بعد التعديل الوزاري : ثلاثة خيارات أمام "حماس" ..؟

بعد التعديل الوزاري : ثلاثة خيارات أمام "حماس" ..؟
غزة - خاص دنيا الوطن - احمد العشي , تسنيم الزيّان وأسامة الكحلوت

انفردت دنيا الوطن بخبر حصرى عن التعديل الوزارى الجديد فى حكومة الوفاق الوطنى، ونشرت اسماء الوزراء الجدد المرشحين لحلف اليمين غدا الجمعة امام الرئيس محمود عباس.

وفى رد سريع على هذا التعديل الوزارى قال القيادى فى حركة حماس اسماعيل رضوان، ان هذا التعديل خارج التوافق الوطنى ويفتقد للناحية الدستورية والتوافقية، وان هذا التعديل يمثل انقلابا على المصالحة وتعتبر حكومة انفصالية بعد التفرد بهذا القرار السياسى.

مشيرا الى ان حماس ستجرى حوارا مع الفصائل الفلسطينية لتحديد الموقف المناسب تجاه هذا التعديل الوزارى، وسيتم الاعلان عن نتائج هذا الحوار مع الفصائل فى موقف موحد.

 واقرت بذلك حماس رفضها لهذا التعديل علنا منذ نشره على دنيا الوطن،  الا ان القرار الاخير سيكون بعد الاجتماع مع الفصائل، مع احتمالية وجود اتصالات فى الساعات الاخيرة لمحاولة تقبل حماس لهذا التعديل، وسيكون امام حماس عدة خيارات فى المرحلة المقبلة.

 
حكومة ارض الواقع بغزة "حكومة ظل" 

واكد المحلل السياسي والكاتب اكرم عطا الله ان التعديل الوزاري اذا كان في اطار التوافق مع حركة حماس فان ردة الفعل من الحركة لن تكون كبيرة ، وانما يأتي في اطار السياق العام للحكومة في اخذ دورها بصرف الرواتب و القيام بواجباتها، اما اذا كان هذا التعديل بمعزل عن رأي حماس فانها لن يكون لديها خيارات كثيرة لاجراء تغيير كبير في هذا الوضع ، وبالتالي فان هذا التعديل لن يلزمها مع بقاء الوضع كما هو عليه .

واوضح عطاالله لـ"دنيا الوطن" هناك ادارة خاصة لحركة حماس في غزة فهى تفرض الضرائب وتتحكم في المعابر وتقوم بعمليات الجباية وكل ذلك بمعزل عن حكومة التوافق".

وبين المحلل السياسي ان حركة حماس بالاساس لم تعط الوزراء صلاحياتهم ولم تتعاطى معهم، و ستستمر حركة حماس في التعامل معهم كما الوضع السابق، لافتا الى انه الى حد ما فان حماس لن تسمح لهم بالذهاب الى وزاراتهم و ممارسة عملهم، موضحا ان الوضع سيبقى على ما هو عليه.

وتوافق المحلل جهاد حرب مع رأى عطالله ، فقد اشار انه بحسب السيناريو التي ستتخذه حركة حماس تجاه الوزراء الجدد، فقد اكد انه ستكون في البداية ممانعة من الحركة واعتراض ولكن اذا ما قررت القيادة السياسية لحركة حماس قبول هذه الحكومة فانها ستتعامل معها كبقية الحكومات الاخرى.

 واضاف حرب الى ان حركة حماس لديها حكومة ظل في قطاع غزة وبالتالي هي لا تحتاج الى تشكيل لجنة وطنية او حكومة جديدة في قطاع غزة، وستبقي على ادارتها في الحكومات بقطاع غزة. 

أسباب التعديل الوزارى وقانونيته   

  وفي السياق ذاته رأى أكرم عطا الله ان التعديل الوزاري ليس تغييرا كبيرا في الحكومة، مشيرا ان التعديل اجري لما يحقق رغبة رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله والذي قال ان هناك بعض الوزراء ضعفاء ويريد تغييرهم، مشيرا الى ان هناك بعض الخلافات بين رئيس الوزراء وبين بعض الوزراء في حكومته، حيث جرى توسيع الحكومة ثم تغيير حكومة ثم حكومة وحدة وطنية ثم العودة عندما وضعت حركة حماس شروطها.

