للحكومة، او المتهربين من التسجيل ومن دفع ما يستحق عليهم من ضرائب، وفحص مستوى النزاهة في معالجة الملفات من قبل ادارة الضرائب .

لا تعريف لجريمة التهرب الضريبي
وعرض المستشار القانوني لامان ورقة تطرقت للبعد القانوني لظاهرة التهرب الضريبي حيث اشار الى ان القرار بقانون رقم 8 لسنة 2011  لم يعرف الجريمه ولكنه قرر العقوبات للتعرف على الافعال التي تمثل اشكال التهرب الضريبي ، وقال ان المادة نصت على ان العقاب على الجريمة يكون بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، او بغرامة لا تقل عن 1000  شيكل ولا تزيد عن 10000  شيكل او بكلتي العقوبتين معا .

واشار ايضا الى ان بيئة العمل غير النزيهة او الاجراءات غير الشفافة في إدارة الضرائب تزيد من فرص الفساد، حيث يعتبر الفساد في إدارة الضرائب من المشاكل العامة والمعروفة في دول العالم كافة، ويشكل بناء علاقات شخصية ومصلحية بين مأموري الضرائب من جهة وبين المكلفين بدفع الضرائب او مندوبيهم من مدققي الحسابات من جهة أخرى إلى بروز مظاهر وصور للفساد في هذا المجال. وبشكل خاص عندما يمنح مسؤولي جمع الضرائب سلطات تقديرية واسعة

 

معيقات تجريم المتهربين ومعاقبتهم

 

وناقش الحضورالمشكلات التي تعيق متابعة مقترفي جريمة التهرب الضريبي، وتبين ان اهمها هو المعيق التشريعي، ففي فلسطين لم يجرم التهرب الضريبي كجريمة فساد بشكل واضح إلا إذا إرتبطت بموظف عام، او عندما يتم بتواطئ من قبل موظف عام او اي من الاشخاص الخاضعين لقانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005.

كما اشير الى ان التشريعات الضريبية النافذة في فلسطين موروثة عن حقب تاريخية مختلفة (فمثلا قانون ضريبة الاملاك يعود لعام 1954)، ولم يرد في قانون ضريبة الدخل ما ينص على إجراءات محددة لمنع تضارب المصالح وخاصة في الحالة التي يقوم الموظف بترك عمله والانتقال للعمل في القطاع الخاص، فنصوص القانون لم تكن صريحة بضرورة منع تضارب المصالح، وحتى في الممارسة العملية للإدارة لم يرد أي بند ينص على منع الموظف ومن باب منع تضارب المصالح من العمل في المؤسسات الخاصة بعد انتهاء خدمته في الإدارة.

كما لاحظ المشاركون ان هناك حالات تحايل على قانون تشجيع الاستثمار رقم 1 لسنة 1998 والتعديلات التي أجريت عليه، فالقانون  يمنح اعفاءات وتخفيضات ضريبية لفترات زمنية معينة تتراوح ما بين 5 سنوات و21 سنة. حيث يقوم المستثمرون في بعض الاحيان بنقل ملكية المشروع إلى أقربائهم، ليستفيدوا من فترة إعفاء وتخفيض ضريبي جديدة، خصوصا وانه لا يوجد نصوص قانونية في التشريع المذكور تتيح اعتبار هذا الفعل تحايل على القانون..

تعدد الادارات الضريبية يزيد الامر تعقيدا

وقد أدى تعدد وتنوع الأطر القانونية الناظمة للضرائب في فلسطين، إلى خلق إرباك لدى المكلفين، واضعف قدرتهم على معرفة الهدف من هذه القوانين، ومما يزيد الأمر تعقيدا وجود تعدد في الإدارات الضريبية، التي يشكل كل منها جسما مستقلا قائما بذاته، إلى جانب تعدد الضرائب التي يدفعها المكلفون، وكل ذلك يؤدي إلى اتساع ظاهرة التهرب الضريبي.

