(تحقيق) : سيارات الضفة بلا مأوى !

(تحقيق) : سيارات الضفة بلا مأوى !
رام الله - دنيا الوطن
تحقيق : هيثم الشريف
" فجأة اصبح موقف السيارات الذي كنت اركن به سيارتي مغلق فركنتها في الشارع! هذه مشكلة كبيرة في كل المحافظات، الأبراج السكنية بجانب بعضها البعض ولا يوجد بها مواقف للسيارت! كيف حصلت البنوك والصالات والمطاعم وغيرها على الخدمات من البلديات دون توفر مواقف سيارات لديها؟ كيف تحولت مواقف السيارات في البنايات إلى شقق او مخازن أو مستودعات؟" ليست هذه الاسئلة من مواطن واحد، بل من عدة مواطنين في مختلف المحافظات، ممن عانوا من جراء عدم وجود او الغاء مواقف السيارات في البنايات السكنية او التجارية، حيث باتت شوارع محافظات الوطن تعيش ازمة مفتعلة نتيجة لذلك، وسنحاول خلال هذا التحقيق الذي استمر العمل عليه قرابة 3 اشهر الإجابة على ما ورد من اسئلة.

المواطن رضوان عوده من نابلس، اضطر لركن سيارته في موقع يبعد عشرات الأمتار عن أحد البنوك التي قصدها، فعبر لنا عن انزعاجه من ذلك" يفترض في البنوك  والمؤسسات الخدماتية ان يكون لها مواقف خاصة لركن السيارات،  ولا اعرف هل هذا تقصير من المؤسسات الخدماتية نفسها او تقصير من الهيئات المحلية التي لا تلزم بذلك".


فيما حمّل المواطن عيد المسلماني من رام الله المسؤولية للبلديات والهيئات المحلية إضافة لوزارة الحكم المحلي عن ذلك" تقع المسؤولية على تلك الجهات لأنه لايوجد شروط قاسية ضد من يقوموا بالبناء دون تخصيص مواقف للسيارات، لذلك نرى ان الكثير من المطاعم والكوفي شوب وقاعات الأفراح والساحات ومعظم المرافق الترفيهية دون مواقف سيارات بشكل عام".

رجل الأعمال يوسف مطاوع التميمي، مالك مطعم القدس، من الخليل قال" ان المطعم حصل على الترخيص لثلال سنوات متتاليه، لكن بلدية الخليل اوقفت ترخيص المطعم بحجة عدم كفاية مواقف السيارات، وأضاف" قالوا لنا ان محلات المطعم كانت في الاساس مرخصة على اساس مكاتب، وانت فتحت مطعم، بالتالي هناك عدد من مواقف السيارات الواجب توفرها، فأوقفوا ترخيص المطعم لحوالي 7 سنوات، الأمر الذي دفعنا لشراء قطعة ارض خلف المطعم، بما يعادل نص مليون دينار كي نخفف أزمة السيارات في رأس الجورة ككل، وبالتالي حصلنا على الرخصة مجددا، علما انه وفي فترة تجميد الرخصة، كان هناك تعامل ازوداجي، اذ ان بعض الصالات وبعض البنوك وبعض المؤسسات كانت تآخذ الترخيص، وتتلقى الخدمات كاملة رغم عدم وجود مواقف سيارات لديها".

الإزدواجية في التعامل اكد عليها ايضا مالك قاعات ريماس للمناسبات والأفراح في الخليل، رجل الأعمال ومدير شركة مكتبة الحرمين عبدالرحمن العسلي" قبل سنوات قمنا ببناء مكاتب ومستودعات خاصة بالشركة، وقمنا بتوفير 12 موقف سيارات لهذه الغاية، لكن الأوضاع الأقتصادية المتردية، دفعتنا لتحويل المشروع بالكامل إلى صالات، وحين توجهنا للبلدية لتقديم طلب خدمات الكهرباء، رفضت البلدية ان تعطينا اذن الإشعال، وقالوا بأن قاعات الأفراح يلزمها حوالي 50 موقف سيارات، لذلك ومنذ ان قمنا بافتتاح القاعات قبل 5 سنوات، ونحن نعمل على مولدات الكهرباء! ومن الواضح أن هناك إزدواجية في التعامل، فانظر إلى معظم قاعات وصالات الأفراح الموجودة، لا يوجد لدى معظمها مواقف سيارات، ومع ذلك تتلقى خدمات الكهرباء، وينطبق ذلك على البنوك الحديثة المنتشرة في اكثر من موقع، والتي جميعها تتلقى خدمات الكهرباء رغم عدم وجود مواقف سيارات لديها، ناهيك عن العديد من مواقف السيارات التي اسست لهذه الغاية في بعض البنايات، والتي تحولت لمخازن او لأسواق تجارية وغيرها". 

