دولة الاحتلال تشرع التعذيب والقتل العمد للأسرى

رام الله - دنيا الوطن
صادقت الكنيست الإسرائيلية (البرلمان الإسرائيلي) الخميس 30 يوليو 2015 بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون الإطعام القسري للأسرى المضربين عن الطعام، بعد أن كان قد تقدم باقتراح القانون وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد اردان تحت مبرر أن الأسرى معنيون بتحويل الإضراب عن الطعام لعملية انتحارية من نوع جديد يحقر فيها دولة إسرائيل، وقد تمت المصادقة على مشروع القانون بموافقة 46 عضوًا في الكنيست، ومعارضة 40 عضوًا من أعضاء الكنيست، ووصفه من قبل هذه المعارضة المتمثلة بالقائمة العربية بأنه يمثل كارثة ويعتبر وصمة عار وأن الدولة فقدت كل التعقل وبات فيها النظام فاشيًا.

حيث أن هذا القانون يجعل من الأطباء شياطين يعذبون الأسرى وهم مكبلين بالأسرة والمقاعد، من خلال إدخال أنبوب من الأنف إلى المعدة عن طريق المريء لتمرير ما يسمى بالغذاء بالقوة، وأن ذلك يشكل نوعًا من أنواع التعذيب وإن اطعام الأسير المضرب عن الطعام قسرًا يخالف ارادته ويتناقض مع قانون حقوق المريض وبذلك وضعت اسرائيل قرار تغذية الأسير قسراً بيد المحكمة وليس بيد لجنه طبية مختصة.

كما أن إسرائيل تكون بذلك أدرجت ضمن قوانينها وتشريعاتها قانون يسمح بتعذيب المضربين عن الطعام وكسر إرادة الأسرى عبر انتهاك حقهم وحريتهم بأجسادهم، وكان الأجدر بدولة الاحتلال الإسرائيلي اذا أرادت وقف إضرابات الأسرى عن الطعام معالجة الأسباب التي دفعت الأسرى للإضراب عن الطعام لأنهم لا يملكون من وسائل الدفاع عن أنفسهم ولتحقيق شروط حياة إنسانية داخل المعتقلات سوى هذه الوسيلة، كإلغاء الاعتقال الإداري، وتوفير ظروف إنسانيه للأسرى الفلسطينيين في السجون بدلًا من استخدام هذه الوسائل الإجرامية التي تنتهك الأخلاقيات الطبية ويعتبر هذا التشريع وفقًا لنقابة الأطباء العالميين كما ورد في وثيقة طوكيو ومالطا بأنه ( تعذيب)، كما ادانته نقابة الأطباء في إسرائيل.

إن المصادقة على قانون التغذية القسرية يمثل ضربًا من ضروب التعذيب وإساءة المعاملة، ويهدف الى توفير غطاء قانوني لجرائم التعذيب التي ترتكبها قوات مصلحة السجون الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين ويمثل ذلك انتهاكاً لأخلاقيات مهنة الطب المتعارف عليه دوليًا، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي وتحديًا سافرًا للأعراف والمواثيق الدولية التي حرمت التغذية القسرية، وأكدت على ضرورة احترام سلطات السجون لحرية وكرامة المعتقلين .

إن قانون التغذية القسرية يعطي الضوء الأخضر لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية وطواقمها الطبية بقتل المزيد من المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وهذا ما حدث عندما لجأت مصلحة السجون الإسرائيلية لاستخدام التغذية القسرية (الزوندا) بحق الأسرى الشهداء عبد القادر أبو الفحم سنه 1970م في سجن عسقلان، والشهداء راسم حلاوة وعلى الجعفري سنه 1980م في سجن نفخة، والشهيد إسحاق مراغة سنه 1993م في سجن بئر السبع، حيث أن جميع هؤلاء الأسرى استشهدوا خلال محاولة تغذيتهم قسرًا لكسر اضرابهم عن الطعام.

إننا نؤكد أنه في حال تمرير هذا القانون العنصري المخالف لكل المواثيق والأعراف الدولية، سيشجع دولة الاحتلال على اتخاذ العديد من القوانين الفاشية والعنصرية ضد الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، كما حصل سابقًا بما يسمى قانون شاليط الذي قدمه عضو الكنيست المتطرف داني دانون الذي أدى الى التضييق على الأسرى في كل مناحي حياتهم، كمنع الزيارات، والمنع من التعليم، ومصادرة الحقوق الأساسية للأسرى التي نصت عليها المواثيق والاتفاقات الدولية بحق الاسرى وهناك العديد من القوانين العنصرية التي سنها الاحتلال بحق الأسرى وسيقوم بسنها لاحقًا، الأمر الذي يتطلب من الجميع الوقوف في وجه سياسة دولة الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لقوانينه العنصرية من خلال تكاثف الجهود الرسمية والشعبية ومنظمات حقوق الانسان في وجه هذه القوانين العنصرية.

إننا في برنامج غزة للصحة النفسية ننظر بخطورة بالغة للمصادقة على قانون التغذية القسرية بحق الأسرى الفلسطينيين وتأثيراته النفسية على الأسرى وذويهم ومدى مخالفة هذا القانون للتشريعات والقوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية ومعاهدة مناهضةالتعذيب وأخلاق مهنة الطب من حيث مشاركة الأطباء في تنفيذ هذا القانون الغير أخلاقي.

كما أننا نطالب جميع المؤسسات المحلية ومنظمات حقوق الانسان والسلطة الوطنية الفلسطينية بضرورة الوقوف إلى جانب الأسرى لمنع سريان هذا القانون وعلى السلطة التوجه للمحافل الدولية للضغط على دولة الاحتلال لوقف هذه القوانين.

كما نناشد مؤسسات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والبرلمانات في العالم للتوجه إلى حكوماتهم ومطالبتها ممارسة الضغط على دولة الاحتلال لوقف سن هذه القوانين التي تشرع التعذيب وتنتهك كرامة الإنسان وتشكلل سابقة خطيرة في التاريخ الإنساني للتعامل مع الأسرى في العالم أجمع.