واثير في النقاش معيق اخر وهو الخلل الذي تعانيه المؤسسات المسؤولة عن تحصيل الضرائب والرسوم، من إشكالية النقص في الموارد البشرية والإمكانيات المادية والتجهيزات الفنية، الى غياب التنسيق فيما بينها في العمل، وبينها وبين المؤسسات الحكومية الاخرى،  وضعف الزيارات الميدانية من قبل مأموري التقدير على الرغم من تنفيذها، وعدم تناسب عدد مأموري التقدير الذين قدر عددهم ب(88) مقدر ضريبة، مع عدد الملفات التي قدرت حسب ممثل وزارة المالية ب(112000) ملف، هذا إلى جانب الإشكالية المتعلقة بالضعف في متابعة ملفات المكلفين وفحصها باستمرار، لكشف الملفات الوهمية.

كما نوقشت ظاهرة جريمة المحاسب القانوني في مساعدة المكلفين على التهرب، وغياب الاحصائيات الرسمية والدقيقة المبنية على اسس علمية حول تقدير حجم التهرب الضريبي والجمركي، كما ان التأخير في تشكيل المحاكم الجمركية يلعب دورا كبيرا في توسع ظاهرة التهرب الجمركي.

30% من المكلفين المسجلين يلتزمون بالدفع

النقاش الذي شارك به ممثلون عن المؤسسة الرسمية والنيابة العامة والضابطة الجمركية ودائرة ضريبة القيمة المضافة ودائرة ضريبة الدخل من وزارة المالية وعدد من الاكاديميين وممثلي القطاع الخاص وطاقم امان، تطرق الى أن أشكال التهرب الضريبي تجمع بين غير المسجلين والمسجلين غير الملتزمين بدفع الضرائب وهنالك نسبة ضئيلة مسجلة وملتزمة بالدفع لا تتعدى 30 % ،  وان ايرادات ضريبة الدخل لا تتجاوز 7% من قيمة الايرادات الفلسطينية، وتطرقوا الى اهمية العدالة الضريبية بين محافظات الوطن وعدم اتخاذ مبدأ تمركز السلطة في منطقة لرفع الضرائب عليها.

وتم الاتفاق على اهمية وجود آلية لمتابعة المكلفين والمسجلين من قبل دائرة الضريبة اضافة الى وجود آلية ربط بين الوزارات ذات العلاقة لتسهيل عملية دفع الضرائب لدى المواطنين. اضافة الى نقص موضوع عدد الموظفين والكادر المتواجد في دائرة الضرائب غير كافي، مما يزيد عبء العمل على الموظفين الذين يعتبرون كفاءات ووجب تقديم حوافز للموظفين الكادحين من ناحية ومن ناحية اخرى وجب اعادة توزيع الموظفين بين الوزارات لوجود ضغط عمل على وزارات بعكس وزارات اخرى وتوفير الوسائل والدعم اللوجستي والتي من شأنها تسهيل عمل الموظفين.

توضيح التشريعات من اهم التوصيات

وقد خرج المشاركون في اللقاء بتوصيات كان اهمها تعديل القانون وتوضيحه بشكل يبين تعريف الجريمة واشكالها وعقوبتها وجهة الاختصاص للتعامل معها حيث ان التشريعات الموجودة لا تساعد على ملاحقة من تثيت بحقهم جرائم في مجال الضرائب وتم الاتفاق على انه يجب فرض عقوبات ادارية على الموظفين التي يشتبه بتورطهم في قضايا وتجاوزات تخص التهرب الضريبي، ويجب ايضا تمكين اليات الرقابة على كيفية التعاطي مع الملفات الضريبية، لضمان عدم حدوث تلاعب او استغلال او تواطؤ بسبب او لاخر، واعادة توزيع الكادر بين الوزارات بحيث يتم تكثيف الكادر في الوزارات ذات العبء الاعلى بعدد اكبر من الموظفين بعكس الوزارات ذات العبء الاقل، والربط بين الوزارات ذات العلاقة لتسهيل سريان العمل. وضرورة توفير الوسائل اللوجستية التي تساعد الموظفين في انجاز عملهم، اضافة لاهمية الرضى الوظيفي لهم،