تكرار ذكر المؤسسات الخدماتية ومن بينها قطاع البنوك  التي ليس لديها مواقف سيارات بحسب بعض المستثمرين والمواطنين  نقلنا لسلطة النقد الفلسطينية والتي حاولنا التعرف من خلالها  على دورها وصلاحياتها في هذا الشأن، حيث قال رئيس قسم الترخيص في سلطة النقد الفلسطينية عنان السامري" قبل ان يبدأ البنك بتجهيزاته،  يقوم فريق متخصص من سلطة النقد بزيارة الموقع للتحقق من مدى امكانية ملائمة المقر المقترح لتجهيزات ومتطلبات سلطة النقد، وبعد منح المصرف الموافقة على البدء بالتجهيزات تتم زيارة البنك للكشف النهائي على المقر،  للتحقق من قيام المصرف بتحقيق كافة شروط متطلبات سلطة النقد، علما أن كافة مقرات البنوك الجديدة ملزمة بتوفير مواقف للسيارات تتناسب  مع طبيعة الخدمة المقدمة وعدد العملاء والموظفين،  أما بالنسبة للمقرات القديمة فتراعي سلطة النقد عند اعادة تأهيل هذه المقرات ان تلبي كافة المتطلبات ذات العلاقة، بالتالي استطيع ان اقول أنه وفي السنوات الأخيرة، خاصة  بعد اصدار التعليمات رقم 2 للعام2011، لا يوجد أي مشكلة من ناحية مواقف السيارات من ناحية المصارف، المتوفره في نفس تلك المقرات او بالقرب منها".

بدوره قال مدير عام المهن السياحية في وزارة السياحة والآثار، رئيس اللجنة الوطنية لتصنيف الفنادق الفلسطينية علي ابو سرور" في قانون السياحة الفلسطيني لا اشارة للمواقف بالمطلق وهذا خلل، مع ذلك بالتالي اعتقد ان المُشّرع في هذا الموضوع يستند لجهة اخرى مسؤولة عن المباني وهي البلديات، لكن البلديات تعطي المنشآت الترخيص اللازم وفق معايير غير معروفه، بالتالي عندما يأتيك مواطن أو مستثمر حاصل على رخصة البلدية(وفق الشروط التي من المفروض أن تكون واضحة في موضوع مواقف السيارات)، وكل متطلبات الترخيص من أذونات لديه، تكون امام أمر واقع، ولا تستطيع  ان تقول له انت غير جاهز!".

فرض الأمر الواقع  كما تقول وزارة السياحة والآثار، واقوال بعض المستثمرين والمواطنين، دفعنا للتوجه لبعض البلديات المسؤولة بشكل مباشر ورئيسي عن ترخيص المباني السكنية والتجارية، فكان ان التقينا برئيس قسم الأبنية في بلدية الخليل المهندس جاد ابوصبيح، والذي اوضح قائلا" حين تقدم لنا مخططات الترخيص لأي منشأة ، ندرس المخطط ونتأكد من وجود مواقف للسيارات فيه، كما يوقع المواطن او المستثمر على تعهد عدلي من خلال محكمة البلدية يصادق عليه لدى كاتب العدل بخصوص الإلتزام بتوفر مواقف السيارات، فيما بعد ذلك من الممكن ان تحصل بعض التجاوزات فيما يخص الأبنية، وذلك بسبب طمع المستثمرين. مع ضرورة الأشارة إلى أن البلدية لا تقوم بإعطاء الخدمات لأي مبنى تم تغيير مواقف السيارات فيه، علما أن تغيير صفة استعمال العقار أحيانا، تتم خارج نطاق البلدية، وذلك من خلال قرارات محكمة تصدر ويتم تنفيذها في الدوائر المالية بدون الرجوع إلينا! أما بخصوص قاعات وصالات الأفراح ، فأقل من 10% من عدد تلك الصالات حاصلة على ترخيص صالة بشكل كامل، حيث ان بقية تلك الصالات لم تؤمن لغاية الآن متطلبات الترخيص والتي من اهمها مواقف السيارات، وفيما يتعلق بكيفية حصول تلك الصالات على الخدمات كالكهرباء، فجواب ذلك انهم قد حصلوا على اشتراكات الكهرباء  قبل ان يتم تحويل تلك المحال او المخازن او غيرها إلى صالة، ".

