قصة الأسير "منصور" الذي فقد ذاكرته في السجون الإسرائيلية : حيٌ في قبر مظلم !

قصة الأسير "منصور" الذي فقد ذاكرته في السجون الإسرائيلية : حيٌ في قبر مظلم !
رام الله - دنيا الوطن- رنا شحاتيت 
" مسكت يديه ، وقبلتهن، ونظرت إليه لتقول له أنا أمك يا منصور جاية أزورك وأتطمن عليك ما عرفتني " !

بتلك  الكلمات أنهت أم منصور حديثها لـ مراسلة "دنيا الوطن" . 

الأسير منصور يوسف شحاتيت سكان مدينة دورا بالخليل ، المحكوم 17 عاماً  ، المعتقل منذ  عام 2004م ،منصور  ممن  فقد ذاكرته في سجون الإحتلال بسبب سياسة العزل الإنفرادي والضرب والإهمال الطبي . 

تقول أم منصور واصفة أول 6 سنوات من أسره:  " كان صحيح الجسم ، يمارس التمارين الرياضية ، يتمتع بلياقة عالية وكان يحفظ أجزاء من القرآن الكريم ، وحصل على دورتين لحفظ الحديث والترتيل ، هو يكتب الشعر ويُلقي  الخطب ويأم بالأسرى يوم الجمعة "، مبينه أن منصور ابنها تلقى تحذيراً عدة مرات  ، مما دفع بإدارة السجن لعزله والإعتداء عليه بالضرب وخاصة على رأسه مما أفقده جزءاً  من ذاكرته  . 

وتتابع أم منصور حديثها لـ "دنيا الوطن" ، والحسرة تسكن عينيها ، والرجفة تملأ صوتها الحزين: " وضعوه في العزل الإنفرادي سنتين وستة شهور  في بداية أسره "، تصمت برهة لا تتجاوز الثانية ثم تُتابع حديثها " تم منعي من الزيارات لفترات طويلة وفي كل مرة كنت أراه كان وضعه الصحي يزداد سوءً لأنه كان يتم إعطاءه مسكنات وأدوية لم تفي بالغرض  ولم يتم عرضه على أطباء متخصصين لإنقاذ ذاكرته قبل أن يتنفس الحرية"، توقفت قليلاً وبدأت الدموع تتساقط على ما تحمله من صور لابنها تتمتم بصوت جريح: " حتى عندما كنت أزوره لم يكن يعرفني " . 

وبعد تنهيدة طويلة  تتابع لمراسلة دنيا الوطن " حتى لو ما كان يعرفني رغم ذلك كنت أزوره ، ورغم وضعه الصحي وفقدانه للذاكرة ، كنت أجده مكبل اليدين والقدمين ، حيث أنني أقطع مسافات طويلة حتى أصل لزيارته ولم يكن يعرفني، كل الزيارة عشر دقائق، كما أنه كان يُطلب مني إلغاء الزيارة بسبب وضعه الصحي والنفسي الذي لم يكن مؤهلاً لأن يعلم ما يحيط به " 

يُذكر أنه تم ترحيل الأسير خلال شهر رمضان ثلاث مرات في ثلاث  سجون ( مجدو ، والنقب ، ونفحة ) في عزل إنفرادي ، وفي الفترة الأخيرة تم منع والدته من زيارته  من إدارة السجون بسبب وضعه الصحي والنفسي . 

ويصف برفسورا كان مطلعاً على وضع منصور الصحي قائلاً " أن الناقل العصبي سيروتونين يفرز من خلايا الدماغ ،وعدم إنتاجه بكميات كافية يؤثر على التركيز ، والوضع العاطفي للشخص  ، وحالة من عدم التركيز والنسيان ويقود إلى الإكتئاب الحاد ،كما أن عدم وصول الناقل العصبي دلافين إلى بعض خلايا  الدماغ المسؤولة عن حركات  الجسم  تسبب تيبساً في العضلات مؤدي إلى اضراب النطق والمشي وأداء المهاورات اليومية ويسبب رعشة في اليدين ، وسبب كل هذا إما إصابة في الرأس أو تناول العقاقير الطبية  " وهذا  ما حدث فعلا. 

هذا وقد وصفت محامية هيئة شؤون الأسرى  والمحررين شيرين عراقي بعد لقائها منصور ، أنه يعاني من مرض نفسي وأنه يعيش في خيال ، وأنه غير مؤهل نفسياً أو صحياً لأن يبقى محتجزاً في السجن في ظل عدم وجود رعاية من إدارة السجون .

وتابعت قائلة أن الأسير يأخذ 6 حبات دواء في اليوم ويبقى نائماً على السرير .

هذا  وقد وصل عدد الأسرى المصابين بأمراض نفسية تزداد ليصل إلى 25 حالة ، وأن إدارة السجون بدل من توفير قسم للعناية بهم تلجأ لزجهم بالزنازين والعزل الإنفرادي وإعطائهم بعض المسكنات الخطيرة