وقال عطا الله : "من الافضل العودة الى اجراء تعديل وزاري يتوافق مع القانون الفلسطيني بحدود خمس وزراء وبالتالي وضعهم مثل الوزراء السابقين".

واضاف عطا الله لدنيا الوطن : "بهذا التعديل فاننا لسنا امام حكومة جديدة و انما هو تعديل طفيف يسمح به القانون، حيث ان تغيير خمس وزراء داخل الحكومة لن يؤدي ذلك الى حكومة جديدة".

وقال المحلل السياسي حسام الدجني: " اعتقد أن متخذات القرار لحركة حماس تستند على ضوء شكل التعديل وهل تم التعديل بالتوافق معها أم لا ، وبذلك أصل الحكومة حكومة التوافق الشرعية 50% حركة فتح و50% حركة حماس وبذلك موقف حماس لن يخرج عن إطار أنها حكومة توافق وطني لا تمتلك أي شرعية"، لافتا إلى أن حماس ستذهب إلى عدم الاعتراف بتلك الحكومة إلا في حالة واحدة إن كان هناك اتصالات،و في الساعات الأخيرة لن يكون هناك أي اتصالات بين الطرفين أو موافقة من قبل حركة حماس على هذا التعديل .

وبين الدجنى بقوله لدنيا الوطن " كنا نتمنى جميعا أن تكون حركة حماس مشاركة بحكومة الوحدة الوطنية، ولكن طالما أن الرئيس ارتضى تلك الحكومة، كما أن تلك الحكومة حكومة توافق وطني  وليست حكومة دستورية سياسية بمعنى تمتلك الشرعية الدستورية والسياسية من خلال المؤسسة التي تمنحها وهي المجلس التشريعي الفلسطيني"، منوها أن  الحكومة بحاجة إلى 51% في إطار التوافق الوطني حماس عندما تخسر 50% اعتقد لم يبقى شئ أمام  الحكومة.

تشكيل لجنة لادارة قطاع غزة و"إبطال اتفاق الشاطئ"

وفي سياق التوقعات , قال أكرم عطا الله: "التعديل الوزاري لن يدفع حركة حماس الى تشكيل حكومة في غزة حيث ان ادارتها لقطاع غزة قائم دون ان يتعارض ذلك مع حكومة التوافق".

واشار الكاتب عطالله الى ان حركة حماس لن تعلن عن تشكيل لجنة لإدارة غزة، لافتا الى ان الحركة تدير فعليا قطاع غزة دون الاعلان عن تشكيل اللجنة و ستستمر في ذلك، مبينا انه اذا حدث اي شيء ستقوم كتلة التغيير والاصلاح في المجلس التشريعي بإقراره كما حدث مع ضريبة التكافل، نافيا في الوقت ذاته ان تقوم حركة حماس بإتخاذ اجراءات انفصالية اضافية عما هو موجود على ارض الواقع وقد تتخذ اجراءات جديدة ولكن دون الاعلان عنها.

فيما اختلف المحلل السياسي جهاد حرب مع راى عطالله قليلا، حيث قال ان لدى حركة حماس خيارين، الاول رفض هذا التعديل وبالتالي ابطال اعلان الشاطئ او انهاء الشراكة وهذا يعني تشكيل حكومة جديدة في قطاع غزة، اما السيناريو الثاني هو القبول بهذا الاتفاق ضمنيا على اعتبار ان الحركة تمسك بزمام الامور في غزة.

خيارات حماس

   وقال حرب لدنيا الوطن : "هناك أمران، الاول اما ان تقبل ولكن ان تكون على اطلاع على عمل الحكومة في قطاع غزة، او ان ترفض عمليا التعديل الحكومي من خلال عدم تمكين الحكومة التوافقية من العمل الحكومي داخل القطاع".                

واكد حرب ان رفض حماس للتعديل الحكومي هو المتوقع منها للضغط على الحكومة، لافتا الى انه سواء قبلت حماس بالحكومة مستقبلا او لم تقبل فهي اعلنت موقفا مبدئيا من ذلك .

ورأى ان حركة حماس ستناور في اطار توسيع ما يتم الحديث عنه من شروطها للقبول بهذه الحكومة للعمل في قطاع غزة.