طمع المستثمرين اكد عليه رئيس قسم التنظيم في بلدية نابلس المهندس مصباح كنعان" الثغرات ليست بالبلديات أو المجالس او القانون او النظام، الثغرة في استعمال المواطن لهذا النظام، فلماذا ايها المستثمر الذي قمت بترخيص بناية تشمل طابق مخصص لمواقف السيارات، لماذا تريد بيعه لزيادة كسبك المالي، على حساب من سيحرمون من ركن سياراتهم؟".

كما شدد المهندس مصباح كنعان على ما يتم من الزام اصحاب البنايات بتراخيصهم دون تغيير صفتها" فيما سبق بعض طوابق مواقف السيارات تحولت بقرار من المجلس البلدي، وربما تم ذلك في الماضي لوصول معلومات مغلوطة دفعته للموافقه على تحويل صفة استخدام العقار، بكل حال نحن نعمل على معالجة تلك الحالات الفردية، بالتالي وفي بلدية نابلس من يريد ان يرخص، عليه ان يلتزم بالترخيص المقدم له، يعني لو قمت بترخيص مكاتب لا نقبل تحويلها لمدرسة، ولو رخصت شقق لا نقبل ان تحول إلى مكاتب، وهكذا،  وإلا فلن يحصل على اذن الإشغال ولن يتلقى الخدمات".

اتهام المستثمرين من قبل بعض الهيئات المحلية، و تحميل المواطنين والمسثتمرين المسؤولية لتلك الهيئات، دفعنا لأخذ رد وزارة الحكم المحلي، حيث قالت  مديرة دائرة التنظيم والترخيص المهندسة ليالي مقدادي" بما يتعلق بتغيير صفة استخدام العقار، اذا لم يقدم المواطن لوزارة الحكم المحلي أو للبلديات  بمخططات تعديليه، فليس دورنا أو دور الهيئات المحلية مراقبة تغيير صفة العقار، علما انه نعم بعد اصدار الرخصة في البنايات السكنية او التجارية الإستثمارية، يتم الكثير من المخالفات بخصوص مواقف السيارات، علما أنه وبحسب النظام يتم استيفاء 7 الآلاف دينار عن كل موقف غير موجود في المباني التجارية".

تنصل بعض الوزارات والهيئات المحلية ذات الصلة  من مسؤولياتها، وانكار وجود مشكلة من قبل بعض الهيئات، لا يعد المشكلة الوحيدة المتعلقة بالترخيص بل يمتد الأمر لمدى التزام بعض البلديات بتطبيق نظام الأبنية للهيئات المحلية، ومدى قانونية الأنظمة الخاصة المطبقة والتي أجازها القانون ولكن وفق شروط، حيث قالت مديرة دائرة التنظيم والترخيص في وزارة الحكم المحلي"حسب القانون مسموح لأي بلدية ان يرافق مخططها الهيكلي نظام خاص فيها، لكن يجب ارسال  النظام والمخطط الهيكلي لوزارة الحكم المحلي، من اجل دراسة النظام واعتماده من  قبل مجلس التنظيم الأعلى، ومن ثم من مجلس الوزراء لاحقا، وفي هذا الإطار لدينا  مشكلة كبيرة في مدينة الخليل بالذات، لأنه ما من تغطية قانونية للقرارات التي تصدر عن بلدية الخليل، نظرا لعدم استكمال المخطط الهيكلي، وبالتالي لأنها لا تتبع أي نظام معتمد".

الأمر الذي دفعنا لإعطاء حق الرد للبلدية، فكان ان التقينا بوكيل عام البلدية، ورئيس الوحدة القانونية فيها وفي شركة الكهرباء، المحامي توفيق قفيشة، حيث رد قائلا" نحن نطبق القانون الأردني والأوامر العسكرية الإسرائيلية( للأسف) ونطبق مجلة الأحكام العثماينة، وهذا الواقع نحن مجبرين عليه، أما فيما يتعلق بالمخطط الهيكلي فهو لغايات أخرى وضعت في القانون لا علاقة لها نهائيا بالترخيص، فالترخيص واجب بنص القانون الحرفي، وباسم الدائرة القانونية استطيع القول انني مسؤول عن أي قرار من الممكن ان تتخذه البلدية في مواجهة أي مواطن إذا كان هذا القرار المتعلق بالترخيص مخالف للقانون".