وبين المحلل السياسي حرب انه ربما تتخذ حماس اجراءات انفصالية بشكل اكثر ردا على التعديل الوزراي، لافتا الى ان ذلك احد السيناريوهات المحتملة بمعنى امكانية تشكيل حكومة جديدة في قطاع غزة بعيدة عن الاطار، مستبعدا هذا الخيار، وربما يكون هناك تشدد في المواقف التي ستتخذها حركة حماس فيما يتعلق بالتعاطي مع الحكومة.

وتقارب رأى المحلل حرب مع الكاتب الدجنى فى الخيارات المتاحة امام حركة حماس تجاه هذا التعديل، حيث قال المحلل حسام الدجنى في حديثه لـ "دنيا الوطن" : " نحن أمام سيناريو العودة إلى نقطة الصفر ما قبل إعلان الشاطئ . وان حماس لن تعترف بالحكومة لأنها خارج نطاق الحكومة والشرعية من وجهة نظرها وسيكون أمامها خيارات أخرى قد يكون تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة بغض الطرف عن تلك الحكومة .

وربما يكون هناك توافق مبطن دون الاعتراف بها ظاهريا مما يجعل حماس تسمح لها بممارسة عملها بالقطاع إن أثبتت النوايا الحسنة تجاه ملفات قضايا قطاع غزة"، مشيرا إلى أنه في إطار النظم السياسية تلك الحكومة لم تأخذ ثقة المجلس التشريعي لذلك الشرعية الدولية التي تمتلكها هي شرعية توافقية في حال لم توافق عليها حماس فهي حكومة غير شرعية" حسب اقوال المحلل حسام الدجنى".

وأوضح الدجني أنه في حال قررت حماس أن الحكومة ليست حكومة توافق وطني وغير شرعية سيكون مصيرها الذهاب إلى الضفة الغربية أو تقديم استقالتهم لعجزهم عن العمل، وان تركتهم حماس يعملوا سيكون في إطار عدم الشرعية، مضيفا: " إن من لا يتوافق مع الكل الوطني ممكن أن يتخذ إجراءات انفصالية فالكل متهم في موضوع الانفصال والخطوات الأحادية فتلك الحكومة كانت حكومة توافق وطني وكان من مهامها أن يوافق الطرفين على التعديل وبالتالي من يتخذ القرار هو من يبدأ بالانفصال بالضفة الغربية عن قطاع غزة".

وأكد الدجنى أنهم كمراقبين إذا أرادوا أن يحصروا الخيارات فحماس أمامها ثلاث خيارات الخيار الأول هو تشكيل لجنة حكومية أو مجلس أمناء لإدارة قطاع غزة بالتوافق مع الفصائل، وهذا الخيار يمكن أن يكون الأكثر دقة ، أما الخيار الأخر ترك الحكومة تعمل والاعتراف بها كأي جسم يعمل ويقدم خدمات للشعب الفلسطيني .

اما الخيار الثالث من الممكن أن تبحث حماس عن مخرج من خلال التواصل لتشكيل حكومة وحدة وطنية وبذلك تجاوز تلك المعضلة سينعكس بشكل سلبي على بنية النظام الفلسطيني وبالتالي سيتم تبادل الاتهامات مابين شرعية وغير شرعية وهذا بالتأكيد سينعكس على ملفات الاعمار وعلى واقع قطاع غزة بشكل عام .

وأضاف الدجني : " المستفيد الوحيد من ذلك إسرائيل التي ستستغل الوضع وستزيد من مشاريع الاستيطان في الضفة وستقوم بالانفراد بالمفاوض الفلسطيني  من خلال المفاوضات الغير مباشرة مع حركة حماس في قطاع غزة، هذا الموقف سيضعف بنية النظام الفلسطيني وكل طرف سيكون مهيأ لتقديم تنازل للاحتلال الإسرائيلي"

وتبقى هذه التحليلات رهن التأكيد خلال اليومين المقبلين بعد اجتماع حركة حماس بالفصائل الفلسطينية بغزة، وقد يتغير رفض حماس للتعامل مع هذه الحكومة مع الساعات المقبلة بتدخلات واتصالات محلية او دولية بين الطرفين.